شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف الأسبوع

دبلوماسية رمضان وعاظ وعلماء ومرتلون يحكون قصص ضيافة في حضرة ملوك المغرب

 يتحول المغرب إلى قبلة للعلماء والمفكرين، خلال شهر رمضان الكريم، منذ أن سن الملك الراحل الحسن الثاني سنة حميدة باستضافة أشهر رجال الدين في العالم الإسلامي من مختلف الجنسيات، ومشاركتهم في الدروس الحسنية الرمضانية بحضوره وتحت رعايته، جنبا إلى جنب كبار العلماء المغاربة، حيث شكلت منذ عقود بوابة للتواصل مع علماء الأمة، وفرصة للطبقة للتكوين الديني والشرعي.

لقد أطلق الملك الراحل الحسن الثاني هذه الدروس، سنة 1963، وحافظ عليها الملك محمد السادس، بل إن الملك محمد الخامس رحمه الله، كان حريصا بدوره على استضافة كبار أئمة الدول الإسلامية والاستمتاع بدروسهم خلال فترة حكمه.

في حضرة الملوك، تبادل العلماء هموم الأمة الإسلامية على اعتبار أن الهم واحد والمصير واحد، حتى أن زيارة هؤلاء المفكرين لا تقتصر على حضور درس من الدروس الدينية، بل تمتد إلى تنظيم أنشطة موازية أو زيارات لمدن مغربية للتعرف على المملكة المغربية، وهناك عدد من الضيوف مددوا مقامهم في المغرب طيلة شهر رمضان.

الشق الثاني لدبلوماسية رمضان يتمثل في البعثات المغربية للخارج، حيث يقوم مجموعة من العلماء المغاربة والأجانب بتنوير الجالية المغربية في مختلف بقاع العالم، على امتداد شهر رمضان وفق برنامج تضعه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية.

كما تستقطب الزوايا الصوفية المنتشرة في المملكة المغربية منتسبيها من عدة دول حول العالم سيما من إفريقيا، حيث تصبح منطقة جذب لمئات الضيوف الذين يصرون على حضور فعاليات الطريقة البودشيشية أو الطريقة التيجانية، وغيرها من الطرق الصوفية المحافظة على روابطها التاريخية مع بلدان إفريقيا.

 

وساطة عبد الباسط في خلاف عبد الناصر مع محمد الخامس

لم يكن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد مجرد قارئ للقرآن الكريم ومجود لآياته، وصوت جهوري يهز الوجدان، بل كان هرما من أهرامات مصر يحرص كل رئيس أو زعيم مسلم على لقائه كلما زار مصر. بل من القادة العرب من خصص جزءا من أجندته للتوجه إلى صعيد مصر وتحديدا إلى مدينة أرمنت بجنوب غربي الأقصر، لمقابلة صوت تحول إلى أسطورة لنبرته أثناء ترتيل القرآن.

يقول الباحث المصري محمد عبد اللطيف الصغير في كتابه «دولة التلاوة القرآنية في مصر» إن الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر كان يلعب ورقة عبد الباسط، لأنه يعلم مدى إعجاب الملوك والزعماء العرب والمسلمين بالشيخ عبد الباسط عبدالصمد.

وروى الكاتب المصري حكاية تقلد فيها المقرئ دورا دبلوماسيا: «طلب عبد الناصر من الشيخ تلطيف الأجواء بين مصر والمغرب، حيث غضب ملك المغرب محمد الخامس من موقف للرئيس الراحل جمال، وكان يخشى رفض ملك المغرب تلبية دعوته للمشاركة في افتتاح السد العالي، وبالفعل ذهب الشيخ عبد الصمد إلى المغرب على متن طائرة الرئاسة المصرية، واستقبل في مطار سلا استقبال الدبلوماسيين، والتقى الملك محمد الخامس فسلمه دعوة من مصر لحضور حفل افتتاح السد العالي، فقبل الملك دعوته بانشراح، بل إن محمد الخامس خلال زيارته لمصر ذهب مع الشيخ عبد الباسط إلى مسقط رأسه بالأقصر، وكان يصلي الفجر حاضرا في مسجد أحمد النجم بوسط مدينة الأقصر وسط حفاوة كبيرة من أبناء المدينة».

يضيف الباحث المصري محمد الصغير أن الملك محمد الخامس، ارتبط بعلاقة صداقة قوية بالشيخ خاصة بعد زيارته له بالأقصر، وما تلاها من لقاءات، حيث كان يحضر خصيصا للقاهرة ليستمع إلى تلاوة القرآن بصوته، «كانا يلتقيان في مسجد السيدة نفيسة ويصليان الفجر معا ثم يمكثان بعد الصلاة بالمسجد، ويقرأ الشيخ عبد الباسط ما تيسر من القرآن حتى تطلع الشمس، كما لبى الشيخ طلب الملك بتسجيل القرآن كاملا في نحو 10 أيام قبل بداية شهر رمضان برواية ورش عن نافع، وهي الرواية المفضلة عند المغاربة».

عرض الملك محمد الخامس على الشيخ عبد الصمد الإقامة، بشكل نهائي في المغرب، على أن يصبح مستشارا في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، مقابل امتيازات مالية أضعاف ما يتقاضاه في مصر، لكن الشيخ اعتذر. وقال طارق نجل الشيخ عبد الباسط في حوار مع صحيفة الدستور المصرية، إن والده كان متعففا يتعامل مع محمد الخامس باستحياء، «لقد عرض عليه الجنسية المغربية ويكون قارئ القصر لكنه اعتذر وشكر».

 

مصطفى محمود يكشف للحسن الثاني سر اعتذاره عن منصب وزير

تلقى الكاتب والصحافي المصري الدكتور مصطفى محمود، صديق أنور السادات، ومعد ومقدم برنامج «العلم والإيمان»، دعوة في نهاية الستينات لزيارة المغرب من أجل تقديم محاضرة ضمن الدروس الحسنية الرمضانية في المغرب، فرحب الرجل بالمقترح وقرر السفر لحضور الملتقى الفكري السنوي.

في لقاء بالملك الحسن الثاني عقب انتهاء المحاضرة، أهدى الضيف المصري للعاهل المغربي أحد إصداراته، قبل أن يسأله قائلا: «لماذا لم يعينك صديقك السادات وزيرا للشؤون الدينية؟»، فرد عليه مصطفى: «لقد عرض علي جمال والسادات عددا من المناصب لكنني اعتذرت لهما»، وقبل أن يسأله الملك عن سر الرفض، استرسل مصطفى في حديثه: «أنا فشلت في إدارة أصغر مؤسسة وهي الأسرة، أنا مطلق يعني تفكك أسري، فكيف بي أدير وزارة كاملة؟».

عرف المغاربة والعرب قاطبة مصطفى محمود من خلال برنامجه «العلم والإيمان»، الذي قدم منه نحو 400 حلقة على التلفزيون المصري، كان يجمع فيه بين الحقائق العلمية والعقائد الإيمانية، كما أثرى المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات فاقت السبعين مؤلفا أشهرها «حوار مع صديقي الملحد». وخلال إحدى الحلقات أثنى على الدروس الرمضانية في المغرب ووصف الحسن الثاني بزعيم الفكر الديني العربي.

في بيت الراحل مصطفى صورة وهو يصافح الملك الحسن الثاني في أعقاب درس رمضاني، فضلا عن صور مع السادات ومحمد عبد الوهاب، وقالت ابنته أمل في حوار تلفزيوني بعد وفاة والدها إن ملك المغرب كان قريبا إلى وجدان أبي.

في أكتوبر 2009، شيع آلاف المصريين الدكتور مصطفى محمود، إلى مثواه الأخير، بعدما وافته المنية عن عمر يناهز 88 عاما، إثر صراع طويل مع المرض، امتد لعدة سنوات.

 

المقرئ المصري الشيخ نعينع.. ضيف الملكين

كان المقرئ المصري أحمد نعينع يتلقى باستمرار دعوات المشاركة في الدروس الحسنية. يقول في حوار مع مجلة العين: «سافرت إلى كل الدول العربية والإسلامية في رمضان، كما كانت لي صداقات مع الزعماء والرؤساء العرب، ومنهم الملك الحسن الثاني ملك المغرب رحمه الله، وقد كان مستمعا جيدا للقرآن الكريم وقد دعاني للقراءة في المغرب، كنت أذهب إلى هناك لمدة ست سنوات، وبعدها في عهد الملك الحالي محمد السادس، وكنت أقرأ أمامه يوميا لمدة نصف ساعة».

درس المصري أحمد نعينع الطب، لكنه أصبح القارئ الرسمي للحكومة المصرية في الاحتفالات والمناسبات التي شارك فيها رؤساء مصر بدءا من عام 1979، سافر الرجل إلى العديد من دول العالم مرتلا القرآن وأحيى ليالي رمضان في عديد منها خاصة في المغرب حتى لقب بـ «قارئ الملوك والرؤساء».

يقول الدكتور الشيخ أحمد نعينع، في حوار مع صحيفة «الحياة»، «الصحافيون هم الذين أطلقوا علي هذا اللقب، ربما لأنني قرأت القرآن على الرؤساء والزعماء المصريين والعرب من السادات إلى السيسي ومن جعفر النميري إلى محمد السادس».

ومن ذكريات الشيخ نعينع مع الملوك يقول: «الملك الحسن الثاني سمعني في الفضائية المصرية عندما انطلقت في التسعينيات، وكنت أقرأ وقتها في قرآن الفجر بمسجد السيدة زينب، بعدها وردني اتصال من وزير الأوقاف المغربي الدكتور عبد الكبير العلوي المدغري، يدعوني إلى زيارة المغرب والقراءة في جلسات الدروس الحسنية التي تقام في القصر الملكي خلال شهر رمضان، لكن حين اتصل المدغري كنت ذاهبا إلى لبنان للقراءة هناك لأمسية القراءات العشر، فأخبرني الوزير بأن أحدهم سوف يحضر إلي من السفارة المغربية بلبنان ومعه تأشيرة دخول وتذكرة إلى المغرب، وهو ما تم في أسرع وقت لأجد نفسي أمام الملك. عندما قرأت أمامه طلب مني أن أبقى معه مدة أطول فاعتذرت لأن والدي كانا كبيرين في السن وكنت أتولى رعايتهما وعندما علم الملك بذلك أصر أن أحضرهما معي ليعيشا في المغرب، ولم ينقذني يومها من هذا الأمر سوى سفير مصر، الذي اعتذر بلطف للملك».

 

الحسن الثاني يتوصل بفاتورة من مصحح مصري بعد متم تسجيل القرآن

في 23 يونيو سنة 1982 أعطى الملك الحسن الثاني انطلاقة «المسيرة القرآنية» مباشرة من القصر الملكي. وتهدف المسيرة إلى إذاعة حزبين من القرآن الكريم بعد مغرب كل يوم طيلة شهر رمضان بالصوت والصورة، على أن يقوم المواطنون بالتلاوة نفسها في بيوتهم أثناء متابعة البرنامج، وهو ما أكد عليه الملك في خطاب خصص لهذا المشروع التوعوي.

في السنة الموالية، وجهت لأشهر المقرئين دعوات لحضور المسيرة القرآنية في شهر رمضان والدروس الحسنية، وكان من بين ضيوف الملك الحسن الثاني كبير المقارئ والمصحح المصري الشيخ رزق خليل حبة.

كان دور رزق خليل تصحيح قراءة عبد الباسط عبد الصمد وترتيله للقرآن، بعد أن كلف الملك الحسن الثاني هذا الأخير بتسجيل القرآن في المغرب برواية ورش عن نافع وهي القراءة الأقرب لأهل المغرب.

كان عمر رزق حينها 64 سنة، حين زار المغرب وهو من حينها مدرسا بمعهد القاهرة للعلوم الدينية ومفتشا في علوم القرآن، وكان يتنقل بين الدول الإسلامية لتصحيح القراءات، كما عمل الشيخ رزق خليل حبه مصححا للمصاحف بالأزهر الشريف. وقد انتدب للمغرب للإشراف على تسجيل مصحف كامل بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد برواية ورش وتم التسجيل في 13 يوما.

«والحقيقة أن الإذاعة لم تقصر في تسهيل مهمة الشيخ عبد الباسط ورفيقه، فقد وضعت رهن إشارتهما سيارة خاصة تحملهما ذهابا وإيابا كل يوم بين الفندق والإذاعة، وانتدبت من يرافقهما، كما قدمت لهما تعويضات مالية وإن كانت متواضعة تمكنهما من مجابهة احتياجاتهما اليومية في انتظار التوصل بمستحقاتهما من الديوان الملكي»، يقول محمد بن ددوش في كتابه: «رحلة حياتي مع الميكروفون».

ويضيف أن الشيخين قد قدما ملتمسات للملك قبل مغادرتهما الرباط عائدين إلى مصر، «توصلت منهما برسالة مشتركة موجهة إلى مستشار جلالة الملك أحمد بن سودة المشرف على عملية المسيرة القرآنية، تضمنت الرسالة الإشعار بانتهاء تسجيل المصحف المرتل والتنويه بالملك الحسن الثاني على كريم عنايته بالقرآن الكريم، وكانت الرسالة مرفقة بفاتورتين تحددان المبلغ المالي لكل واحد من الشيخين المقرئ والمصحح، فالشيخ عبد الباسط يطالب بستين ألف جنيه إسترليني أو ما يعادله بالدولار، وفاتورة الشيخ رزق تطالب بعشرة آلاف جنيه إسترليني أو ثمانية عشر ألف دولار أمريكي، كما تضم الفاتورتان أرقام حسابات الشيخين في أبناك مصر».

 

مفكر سوداني جاء لزيارة قبر جده التيجاني بفاس فأصبح أستاذا

كان أول لقاء جمع الملك الحسن الثاني بعبد الله الطيب في القصر الملكي بمناسبة الدروس الحسنية الرمضانية، حيث قدم الضيف السوداني درسا حول صحيح البخاري، وعندما كان يشرح صحيح البخاري ومسلم كسر الملك الحسن البروتوكول وقام إمام المدعوين بالسلام على عبد الله الطيب، وعندما انتهى الدرس طلب منه تمديد الإقامة في المغرب والعمل كأستاذ محاضر في جامعة فاس.

ولسبب استدعائه لتقديم درس قصة أيضا، فقد ألقى محاضرة حول التراث الإنساني، بعد دعوة من وزارة الثقافة المغربية، وحظيت مداخلته باهتمام كبير من الدارسين والصحافيين، بل تصدرت صورته الصفحات الأولى للجرائد المغربية، خاصة «الاتحاد الاشتراكي» و«العلم»، التي كتبت في صفحتها الأولى: «الطيب حدث أهل فاس بما لا يعرفونه عن فاس». وكان العالم السوداني عبد الله الطيب يحرص دوما على زيارة فاس، التي كان يأتيها لزيارة قبر جده التيجاني.

في اليوم الموالي، توصل الطيب بدعوة من الحسن الثاني للالتحاق بالقصر الملكي، وخرجت جرائد اليوم الموالي بعناوين من قبيل: «قال الملك ائتوني به!».. كما خصصت صحيفة «الراكوبة» السودانية ملفا حول الموضوع بعنوان «سودانيون حول العرش» تطرقت فيه لعلاقة ملوك المغرب بعبد الله الطيب وغيره من المفكرين السودانيين، وقالت إن «الملك المغربي الحسن الثاني رجل شغوف وملم بالثقافة العربية، له مجلس شهري للعلماء سمي بـ «الدروس الحسنية»، يهتم بتثقيف العالم».

قال عنه الملك الراحل لأحد العلماء السودانيين، بعد انتهاء أحد الدروس الحسنية الرمضانية: «لقد أخذتم، أنتم السودانيين، نصيبكم منه، وجاء دورنا، نحن أهل المغرب، لننهل من هذا المنهل المعرفي الكبير».

ومن الأشياء الطريفة التي حكيت عن عبد الله الطيب في المغرب أنه أثناء حضوره لكلية الآداب في فاس مدرسا للأدب الجاهلي لطلاب السنة الأولى في مادة الأدب العربي، كان يكرر لهم صدر البيت الشعري ويطلب منهم إكمال عجزه، مما جعل الطلاب يطالبون بترحيله لأنه يعطيهم دروسا فوق طاقتهم الفكرية والأدبية مما جعل إدارة الكلية تقوم بنقله لكي يدرس طلاب السنة الرابعة بدلا من السنة الأولى وذلك لغزارة علمه.

 

الملك يستغرب لإصرار الشعراوي على زيارة قبور الأولياء الصالحين رغم انتقاده لها

دأب محمد متولي على حضور الدروس الحسنية الرمضانية في عهد الحسن الثاني، وحل بالمغرب بصفته الرسمية كوزير أوقاف مصر، إضافة إلى صفته العلمية كواحد من أشهر مقرئي ومجودي القرآن الكريم.

بعد انتهائه من درس من الدروس الحسنية، دار حوار بين الشيخ محمد متولي الشعراوي والحسن الثاني، قال الملك للمقرئ: «لقد أدركت في بداية عهدي أن الحياة الدنيا لعب ولهو، ولكن عندما أعلن الإمام عن صلاة الجنازة على والدي الملك محمد الخامس قائلا: «الصلاة على الجنازة، جنازة رجل». عندها أيقنت أن الحياة الدنيا مهما ينال منها الإنسان، ويبلغ فيها من مناصب، فهي «متاع الغرور»، وأن الدار الآخرة هي المبتغى». استمع الشعراوي باهتمام لكلام الملك واستحضر زعماء مصر، وقال: «أنا الآن مستمع جيد، بعد أن كان الناس ينصتون لي».

كانت زيارة محمد متولي إلى المغرب في بداية السبعينات مهمة على المستوى السياسي، لأن الشيخ كان مقيما لفترة طويلة في الجزائر، وخلال حرب الرمال ساند الطرح الجزائري، إذ سافر في سنة 1963 إلى الجزائر موفدا من الرئيس المصري جمال عبد الناصر واستقبله الرئيس أحمد بن بلة، بصفته رئيسا لبعثة الأزهر، وقد عاش الشيخ في الجزائر سبع سنوات، ارتبط فيها ارتباطا شديدا بالشيخ محمد بلقايد إمام علماء الجزائر وقتها، وكان الشعراوي يشارك بصفة دائمة في مجالسه وفي حلقات الدروس التي يعقدها. وفي حفل الاستقبال الذي أقيم بمناسبة الذكرى الثامنة لاستقلال الجزائر في القصر الرئاسي بالجزائر، نظم الشعراوي قصيدة في مدح محمد بلقايد.

في أول زيارته إلى المغرب، طلب محمد متولي من الحسن الثاني إمكانية زيارة تفقدية لمجموعة من المعالم والشخصيات الصوفية، فزار قبر الولي الصالح سيدي عبد السلام بن مشيش شيخ الصالحين في المشرق والمغرب، وزيارة رجال مراكش السبعة، وقبر المعتمد بن عباد في أغمات، بل إن الملك وضع رهن إشارته طائرة مروحية رافقه فيها الجنرال مولاي حفيظ العلوي وزير القصور الملكية والتشريفات والأوسمة. استغرب الملك من عالم ديني وداعية إسلامي كبير يصر على زيارة أضرحة الأولياء الصالحين، وزاد عجب جلالته حين علم أن الشعراوي من أتباع الطريقة الشاذلية.

وحسب المؤرخ عبد الهادي التازي، فإن شيخ الأزهر استقر لفترة طويلة في المغرب، وتحديدا في شاطئ الهرهورة.

 

فاروق النبهان.. مدرس سوري أصبح مديرا لدار الحديث الحسنية

رغم أن السوري محمد فاروق النبهان، قد حل بالمغرب سنة 1977 ليمارس التدريس قادما من الكويت حيث كان يشغل مهمة أستاذ في كلية الحقوق بجامعة الكويت، إلا أنه عين من قبل الملك الحسن الثاني مديراً لدار الحديث الملكية الحسنية، وذلك من عام 1977 إلى 2005، قبل أن يصبح عضوا في أكاديمية المملكة وتصبح له مكانته الاعتبارية في المحيط العلمي.

شارك الدكتور فاروق في عدد كبير من الدروس الحسنية التي تعقد برئاسة ملك المغرب في القصر الملكي في الرباط، خلال شهر رمضان المبارك، فعلى امتداد ثلاثين سنة لم ينقطع عنها ولم يتغيب عن أي درس فيها، وألقى سبعة دروس منها.

يقول النبهان إن منصبه كمدير لدار الحديث الحسنية مكنه من لقاء الملك مرات عديدة، ويذكر بصفة خاصة الاستقبال الذي خصه به الحسن الثاني حين حل بالمغرب، «بتاريخ 24 فبراير 1977 استقبلني الملك الحسن الثاني رحمه الله في قصر السلام في الرباط، استقبالا رسميا، وحضر الاستقبال الوزير الأول أحمد عصمان ووزير الدولة للثقافة الحاج محمد باحنيني ومدير الديوان الملكي أحمد بنسودة ووزير التعليم العالي الدكتور عبد اللطيف بن عبد الجليل، كان الملك في غاية السعادة والبشاشة

حين دعي لإلقاء أول درس له ضمن الدروس الحسنية، رشحه الملك الحسن الثاني لإدارة دار الحديث الحسنية أسعده المنصب ووافق على الفور». «استمرت المقابلة مع الملك مدة خمس وأربعين دقيقة، وهي مدة غير معهودة في الاستقبالات الملكية، وصدر بلاغ رسمي في التلفزيون والإذاعة ووسائل الإعلام بخبر الاستقبال والتعيين».

ظل التعيين في هذا المنصب من اختصاص الملك وليس وزير الأوقاف والشؤون الدينية، وحرص على امتداد وجود هذا الصرح على زيارته، فقد تأسست دار الحديث الحسنية في فاتح نونبر 1964 بناء على خطاب ملكي ألقاه الملك الحسن الثاني في جمع من العلماء المشاركين في الدروس الحسنية. وبمقتضاه صدر المرسوم الملكي المؤسس للدار.

 

البروفسور السنغالي روحان امباي يرسم ملامح توغل المغرب في إفريقيا

في شهر ماي من عام 2018، ألقى البروفيسور روحان امباي، أستاذ كرسي بجامعة «أنتا ديوب» بدكار ورئيس «مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة» بالسنغال، في حضرة الملك محمد السادس، بالقصر الملكي بالرباط، درسا قيما من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية، تناول فيه موضوع: «الثوابت الدينية المشتركة، عامل وحدة بين المغرب والدول الإفريقية».

كان الموضوع يشكل حينها الحدث بعد إصرار المغرب على استعادة ريادته القارية، في هذا الدرس تقاطع الديبلوماسي بالديني، حيث أبرز المحاضر أن «النهضة المباركة للعاهل المغربي في تنمية العلاقات مع الدول الأفريقية، لا بد أن تواكبها حركة توعية وتبصير للمغاربة وإخوانهم من بلدان إفريقيا الأخرى بهذه الأرضية الصلبة التي مهدها الأجداد، وتجلت هذه العلاقة في بعض مواقف الزعماء الدينيين الأفارقة الذين حرصوا على تقوية الصلات مع ملوك المغرب حيث كانوا يفدون عليهم بل إن بعضهم شدوا الرحال لزيارة المغفور له الملك محمد الخامس في منفاه».

وقرر الملك محمد السادس، إحداث «مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة»، سنة 2015، وقد صدر الظهير الشريف المحدث لهذه المؤسسة بالجريدة الرسمية للمملكة المغربية، وفي ديباجته بيان دواعي هذا الإحداث بالاستناد إلى الروابط الدينية والثقافية التي تجمع المملكة المغربية بعدد من بلدان إفريقيا، وبحكم ما تستوجبه الظروف الراهنة من إيجاد إطار من التعاون بين علماء المغرب وعلماء البلدان الإفريقية من جهة، وبين هؤلاء العلماء بعضهم مع البعض، من جهة أخرى، على ما يحفظ الدين من التحريف والتطرف، وما يجعل قيمه السمحة في خدمة الاستقرار والتنمية في هذه البلدان.

ولد مباي في 2 ماي 1934 بالعاصمة السنغالية دكار، هو واحد من أكثر المختصين في مجال البحوث حول الإسلام، حائز على الدكتوراه في الآداب (تاريخ الفكر) في جامعة السوربون (فرنسا) في عام 1993، في موضوع فكر وأعمال الحاج مالك ساي.

يتوفر على مؤهلات علمية في مجالات الأدب الجاهلي، والنحو العربي القديم، وعلم أصول الفقه، وفن وطريقة الترجمة، والحضارة الإسلامية في القرون الوسطى، وتاريخ الإسلام. كان يتردد على المغرب باستمرار ويحرص على متانة العلاقات الروحية بين البلدين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى