شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

درس في الصرف

حسن البصري

حسب الإحصائيات المتداولة في الأوساط الحزبية، فإن حضور السياسيين في سجون المغرب يتوسع يوما عن يوم، مقابل تقليص واضح للإسلاميين المتطرفين.

بلغة الأرقام يوجد خلف القضبان بمختلف سجون المملكة، أزيد من 32 برلمانيا، منهم من استنفد رحلة الحكم، ومنهم من لا يزال على ذمة التحقيق.

حوالي 45 برلمانيا ما زالوا يتابعون في حالة سراح أمام محاكم الأموال، وحين ينهون أطوار المحاكمة يلتحقون بمكاتبهم لممارسة عملهم السياسي، بجد ونشاط.

في سجوننا وزير سابق ورئيس جهة يقضي سنته الثانية من الاعتقال، ورئيس مجلس عمالة في حالة إحماء، وعشرات رؤساء جهات وأقاليم يقبعون خلف القضبان، وبين الفينة والأخرى يترددون على محاكم جرائم الأموال.

مقالات ذات صلة

تستضيف مؤسساتنا العقابية 23 رئيس جماعة حضرية وقروية، بينما 98 من المنتخبين يتابعون في حالة سراح في قضايا تتعلق بتدبير المال العام.

يتربص العزل بـ45 رئيس جماعة، وتستعد المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية، لتغيير ملامح المجالس المنتخبة. وفي دواليب وزارة الداخلية عشرات رسائل العزل تحمل توقيعات العمال، منهم من تم عزله في التعيينات الأخيرة لرجال السلطة.

من بين عشرات المتابعين في حالة سراح، رئيس الجامعة الملكية المغربية للشطرنج، هو الوحيد من بين 44 رئيسا يتردد على المحكمة، والتهمة تحويل ملايين الدعم لحسابه الشخصي. نعم رئيس واحد أساء التعامل مع رقعة الشطرنج، ولم يجد تصريف فعل «أكل».

كل هذا والولاية التشريعية والجماعية لم تنته بعد.

كل هذا ولجان التفتيش تجوب البلاد طولا وعرضا، للتنقيب عن ثقوب الميزانية فقط.

هل نحمل المواطن تبعات هذا الخلل، على اعتبار أنه هو من أعطى صوته لمرشح باعه وهم التنمية المستدامة؟

هل نحملها للأحزاب السياسية ونطالبها بإعادة النظر في منح التزكيات؟

هل نحملها لمنظومة فاسدة تنتج الأميين وتحملهم إلى كراسي المسؤولية؟

هل نحملها لضوابط التفتيش التي تحث على حكامة قوامها «ثبات في الكناش»، أي أن تحترم مسطرة صرف الميزانية، قبل أن تحترم مشروع التنمية.

من بين المعتقلين والمدانين والمتابعين في حالة سراح والمبشرين بالعزل، كثير من الرياضيين أغلبهم سهروا على تسيير فرق لكرة القدم (لا تسألوا أين سهروا؟)، وتغنت الجماهير بأسمائهم وداع صيتهم في الملاعب.

لكن لا أحد خضع للمتابعة والمساءلة، بسبب تدبير ملايير الرياضة، رغم أن آخر ظهور لوزير الرياضة بنموسى في البرلمان حمل اعترافا خطيرا، هو وجود ثماني جامعات رياضية وهمية تتلقى المال العام، دون حسيب ولا رقيب.

حين كان إدريس جطو رئيسا للمجلس الأعلى للحسابات، كان رحيما بمسيري الشأن الكروي، رغم أنه يعلم علم اليقين بأن الجلدة محشوة بالهواء الفاسد، فالرجل كان عضوا في المكتب المسير للوداد الرياضي وعاشقا في الوقت نفسه للدفاع الحسني الجديدي، وكانت شركته «أوديربي» راعية للكرة من خلال حذاء رياضي اسمه بوتاج، لذا من حقه أن يفخر بكونه أول من «سبط» اللاعبين.

وكانت زينب العدوي منشغلة بالمنتخبين ولا تهتم بـ«راه راه والغوت وراه» القادمة من الجموع العامة للفرق الرياضية، بل وأصبحت لها قناعة بأن الجمع العام سيد نفسه.

ما أحوج الرياضة المغربية إلى مساطر تدبير الجماعات الترابية، وما أحوج الأندية الرياضية إلى مفتشين يطرقون بابها ويتفحصون ميزانياتها ويطاردون سبل صرفها.

حين أدار قضاة مجلس الحسابات ظهورهم للملاعب ومقرات الأندية، اعتقد رؤساء الفرق أن المال السائب ليس مالا عاما، وأن بيع اللاعبين واستخلاص عائدات النقل التلفزيوني والتفاوض مع المستشهرين سر من أسرار المكتب المسير.

أمام الفساد المستشري في الرياضة المغربية، يحاول الكثيرون نقل تجاربهم إلى الجماعات الترابية، بعد أن أبانوا عن نباهتهم في تمارين الصرف والتحويل.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى