القنيطرة: المهدي الجواهري
ما زال ملف المجزرة البلدية التي زايد بها رباح وإخوانه على المجلس السابق أثناء وجودهم بالمعارضة منددين خلالها بوضعيتها المزرية، يعيش الحالة نفسها رغم مرور ما يقارب ثماني سنوات على تسيير «البيجيدي» لمدينة القنيطرة، بل زاد الوضع سوءا بالمجزرة البلدية التي تعتبر من الملفات المرتبطة بصحة المستهلك القنيطري، رغم ملاحظات المجلس الأعلى للحسابات الذي أعد بخصوصها تقريرا أسود، حول غياب إدارة تسهر على حسن سير هذا المرفق وعلى مراقبة نوعية اللحوم والكميات المذبوحة وضبط المخاطر الصحية، واستمرار المجزرة في استغلال آليات متهالكة لا تخضع لعمليات التنظيف والتعقيم، وضعف إنتاجيتها بسبب انتشار الذبيحة السرية.
مجزرة لا تحترم شروط السلامة الصحية
دقت الجمعية المغربية لحماية حقوق المستهلك ناقوس الخطر بشأن وضعية المجزرة البلدية، التي ما زالت تعتمد على آليات ومعدات وتجهيزات تعود لفترة الاستعمار، كما أن المجزرة نفسها وضعية بنايتها وبنيتها التحتية مهترئة، ولا تستجيب لمعايير الجودة المطلوب توفرها في هذا النوع من المرافق المرتبطة بصحة المستهلك، نتيجة انعدام النظافة والشروط الصحية في الفضاء الخاص بالذبح، فيما تعتري التجهيزات الخاصة بتعليق الذبائح الصدأ في تناف مع شروط النظافة ومعايير السلامة بشأن المواد الموجهة نحو الاستهلاك، ناهيك عن انتشار الحشرات والجرذان وسط هذا المرفق، مما يشكل خطورة على الذبائح وعلى العاملين بالمجزرة.
وأكدت مصادر من الجزارين للجريدة، أن الحالة المزرية للمجزرة بالقنيطرة تعكس تقاعس رئيس مجلس جماعة القنيطرة عن القيام بواجبه في تكوين لجنة مشتركة تسهر على السلامة الصحية، والتي تستوجب عليه التدخل لدى جميع المحلات لفرض احترام معايير الجودة، في حين أن المجزرة التابعة للبلدية تحت مسؤوليته وتدبيره المباشر وتفتقد لأبسط الشروط، من حيث انعدام المرافق الصحية كالمراحيض وغياب معالجة بقايا النفايات التي تصب في مجاري الصرف الصحي، ناهيك عن الوسائل والتجهيزات البدائية والقديمة التي طالها الصدأ، بالإضافة إلى الأعطاب المتكررة التي تطال آليات التبريد، وهو ما يخالف المعايير المعتمدة في مجال الوقاية الصحية المرتبطة بمكتب السلامة الصحية التابعة لوزارة الفلاحة.
وكشفت مصادر «الأخبار» أن المشاهد المقززة لوضعية مجزرة القنيطرة تخالف منظومة الجودة المعمول بها في المجازر العصرية، وهو ما تسبب في تقهقر مداخيل ورسوم الذبائح على غرار تدهور مداخيل سوق الجملة للخضر والفواكه، مما يكشف حسب المعطيات التي توصلت بها الجريدة عن ارتفاع منسوب الذبيحة السرية بالمدينة، وولوج بقايا الذبائح بالأسواق الأسبوعية المجاورة كسوق السبت والاثنين إلى بعض محلات الجزارة بالقنيطرة، وهو مخالف قانونيا وصحيا.
جمعية حماية المستهلك تدخل على الخط
أكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، في حديثه لـ«الأخبار» أن الحالة الراهنة للمجزرة تستوجب إغلاقها النهائي فورا، لكونها صارت خطرا على صحة سكان القنيطرة، مستغربا استمرار استعمال آليات توجد بها تعود لسنة 1954، موضحا أن بعض المدن استغنت عن المجازر القديمة وهيأت مجازر عصرية تستجيب لشروط السلامة الصحية من حيث المعمار والتجهيز، في حين أن المسؤولين بالقنيطرة ما زالوا لم يفرجوا عن مشروع المجزرة الذي تم الوعد به منذ عشر سنوات.
المجلس الإقليمي ينقذ الوضع
نشبت خلافات حادة بين المجلس البلدي للقنيطرة والمجلس الإقليمي، الذي يترأسه جواد غريب عن التجمع الوطني للأحرار، حول إحداث مجزرة عصرية إقليمية بمبلغ مالي قدر ب 4 ملايير سنتيم، نظرا لعدم وجود مجزرة بمواصفات تحترم شروط السلامة الصحية للذبائح، وفق معايير المكتب الوطني للصحة الغذائي «أونسا».
وعرفت إحدى دورات المجلس الإقليمي مناقشة النقطة المتعلقة باتفاقية إحداث المجزرة الإقليمية بمنطقة «الفوارات»، داخل الجماعة الحضرية القنيطرة، تدخلات أعضاء حزب «البيجيدي» الذين يوجدون في المعارضة، حيث عارضوا من خلالها هذه النقطة، لكون المجلس البلدي قام بالمصادقة عليها خلال إحدى الدورات، وذلك من أجل الهيمنة على العقار الذي يوجد عليه المشروع حتى يتمكن المجلس البلدي من وضع يده على المجزرة الإقليمية، مبررين ذلك بكون الغلاف المالي المخصص لإنجاز المشروع كان مخصصا في البداية للمجلس البلدي السابق، وتم تحويله إلى خزينة المجلس الإقليمي في عهد أحد الولاة لجهة الغرب سابقا. وحسب المعطيات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن إنجاز هذا المشروع يدخل في إطار البرنامج الرباعي للتأهيل الحضري، وأن هذه العملية تمس بجوهر مشروع برنامج وزارة الداخلية الذي تم الاتفاق بشأنه من طرف الشركاء.
وأكدت مصادر مطلعة أن المجلس الإقليمي تشبث بالمشروع، باعتبار هذا المرفق له طبيعة استراتيجية إقليمية في إطار الشراكة بين الجماعات، وهو المنحى الذي أصبحت تأخذ به بعض المجالس لتدبير بعض المرافق، التي تجد الجماعات صعوبة لتدبيرها لوحدها، مثل قطاع النفايات والمجازر وأسواق الجملة.
وكشفت المصادر ذاتها أن المجلس البلدي حاول بسط يده للتحكم في هذا المرفق بخلفيات سياسية أكثر منها حول التدبير المشترك، خاصة أن الواقع بين أن العديد من القطاعات ما زالت تعاني صعوبات ومتوقفة رغم صرف الملايير على إنجازها كالأسواق النموذجية، والتفريط في المرافق الحيوية التي كانت تضمن مداخيل سنوية للجماعة، كالسوق النموذجي للحبوب الذي تم تفويته في فترات انتخابية إلى جمعيات موالية للحزب، فيما يعيش سوق الجملة للخضر والفواكه أوضاعا مزرية، سواء على مستوى التسيير أو المداخيل الهزيلة، التي أصبحت تطرح أكثر من علامة استفهام.