دكاكين تلفزية
تناسلت في مصر مجموعة من الدكاكين تسمى اعتباطا «قنوات تلفزية» نشأت في ظل نهج ليبرالي عشوائي يحكمه منطق المال والوﻻءات الظرفية، لكن ﻻ تحكمه ضوابط مهنية واضحة المعالم. ويبقى القاسم المشترك لقنوات القطاع الخاص المصري أنها تعتبر المغرب حائطا قصيرا وكأنه اليتيم في مأدبة اللئام، فبعضها اختزل المغرب كله في كلمتين لا ثالث لهما: «دعارة وسحر» كما فعلت ذلك مؤخرا «الاعلامية» ريهام سعيد في برنامجها على إحدى الدكاكين التلفزية، وبعضها حكى في دكان آخر بأن مدينة الدارالبيضاء كانت صحراء قاحلة مثلها مثل الرباط، وأنه لا فنادق تستحق الذكر في طنجة، وأن الشعب المغربي أسقط الحكومة وغيرها من الدرر التي رددها توفيق عكاشة صاحب دكان قناة «الفراعين» الذي لم يفتر على المغرب إﻻ لسب حكومة بلاده وأكل الثوم بفم المغاربة.
وكانت «اﻹعلامية» أماني الخياط قبل مغادرتها لدكان قناة «أون تي في» السباقة إلى تفجير «العقدة المصرية» إزاء المغرب، حيث زعمت أن اقتصاد البلاد يقوم أساسا على الدعارة وأن وباء السيدا استفحل بين الساكنة وغيرها من التهيؤات واﻷوهام التي حاولت عبثا تسويقها، مما يذكرنا بتجليات أخرى لـ «العقدة المصرية»، في زمن مضى حين كان المنتخب المغربي لكرة القدم يقابل نظيره المصري، فتنهال الصحافة المكتوبة بالقاهرة على المغرب بأوصاف ونعوت لا يمكن أن تصدر سوى عن خيال مريض. وقد سار فنانون مصريون على هذا المنوال ومنهم ليلى علوي ويوسف شعبان بعدما وصفا الشعب المغربي بأنه يهودي يتستر على ديانته الحقيقية بالإسلام. وكذلك فعل الممثل الطاعن في السن حسن حسني حين أنهى مشواره بنعت المغرب بـ»المطعم الجنسي» لمن يريد تفجير مكبوتاته. وعزفت «اﻹعلامية» وفاء الكيلاني في دكانها لحنا آخر حين أكدت أن المغرب «بلد السحر والشعوذة الخطيرة وعالية المستوى».
لقد أفلست الدكاكين التلفزية المصرية إفلاسا مبينا وإﻻ لما بحثت عن مادة اﻹثارة في المغرب دون غيره متغاضية عن وجود عشرين دولة عربية أخرى لا يتجرأ إعلاميو الدكاكين على الاقتراب منها حتى لا تحترق أصابعهم أو تتوقف التحويلات البنكية التي تصب في حساباتهم والمدفوعة لهم من جهات تعمل على اختراق الرأي العام المصري تمهيدا للترويج للأطروحة الانفصالية الفاسدة. إنها لعبة مكشوفة لا يصلح معها الركون لشعار «شوف وسكت».