دروس مفصلية في الحياة
بقلم: خالص جلبي
هذه قواعد مفصلية في الحياة للتطبيق التمعت في ذهني ونقشت في أعصابي منذ أن وعيت على الحياة، وهي أثقل من الجبال الراسيات:
1)) لا يوجد مشكلة من دون حل: المشكلة عادة ليست فيها بل في موقفنا منها.
2)) كرس قاعدة الفيلسوف (إبكتيتوس): ليس هناك شر مطلق في العالم، تأمل دوما النصف الممتلئ من القدح.
3)) النطق بمسؤولية: الكلام ليس هواء يخرج، بل معاني تقصد.
(4) لا تستبد بك اللحظة: في الوقت العصيب واللحظات الصعبة تذكر أنها ليست نهاية العالم؛ فهناك دوما ما قبلها وما بعدها. والظروف الصعبة مثل السحب القاتمة، ولكنها تمر، فلا يدوم شيء.
(5) اعتمد قاعدة مجتمع مضخة الماء، وتذكر قانون الدفع المتتابع في المعاملات الرسمية. فأنت تعيش في العالم العربي في أشباح مجتمعات. لذا اعتمد بناء العلاقات الشخصية والتلفون الخاص.
6)) اعرف دِين الإنسان من دَيْنه، وصموده في التعامل المالي وليس العكس. فعمق التقوى من النزاهة المالية أكثر من طول اللحية. وعند منح الدين يجب اعتباره غير مردود، فإذا رجع بعد سنوات فهو غير طبيعي، لأن الطبيعي ألا يعود و يُؤكل.
7)) تذكر كل إنسان قابل للبيع والشراء إلا المتقين، وقليل ما هم.. وحتى تعرف تسعيرة إنسان ما، فخل بينه وبين كمية من المال تزيد وتنقص من دون رقيب إلا الضمير.
(8) في مواجهة أي مشكلة تعود ألا تلوم أحدا: إذا كنت جادا في اللوم فتوجه به إلى نفسك فقط، لأنها مجال التغيير، ومنها يمكن تغيير العالم.
(9) لا تزهد في «الممكن» وتحلم في «المستحيل»، فهذا يجعلنا عمليا في إجازة مفتوحة.
10)) الكلمة ملك لك قبل أن تنطقها، فإذا تكلمتها ملكتك هي؛ فاحرص على إطفاء الغضب والانفعال، لأنها الطوفان المفجر لسدود الكلمات، واعلم أن أعظم قوة يصل إليها الإنسان هي ضبطه لنفسه.
(11) لا تشتر ما لست في حاجة إليه، لأنك ستبيع غدا ما أنت في حاجة إليه!
12)) لا تزهد ولا ترغب. وابتغِ بين ذلك سبيلا، وعش في علاقاتك مع الأشياء والأحداث والأشخاص في حالة وسط بين الزهد والرغبة، فلا تذهب نفسك حسرات على فوات شيء، ولا تطير فرحا من تحصيل أي شيء.
13)) توقّع كل الاحتمالات وتفاءل بالأفضل ولكن تهيأ للأسوأ .
14)) خطط قبل وقوع الأحداث كي لا تُفاجأ باستقبالها وأنت غير مستعد.
15)) كن واعيا لمحيطك وتعامل معه كما هو، فلا ضمانة لأي إنسان أو شيء في أي زمان ومكان، والعالم العربي في حالة مرض قريبة من حال السرطان.
16)) احذر من أصول التخلف العشرة:
الأصل في الأشياء الحرمة،
وفي الإنسان الإدانة، وفي العقل الجهل، وفي المكان عدم البيان، وفي الوقت الإضاعة، وفي الأصوات القباحة، وفي اللباس القذارة، وفي المرأة الدونية والإهانة، وفي المخاطبة عدم الاحترام، وفي المشي الزحام وخبط الآخرين. وفي قيادة السيارات عدم الذوق، وعدم وضع اعتبار للآخرين. وفي التعامل مع الآخرين آلية الإلغاء المتبادل.
(17) لا تتطوع بنقل الأخبار السيئة والحزينة والمنفرة والمقبضة ما لم يكن فيها إنقاذ نفس أو دفع خطر عظيم. وأجب عن كل سؤال بجواب أصغر منه، خاصة عند رجال الأمن المبنيين على الوسواس الخناس. وورد في الحديث: «أن الله كرِه لكم قيل وقال وكثرة السؤال»، فاجعل ظهورك مقترنا بخبر سار، وفكرة جيدة، وريح طيبة، وخلق مميز.
(18) احرص على حمام يومي و لو لدقائق وريح طيبة ولو رخيصة، وثوب نظيف ولو كان قديما، فليس العيب أن تلبس قديما بل العيب أن يكون قذرا.
(19) ليس العيب أن تكون جاهلا، ولكن العيب أن لا تتعلم، فالله خلق الناس جميعا من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئا.
(20) لا تتفاءل كثيرا عندما تشرح أفكارك بأنها أصبحت واضحة، التفاؤل علامة السطحية والتشاؤم انحطاط، فاحرص على التفاؤل من رحم المعاناة. لو كررت فكرتك عشرين مرة وظننت أنهم فهموا عليك فأنت مخطئ جدا. لأن العقل يعمل على آلية عجيبة، فالعقل يكرس المفاهيم التي عنده، أكثر من إضافة مفاهيم جديدة تعدل ما عنده، ومنه كرر القرآن أنه من تأتيه الآيات والنذر لا تغني عنه شيئا، «وإنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون».
(21) وطّن نفسك بالتدريب الشاق على بناء الذات حتى تلين النفس، فالنفس رهيبة، وتعمل هاربة من الواجب فلا يفطن إليها صاحبها إلا بجهاد كبير، ولا يصل إلى تطويع النفس إلا ذو حظ عظيم من الصبر والوعي والمران.
(22) في مواجهة أي مشكلة درب نفسك على أسوأ الاحتمالات. في العالم العربي يلعب المزاج الهوائي والوساطة والمفاجآت السلبية الدور الكبير في مصير الأحداث.
(23) لا تربط نفسك بمن حولك: فالمسؤولية يوم القيامة فردية، وفي العالم العربي لا قيمة للوقت والإنسان والفكر، لذا تعود على حمل المعرفة معك في صورة كتاب أو بحث أو شريط صوتي، حيثما ذهبت وراجعت، لأن القاعدة أنك ستضيع الكثير من الوقت حيثما توجهت، فلا تربط مصيرك بمن حولك.
(24) تذكر أن الكون يقوم على قاعدة التغير وعدم الدوام: فهذه هي الحقيقة الأولى في الفلسفة البوذية.
(25) لا تقل عنبا حتى يصبح في السلة: فلا تثق بشيء حتى يتحقق، والفرق كبير بين الواقع والأماني.
(26) لا تُسلم أعصابك لشيء لم يحدث: فعندما يسمع الإنسان خبرا لم يتأكد منه فلا يعد نفسه أنه تأكد حتى يتأكد، ولا يعش على أعصابه كل الفترة دون مبرر.
(27) إياك وترك مهنة إلى المجهول: فلا تبق بدون حرفة، بل انتقل من مهنة إلى مهنة، مع ذلك فالمغامرة جيدة – أحيانا – وليس في كل حين.
(28) بإمكاننا أن نعطي أبناءنا الحب، ولكننا لن نستطيع أن نعلمهم كيف يفكروا، هكذا قال جبران خليل جبران.
نافذة:
ليس العيب أن تكون جاهلا ولكن العيب أن لا تتعلم فالله خلق الناس جميعا من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئا