شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

دعم ورفع للدعم

افتتاحية

كشف عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، عن التفاصيل المالية للدعم الشهري المباشر الموجه ‏للأسر وشروط الاستحقاق والمصادر التي سيتم توظيفها خلال 3 سنوات المقبلة، سواء عن طريق الموارد الذاتية للدولة، أو عبر العائدات الجبائية المتعلقة بالمساهمة الاجتماعية التضامنية على الأرباح والدخول الخاصة بالمقاولات. وبالموازاة مع ذلك تم الإعلان بكل جرأة سياسية عن دخول قرار رفع الدعم عن غاز البوطان والرفع من ثمن القنينة الكبيرة 30 درهما خلال السنوات الثلاث المقبلة.

مبدئيا، لا يمكن لأي شخص أن يكون ضد سياسة الدعم المباشر للأسر محدودة الدخل والفقيرة في ظل السياق الاجتماعي والاقتصادي الصعب، الذي تمر منه بلادنا والذي جعل من التضخم غولا ينهش جيوب وموائد المغاربة. ولاشك أن تحويل أموال المقاصة لكي يستفيد منها الفقراء مطلب طال انتظاره، خصوصا وأن صندوق المقاصة تحول إلى بقرة حاحا النواحة يجري استنزاف حليبها وسلبه من الأثرياء قبل الفقراء، وهو ما لا يتماشى مع المقصد الاجتماعي من إحداث صندوق المقاصة سنة 1941، إبان الحماية الفرنسية على المغرب.

لكن التوجس الذي عادة ما يرافق عمليات تحرير المواد المدعمة هو أن يتم دون تدابير احترازية كما حصل مع قرار حكومة عبد الإله بنكيران في مواد المحروقات، والتي جعلت المواطن في مواجهة تقلبات السوق.

إن رفع الدعم عن «البوطا»، وتعويض ذلك بالدعم الاجتماعي المباشر للأسر، لا ينبغي أن ينسينا أن الأمر لا يتعلق بقنينة نستعملها في البيت، بل بمادة حيوية في حياتنا اليومية تستعمل في المقاهي والمخابز والمواد الفلاحية وصناعة بعض مواد الاستهلاك، وهو ما يعني الزيادة في أسعار بعض المواد إذا لم يتم تحصين القرار بتدابير احترازية تحد من أضراره على القدرة الشرائية للمواطن.

فالهدف ليس هو تحرير المواد وتقديم الدعم العمومي، بل أن يكون القراران يخدمان معيشة المغاربة ولا يزيدانها عبئا فوق عبء. صحيح أن الحكومة بتعليمات ملكية وفرت بيئة بديلة للدعم خارج صندوق المقاصة، سواء ما تعلق بالدعم العمومي المباشر أو دعم السكن أو التغطية الصحية المجانية أو الزيادة في الحد الأدنى للأجور. وهذه شروط مناسبة غابت كليا عن قرار رفع الدعم في عهد حكومة عبد الإله بنكيران، لكن هذا لا يمنع من تحصين القرار ضد التجاوزات التي يمكن أن تطول معيشة المواطن في جوانب أخرى.

وما ينبغي أن تستوعبه الحكومة جيدا أن قرار مثل الذي أعلنت عنه مهما كان جيدا لكنه يحتاج إلى مناخ اجتماعي مستقر وبعيد عن التوترات الاجتماعية، فالمزاج المغربي معكر بالقضية الفلسطينية وبتداعيات الاعتداء على حقوق رجال ونساء التعليم ومنزعج من ارتفاع كلفة المعيشة، والمرحلة تقتضي من بعض الوزراء المساهمة بالتحلي بالمسؤولية وعدم دفع البلاد نحو المجهول، كما يفعل وزير التربية الوطنية والذي لا شك أن تدبيره سيكون له أثر سلبي على قرارات استراتيجية تبنيها الدولة بتدرج وجرأة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى