شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

درس في الأخلاق

حسن البصري

شدد الخطاب السامي الذي وجهه الملك محمد السادس إلى أعضاء مجلسي البرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية، على منظومة القيم من أجل إعادة بناء مجتمع جديد، وركز على أهمية تثمين القيم الوطنية المنسجمة مع القيم الكونية التي أسست للدولة المغربية.

تابع افتتاح الدورة التشريعية أزيد من خمسين مسيرا لمختلف الأندية المغربية والعصب الجهوية والجامعات الرياضية، هذا الحضور القوي لـ«الكوايرية» في قبة البرلمان، يمكن أن يتمخض عنه فريق برلماني مؤثر في المشهد التشريعي.

أغلب هؤلاء البرلمانيين والمستشارين يعلمون علم اليقين أن منظومة القيم في حالة تسلل، وأن ملاعب الكرة معفاة منها إلى إشعار آخر.

في خطاب سابق للعاهل المغربي، بمناسبة عيد العرش الماضي، جدد ملك البلاد الحديث عن الجدية كقيمة نموذجية، ودعا إلى القطع مع التدبير الاستهتاري الذي يشد البلاد والعباد إلى الوراء.

كثير من رؤساء الفرق والعصب الجهوية والجامعات استمعوا بإمعان إلى الخطاب الملكي، أغلبهم يعلمون علم اليقين أن لجان الأخلاقيات في أجهزة الرياضة تسجل غاراتهم بمداد القلق.

أحد البرلمانيين الذي يملك سجلا حافلا بالسوابق في ملاعب الكرة، حتى أصبح وجها مألوفا أمام لجان التأديب والانضباط والأخلاقيات، شوهد في اختتام حفل افتتاح الدورة التشريعية وهو مطوق بميكروفونات المواقع الإلكترونية عند بوابة مجلس النواب، حيث كان يشرح مفهوم القيم والروح الوطنية.

في قبة البرلمان يلتقي رؤساء الفرق السياسية والرياضية، يناقشون هموم الكرة ويتعاهدون على ميثاق تعاون في الضراء، حين يكون الدوري المغربي على وشك نهايته.

الرئيس السابق لفريق سطاد المغربي وهو من أشهر موظفي البرلمان، تلاحقه تهم رياضية حولته إلى زبون دائم للجنة الأخلاقيات التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والتي أدانته بعقوبات وصلت حد إبعاده عن المشهد الكروي وتغريمه، دون أن يملك دفوعات الاستئناف.

في حفل الافتتاح خاض رؤساء الفرق المغربية مسابقة «أفخم سيارة»، استعانوا بسائقين لإضفاء لمسة الفخامة على حضورهم، علما أن الفرق التي يجلسون على كراسيها ممنوعة من التعاقدات وموضوعة في اللائحة السوداء للانتدابات، بسبب الديون المتراكمة.

ظهر رئيس فريق، يعتصم لاعبوه أمام مقر الجامعة بسبب اختفائه عن الأنظار، وإصراره على إغلاق صنابير الرواتب والمنح، ظهر فجأة قبالة مجلس النواب يحتسي قهوة سوداء، قبل أن ينسل إلى المرحاض ويغير الجلباب ويتخلص من صفته البرلمانية، خوفا من لاعبين يترصدون خطواته.

أما الرئيس السابق ليوسفية برشيد، ففي الوقت الذي كان يستعد فيه لدخول قبة البرلمان، انتشر في عاصمة أولاد حريز بلاغ صادر عن الرئيس الحالي للفريق يتهم سابقه بالاستيلاء على النادي وتهريبه إلى مدينة سطات، في ما يشبه الاختطاف في وضح النهار. وجاء في البلاغ الرسمي: «إن الرئيس السابق يستولي على الفريق رفقة بعض مسانديه، دون سند وصفة قانونية». توصل الرجل بالبلاغ مباشرة بعد مغادرة مجلس النواب، حيث استمع إلى درس في أهمية القيم الإنسانية.

كان رئيس يوسفية برشيد موقوفا من طرف لجنة الأخلاقيات التابعة لجامعة كرة القدم الوطنية، لمدة أربع سنوات وغرامة مالية قدرها مائة ألف درهم، مع حرمانه من ممارسة أي نشاط، إلا نشاطه الحزبي، بسبب اعترافه بتفويت نتيجة مباراة في كرة القدم.

في بداية الموسم الرياضي الحالي سيحصل الرئيس على عفو شفوي، بناء على ملتمس من رؤساء فرق غالبيتهم مروا أمام لجنة الأخلاقيات، وحين حصل على السراح قرر العودة إلى منصب يشده الحنين إليه، ولسان حاله يردد: «اشتقت إليك فعلمني ألا أشتاق».

من يعلم هؤلاء المتمسكين بتلابيب الكراسي في الفرق المغربية، كيف يقصون جذور هوى المناصب من الأعماق؟

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى