شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقارير

دفاعا عن المهرجانات 

في المغرب وحده يمكن أن ترى خلال أسبوع واحد مهرجانا للجاز في طنجة، وآخر للراب والهيب هوب في الدار البيضاء، وثالثا للغناء الصوفي في وزان، ورابعا للفنون الإفريقية في الرباط. وهذا تنوع فني قلما نجده في بلد ما، وهو يعكس مدى انفتاح المغاربة وعراقتهم وتعطشهم للفنون.

سوى أن ما وقع في حفل منصة الرباط، خلال المهرجان المنظم في إطار فعالية الرباط عاصمة الثقافة الإفريقية، وما تلاه من حوادث مؤسفة في حفل البولفار بالدار البيضاء، يفرض إعادة النظر في طريقة تنظيم المهرجانات الفنية بالمغرب، ووضع ضوابط صارمة تضمن سلامة الجمهور وعدم تخريب المنشآت العمومية، وتحميل المنظمين مسؤولية أي خروج للفنانين عن قواعد اللياقة والاحترام التي يحددها القانون، وفي الوقت نفسه تطبيق القانون بصرامة ضد كل من يستغل المنصة والميكروفون للمس بالأخلاق والحياء العام، دفاعا عن صورة المغرب، وصونا لهذا الموروث الثقافي من العبث.

فبلا شك أن المهرجانات أصبحت في حاجة إلى التقييم وإعادة التنظيم، من أجل تعزيز جوانب قوتها ومعالجة ما يعتريها من قصور واختلالات، صحيح أن المهرجانات ليست مجرد نمط فني، بل هي حقل فني شامل له فاعلوه المختلفون، ولهم أساليب متعددة تنعكس في شكل ومضمون منتجاتهم الفنية، وأن لكل جيل فنه وطريقة تعامله مع الموسيقى، ولكل فنان خطته في صناعة قاعدة جمهوره، لكن لا يمكن أن يصبح ذلك مبررا للتطاول على قيم المجتمع، والتشجيع على تعاطي المخدرات، خلال المهرجانات التي تنظم بأموال دافعي الضرائب.

بطبيعة الحال اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت الفنية ليست ﺗﺮﻓﺎ أو مجرد متنفس للتسلية، وهي ليست وسيلة لإهدار المال العام كما يحاول البعض تسويق ذلك، إﻧﻬﺎ محطات وصناعات وفضاءات موجودة في قلب الاستراتيجيات التنموية في كل الدول. لذلك فنحن مع مزيد من المهرجانات الفنية والمناسبات الثقافية والإشعاعية، وتوسيع رقعتها لتشمل كل ربوع المملكة، لأنها تقوم بتسويق صورة المغرب عالميا والترويج للنموذج المغربي، لكن لسنا مع المهرجانات التي تضعنا في الحرج، وتطبع مع الجريمة وقلة الحياء.

فهناك فرق كبير بين المهرجانات التي نشأت لتعبر عن حياة وصراعات فئة اجتماعية مهمشة، وهم فقراء المدن بالذات الذين يسكنون المناطق العشوائية، أو المدن القديمة، وبين تحويل تلك المهرجانات إلى فضاء للاعتداء على القانون، ووكر لتشجيع تعاطي المخدرات والتحرش والسرقة وقاموس السب والقذف. إن بقاء مثل هاته المهرجانات دون تنظيم من طرف السلطات الوصية، هو ما يشجع خطاب تجار الأخلاق أفرادا أو مجموعات على ممارسة الوصاية على الفن والمهرجانات، لأنهم يجدون الفرصة لذلك في غياب من يهمهم الأمر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى