شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

دلالات العفو الملكي عن مزارعي القنب الهندي

المبادرة تهدف إلى معالجة الأوضاع الإنسانية للمزارعين الصغار وإدماجهم في الاستراتيجية الجديدة

الأخبار

بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب لهذه السنة، أصدر الملك محمد السادس أمره بالعفو عن مجموعة من الأشخاص، منهم المعتقلون ومنهم الموجودون في حالة سراح، المحكوم عليهم من طرف مختلف محاكم المملكة وعددهم 685 شخصا. وبالمناسبة نفسها تفضل الملك بإسباغ عفوه على 4831 شخصا من المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي المتوفرين على الشروط المتطلبة للاستفادة من العفو.

 

منطلقات اجتماعية وإنسانية

ينطلق العفو الملكي الصادر بمناسبة ثورة الملك والشعب، والذي استفاد منه صغار المزارعين المدانين أو المتابعين، بشكل حصري، في ملفات الزراعة غير المشروعة للقنب الهندي، من منطلقات اجتماعية وإنسانية نبيلة، لتمكين هذه الفئة من المواطنين من التخلص من الآثار القانونية للمتابعات القضائية والاندماج مرة أخرى داخل المجتمع.

وفضلا عن الجوانب الإنسانية لهذه الالتفاتة المولوية السامية، فإنها ستمكن المشمولين بها من الاندماج في الاستراتيجية الجديدة التي انخرطت فيها الأقاليم المعنية في أعقاب تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي والأثر المهيكل الذي سيحدثه نشاطها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تصنيع وتحويل وتصدير القنب الهندي واستيراد منتوجاته لأغراض طبية وصيدلية وصناعية، وكذا المساهمة في تطوير الزراعات البديلة والأنشطة غير الفلاحية.

وأفادت المصادر بأن هذا العفو السامي يؤشر على حرص الملك محمد السادس على جعل كل المناسبات الوطنية الكبرى مناسبة سانحة لاتخاذ مبادرات إنسانية كبيرة في نبلها ومقاصدها، تستحضر مبادئ الرأفة والتسامح، وتستشرف مصلحة المستفيدين من العفو، في ظل المصلحة الفضلى للمجتمع ككل، خاصة أن هذا العفو يأتي في سياق الآثار الإيجابية التي خلفها العفو الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش المجيد، والذي كان قد استفاد منه 2476 شخصا، من بينهم صحافيون ومدونون مدانون في قضايا الحق العام، ومستفيدون من برنامج مصالحة لمواجهة الخطاب المتشدد داخل السجون.

وتبرهن هذه المبادرات الملكية المتواترة كيف أن العفو السامي هو عبارة عن آلية واحدة ومتكاملة، تستمد مرجعيتها من القيم الكامنة في كل مناسبة وطنية، وتنهل غاياتها ومقاصدها من الروح الإنسانية للملك، التي تأخذ بعدا تقديريا ينأى بنفسه عن كل الظروف والاعتبارات السياسية الداخلية والخارجية.

وأوضحت المصادر أنه، على غرار العفو الملكي بمناسبة عيد العرش المجيد، رفع العفو الملكي الصادر في ذكرى ثورة الملك والشعب سقف التطلعات عاليا، وفاجأ الجميع بمعالجته لوضعيات اجتماعية صعبة لفئات عريضة من صغار المزارعين، بشكل يسمح لهم بمعاودة الاندماج في محيطهم الاجتماعي، والانخراط في أنشطة مشروعة منتجة للدخل بما لا يتعارض مع القوانين والتشريعات الوطنية.

وبخصوص الأبعاد الإنسانية والسوسيو- اقتصادية للعفو الملكي، تضيف المصادر، فهو تكريس جديد للنهج الإنساني الواضح والجلي الذي تبناه الملك محمد السادس، على مدى ربع قرن، والذي جعل التسامح والعفو والعطف ركائز أساسية لسياسة جلالته الاجتماعية التي كانت رمزا للرأفة والإنسانية. وشددت المصادر ذاتها على أن هذا العفو الملكي على المزارعين البسطاء يعيد التأكيد على نبل وسمو المبادرات الملكية التي تتميز بطابعها الإنساني الرفيع والسيادي البارز، الذي يسمو فوق كل الظروف العابرة.

ويأتي هذا العفو الملكي كمبادرة إنسانية وخيرية تهدف إلى معالجة الأوضاع الإنسانية للمزارعين الصغار، بشكل يسمح لهم بالعودة بسلام إلى أحضان أسرهم والتجمع مع أهلهم وذويهم، كما تشكل المبادرة الملكية للعفو عن صغار المزارعين لنبتة القنب الهندي خطوة حل اجتماعي غير مسبوق، تكرم بها الملك محمد السادس، وذلك في استمرار للدينامية الجديدة التي تنهجها المملكة، والرامية إلى تحقيق تنمية شاملة وعادلة ومشروعة على المستويين الجهوي والوطني.

 

توطيد مسار التقنين

من شأن هذا العفو الملكي أن يساهم في توطيد مسار تقنين سلسلة القنب الهندي ذي الاستعمالات المشروعة والمشاركة في تعزيز النسيج الاجتماعي وتحسين للأوضاع الاقتصادية للمستفيدين ولأفراد عائلاتهم.

إن قرار العفو، الذي شمل صغار مزارعي نبتة القنب الهندي الذين كانوا موضوع متابعات قانونية، يتماشى والأهداف المسطرة لورش تقنين وتطوير الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي الذي يروم الرقي بالمستوى المعيشي للساكنة المحلية من خلال تحسين دخلهم بصفة قانونية، كما أن مبادرة العفو عن المزارعين تتسق وأهداف الاستراتيجية المنتهجة لتطوير سلاسل القنب الهندي المشروع وذلك من خلال إتاحتها فرصا أكثر للمزارعين المستفيدين وتوجيههم نحو الانخراط في أنشطة قانونية مدرة للدخل.

ومن شأن هذا القرار تحقيق العديد من المكاسب تتمثل في إعادة الإدماج الاجتماعي للمزارعين، وتحسين مداخيلهم، وإرساء قواعد ممارسات أكثر استدامة، والنهوض بالمناطق المعنية، وتوفير حماية المزارعين من خلال تجنب المتابعات القضائية والمشاكل الاجتماعية والعنف وانعدام الاستقرار والأمن الأسري والفقر. وتندرج هذه الخطوة في إطار مقاربة بديلة وشاملة تصب في صالح المملكة والمزارعين على حد سواء، حيث ستمكن من الحد من استغلال وهيمنة تجار المخدرات، وستعزز عودة السكان الممارسين للزراعة غير المشروعة إلى مجالات الزراعة القانونية.

إن هذه المبادرة المحمودة بالعفو عن المتابعين في قضايا الزراعة غير المشروعة للقنب الهندي تتوافق وروح القانون الهادف إلى تأطير زراعة القنب الهندي وتنظيم القطاع، ولا تعني البتة شرعنة زراعة القنب الهندي خارج الضوابط القانونية.

وتعد هذه المبادرة الملكية، ذات الدلالات الإنسانية، وسيلة لإنهاء كافة الرواسب السلبية التي تفرزها الزراعة غير المشروعة للقنب الهندي، خصوصا على الفلاحين الصغار من خوف من الاعتقال ومخالفة القانون. إذ تصب هذه البادرة في صالح العدالة الاجتماعية والإدماج الاجتماعي عبر تمكين هؤلاء المزارعين من منافذ قانونية للاشتغال؛

وستفسح هذه الخطوة المجال لآلاف المواطنين للخروج من سياقات التيه والمشاركة الحقيقية في أنشطة قانونية مدرة للدخل والمساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي وتحقيق استقرار نفسي وأسري اجتماعي، وبالتالي تمنح المبادرة الملكية الأمل لمئات الأسر التي عانت من تبعات قانونية واقتصادية قاسية، كما ستمكن من إتاحة الفرصة لإعادة دمج المزارعين في النشاط الاقتصادي بما يساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي وتحسين دخل الأفراد، وسيساهم العفو الملكي بشكل مباشر في تحسين الاستقرار الاقتصادي للأسر المتضررة.

وبفضل هذا القرار، سيتمكن المزارعون من إعادة الانخراط في النشاط الزراعي بشكل قانوني، مما يتيح لهم توفير دخل مستقر وكريم لأسرهم، كما أن العفو الملكي عن مزارعي القنب الهندي يحمل في طياته تأثيرات إيجابية متعددة، ليس فقط على الأفراد المستفيدين مباشرة من العفو، بل على البيئة المحلية بأكملها، لأنه، من خلال هذا العفو، يتم منح هؤلاء المزارعين فرصة لإعادة بناء حياتهم وتجاوز العقبات التي كانت تعترض طريقهم، بالإضافة إلى أن هذا القرار يعيد لهم كرامتهم ويتيح لهم الفرصة للمساهمة في الاقتصاد المحلي من خلال ممارسة أنشطة زراعية قانونية ومستدامة.

ويمثل العفو الملكي خطوة هامة نحو تعزيز التنمية المحلية في المناطق التي تعتمد على زراعة القنب الهندي، من خلال تحويل هذه الزراعة إلى نشاط قانوني ومنظم، وتثبيت الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي بهذه المناطق مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة. ومن شأن قرار العفو أن يمكن المزارعين الصغار، موضوع متابعات قانونية، من الولوج إلى مجال الاستعمالات الطبية والتجميلية لنبتة القنب الهندي بما يسمح بإدماجهم في اقتصاد قانوني ومنفتح على الصناعات الصيدلية والمجموعات الاقتصادية، ويقطع الطريق على الشبكات الإجرامية التي تنشط في الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية.

 

حماية المزارعين من المنظمات الإجرامية

أبرزت المصادر أن العفو الملكي الصادر في حق صغار مزارعي نبتة القنب الهندي صادر عن وعي بالأوضاع الاجتماعية المتدهورة التي يعيشها هؤلاء المزارعون الذين كانوا يخضعون على مدى سنوات لسيطرة المنظمات الإجرامية، وبذلك يأتي هذا القرار تعزيزا للدور الريادي والاستراتيجي الذي تضطلع به المملكة في مجال التعاون الدولي لمكافحة شبكات التهريب الدولي للمخدرات، عبر حماية مزارعي نبتة القنب الهندي من الوقوع في براثن هذه الشبكات، والحد من الانعكاسات السلبية لانتشار الزراعات غير المشروعة على الصعيدين الوطني والدولي.

ويأتي العفو، الذي أسبغه الملك على المزارعين التقليديين لنبتة القنب الهندي، تكملة لما تم التأسيس له من خلال القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي الرامي إلى استيعاب وإدماج مزارعي المناطق المعنية في أنشطة مدرة للدخل، وتحقيق طفرة اقتصادية بالمناطق المعنية ستكون لها انعكاسات جلية على الأوضاع الاجتماعية للساكنة، وقطع الطريق أمام المهربين مع التشديد على استمرار المغرب في التضييق على أباطرة المخدرات ومحاربة الاتجار الدولي في الممنوعات الذين يستغلون خوفهم وهشاشة الوضعية الاقتصادية لعائلاتهم.

مستفيدون من العفو الملكي: مستعدون للانخراط في الاستراتيجية الجديدة لزراعة القنب الهندي

 

الأخبار

 

أكد المعتقلون المستفيدون من العفو السامي الذي تفضل الملك محمد السادس بإسباغه، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، على الأشخاص المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي، «تعبئتهم» القوية للانخراط في الاستراتيجية الجديدة التي اعتمدتها المملكة لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي.

وأعرب هؤلاء، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، لدى مغادرتهم السجن المحلي عين عائشة (إقليم تاونات)، عن عزمهم المساهمة في إنجاح هذه السياسة الجديدة التي تهم بشكل مباشر ساكنة المناطق المعنية، سيما بإقليم تاونات.

وقال أحمد، المتحدر من كتامة وأحد المستفيدين من هذه الالتفاتة الملكية النبيلة، التي تعكس، برأي جميع المراقبين، ليس فقط حسا إنسانيا عاليا وعطفا مولويا ساميا، بل تجسد، أيضا، الحكمة والنجاعة في حل الإشكالات المعقدة المرتبطة بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية: «سيكون بمقدوري الآن زراعة القنب الهندي بشكل قانوني والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية لمنطقتي وبلدي».

ويتعلق الأمر، أيضا، بالتفاتة ذات حمولة إنسانية كبرى تهدف إلى وضع حد للتداعيات السلبية للزراعة غير المشروعة للقنب الهندي، سيما بالنسبة لصغار المزارعين، من خلال توفير فرص مشروعة لكسب قوت يومهم.

وبالنسبة لعبد السلام، وهو معتقل آخر مستفيد، فإن هذا العفو الملكي ينضاف إلى المبادرات الإنسانية العديدة التي ما فتئ جلالة الملك يطلقها لفائدة شعبه الوفي، وخاصة لصالح الفئات الاجتماعية الهشة.

وقبل الالتحاق بأسرته الصغيرة بغفساي، قال عبد السلام: «شكرا لجلالة الملك الذي ينصت دوما لشعبه وانشغالاته».

ويشكل هذا العفو الملكي السامي تجسيدا لرؤية مجتمعية شاملة تدعو إلى إدماج المواطنين الذين يواجهون تحديات اقتصادية واجتماعية. كما يجدد التأكيد على الانخراط الجماعي في توفير فرص للاندماج من خلال تعزيز العدالة الاجتماعية وتحسين ظروف عيش الفئات المعوزة.

من جهة أخرى، اغتنم عدد من المستفيدين من العفو الملكي هذه المناسبة للإشادة بالمبادرات التي تطلقها مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء.

وأكد رشيد، المتحدر هو الآخر من كتامة، أنه «بفضل هذه المؤسسة، تمكنا من تعلم مهن ستساعدنا على كسب قوت يومنا بكرامة»، مبرزا أن مغادرته أسوار السجن «ستدخل الكثير من البهجة» على والدته المريضة والطاعنة في السن.

ومن ضمن 4831 شخصا المستفيدين من هذا العفو الملكي، يتحدر 1341 شخصا من إقليم تاونات، بينهم 45 معتقلا و1083 متابعا في حالة سراح، و213 شخصا مبحوثا عنهم.

من جهتها، عبرت ساكنة إقليم تاونات، التي تلقت هذا العفو الملكي بكثير من البهجة والسرور، عن شكرها الحار وامتنانها العميق لجلالة الملك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى