علم لدى مصادر موثوق بها، أن الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط قضت، مساء أول أمس الاثنين، بإدانة الدركيين المتورطين في فضيحة النصب والتزوير التي استهدفت منعشين عقاريين ورجال أعمال بمدن الرباط وتمارة وعين عتيق.
وأكدت مصادر” الأخبار” أن الهيئة التي ترأسها القاضي الخياري، وزعت تسع سنوات ونصف السنة على ثلاثة رجال درك، بينهم دركي متقاعد، وغرامة مالية في حق اثنين منهم بلغت 7000 درهم. وضمن التفاصيل، أدانت المحكمة المتهم الرئيسي وهو دركي ممارس بالمصلحة المكلفة بتسكين موظفي وأطر الدرك الملكي بخمس سنوات سجنا نافذا، فيما أدانت زميله بثلاث سنوات ونصف حبسا نافذا، أما الدركي المتقاعد الذي تخصص في دور الوساطة واستدراج رجال الأعمال والمنعشين لعمليات النصب، فقد حكم عليه بسنة حبسا نافذا.
وكانت التحقيقات المنجزة في عمليات النصب التي تعرض لها رجال أعمال باسم القيادة العليا، قد أسفرت عن إيقاف دركي متقاعد وزميلين له ما زالا يزاولان مهامهما بالجهاز، أحدهما يشتغل بسرية الدرك بمدينة سلا، حيث أحالتهم الفرقة الوطنية للأبحاث القضائية التابعة للقيادة العليا للدرك الملكي على النيابة العامة المختصة بمحكمة الاستئناف بالرباط، منتصف شهر ماي من السنة الماضية، قبل أن تتم إحالتهم على قاضي التحقيق من أجل تعميق البحث معهم في حالة اعتقال، حول التهم الخطيرة المنسوبة إليهم والمتعلقة بالنصب والاحتيال والرشوة والتزوير في محررات رسمية وعرفية، والمشاركة في الرشوة وتسريب معطيات. وقرر قاضي التحقيق إيداع دركي السجن وهو من مواليد سنة 1982 ويشتغل بسلا، رفقة دركي آخر تقاعد قبل سنة من الجهاز، كشفت التحريات أنه المخطط الرئيسي لكل عمليات النصب، إضافة إلى دركي ثالث يعمل بإحدى المصالح المركزية بالرباط.
وعلمت “الأخبار” أن التحقيقات الدقيقة التي أنجزتها عناصر الفرقة الوطنية للدرك، تحت إشراف مباشر للجنرال دوكور دارمي، محمد حرمو، أطاحت في زمن قياسي بالمتهمين الرئيسيين في عملية النصب على رجال الأعمال والمنعشين العقاريين بالرباط وتمارة وعين عتيق وسلا ومدن أخرى، باستعمال عقود مزورة مغرية تحمل أختاما وبيانات غير صحيحة منسوبة للقيادة العليا، تتعلق تحديدا بعقود كراء تهم شققا وعمارات سكنية وفيلات لصالح موظفي ومسؤولي الجهاز، حيث يوهمون أصحابها بالحصول على أقساط شهرية كبيرة، ويحصلون مقابل هذه الخدمة على ” رشاوى” بالملايين، قدرتها بعض المصادر في المجمل بحوالي 300 مليون سنتيم.
وكانت الفرقة الوطنية للدرك قد باشرت تحقيقا في فضيحة تزوير ونصب، استهدفت رجال أعمال وشركات عقارية ومنعشين بتمارة والرباط ومدن أخرى، وتتعلق بعقود كراء تحمل أختاما مزورة منسوبة للقيادة العليا للدرك. وأسقطت التحريات الأولية دركيا بتمارة من مواليد سنة 1954، تقاعد قبل ثمان سنوات تقريبا، وظل يستهدف ضحايا كثر بمنطقة عين عتيق بتراب عمالة الصخيرات تمارة، من أجل إيهامهم بحاجة القيادة العليا إلى كراء كل منتوجهم العقاري وإسناده كسكنيات وظيفية لأطر وموظفي الدرك الملكي، حيث يعرض عليهم وثائق وعقود تحمل أختام مزورة تتضمن التزامات باسم القيادة العليا للدرك الملكي، وذلك بالتعهد بدفع “سومات” كرائية مغرية تسيل لعاب المنعشين العقاريين، مما يسقطهم في الفخ مقابل دفع رشاوى كبيرة.
وأوضحت الأبحاث، وفق مقرب من أحد الضحايا، أن بعض الوحدات السكنية ظلت شاغرة لمدة ثلاث سنوات دون اعتمارها من طرف الدركيين المفترضين، في الوقت الذي ظل الدركي يوهم أصحابها بأن كل حقوقهم المادية مضمونة لدى مصالح القيادة العليا للدرك الملكي، وستصرف بأثر رجعي على شكل دفعة واحدة.
ووقف التحقيق على عمليات تزوير خطيرة طالت عشرات الوثائق والعقود التي سلمت إلى منعشين وأصحاب الشقق باسم القيادة العليا للدرك، كما تبين أن الدركي المتقاعد الموقوف الذي صدر أمر بإيداعه سجن العرجات، كان يستفيد من دعم من داخل الإدارة، وهو ما أكدته تحقيقات الفرقة الوطنية، التي أطاحت بدركيين شابين، بتهمة المشاركة في النصب والتزوير في محررات رسمية وتسلم رشاوى مالية.