شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

دبلوماسية الدولة والمجتمع

أصبح النظام التونسي مكشوف العورة بعدما اختار رئيسه قيس سعيد هدم كل تاريخ العلاقات الأخوية، الذي شيده قادة البلدين منذ عقود. فالجميع يعلم أن استقبال قيس لزعيم الانفصال هو تحصيل حاصل لسياسة المواربة وأعمال الاستفزاز التي نهجها قيس منذ وصوله لقصر قرطاج، وظل المغرب متحكما في أعصابه وفي ردود فعله تجاه مواقف الدولة التونسية، والسبب بسيط أن المغرب لا يمكن أن يواجه دولة طريحة الأرض اقتصاديا تعيش هشاشة وعدم استقرار سياسيين.
فلا ينبغي أن ننسى أنه في عهد هذا الرئيس غريب الأطوار امتنعت تونس، خلال شهر أكتوبر الماضي، عن التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الدولي بشأن تمديد عمل بعثة “المينورسو” لمدة سنة إضافية، وفي ولايته تحولت تونس إلى أرض عبور لكل مرتزق معاد إلى أن تسوى وضعيته القانونية ويحصل على وثائق الإقامة بفرنسا، وقيس هو الرئيس الوحيد الذي سمح لنفسه، دون أسلافه من الرؤساء التونسيين، بالجلوس إلى جانب بنبطوش في استعراض عسكري بالجزائر، دون أن نتحدث عن أن تونس قيس تحولت إلى قاعدة خلفية لمنظمات شبه حقوقية واستخباراتية للهجوم على ملكنا ومؤسساتنا الأمنية والسيادية.
نحن ندرك تماما أن نظام هذه الدولة المهددة بالإفلاس لم يعد يملك قراره السيادي، بل أصبح دولة مختطفة، وقراراتها رهينة لأجندة جزائرية انفصالية، والسبب الرئيس لذلك معروف لدى الجميع، وهو ينحصر – ببساطة – في أموال الغاز وتهديد تونس بالسماح للإرهابيين باجتياح حدودها، لكن هذا ليس مبررا للاستمرار في السكوت عن هذه الإساءات المتتالية، الجميع يعرف كيف كان رد المغرب تجاه الموقف الإسباني رغم أن ما قامت به إسبانيا لا يساوي جناح بعوضة مما قامت به تونس.
من ناحية أخرى، لا يمكن إلا أن ننوه بذلك الإجماع الوطني والحزبي تجاه الموقف العدائي للرئيس التونسي، فكل الأحزاب الوطنية دون استثناء عبرت عن غضبها وشجبها ضد الغدر الدبلوماسي التونسي. لكن تدبيج البلاغات بمواقف وطنية، وإن كان ذلك مهما ومطلوبا، لا يكفي لوحده، بل يحتاج الأمر إلى التحرك الميداني عن طريق قادتها وأذرعها الموازية للتواصل مع النخبة والقوى الحية التونسية للضغط على النظام المترهل الحاكم، فالمعركة الدبلوماسية بشأن قضيتنا الوطنية ليست مهمة حصرية لمؤسسات الدولة بل مسؤولية المجتمع بنخبه ونقاباته ومثقفيه وبرلمانييه وجمعياته.
وواهم من يعتقد أن هناك تأمينا بنكيا على حساب المواقف الدبلوماسية للدول حتى تلك التي تعد من الحلفاء التقليديين، فقد نكسب اليوم موقفا ونخسر غدا آخر وقد جربنا ذلك مع بعض دول أمريكا اللاتينية. لذلك فالمعركة الدبلوماسية معركة يومية لا دولة والمجتمع يخوضانها باستمرار سواء لتثبيت القرارات الإيجابية أو لانتزاع قرارات جديدة، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بيقظة دبلوماسية رسمية وانخراط دبلوماسي شعبي ومجتمعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى