دبلوماسية الابتزاز
أعلن النظام العسكري الجزائري هذا الأسبوع تعليق «معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون»، التي أبرمت عام 2002 مع إسبانيا، بعد تغيير موقفها في اتجاه الدعم العلني والرسمي للوحدة الترابية المغربية.
إن أقل ما يمكن أن يوصف به قرار قصر المرادية هو دبلوماسية الابتزاز. موقف الجزائر تدخل فاضح في الشأن السياسي الداخلي لإسبانيا ومس بسيادة بلد ومحاولة لممارسة الضغط من خلال لعبة الغاز مقابل الموقف الانفصالي.
لقد تعودت الجزائر دائما على استعمال قضية الصحراء المغربية كذريعة لممارسة لي الذراع، رغم أنها تقول في كل مرة إنها لا تتدخل في ملف الصحراء وليست طرفا في النزاع المفتعل، وهي التي صنعته في مختبرات الثكنات العسكرية ورعته ماليا وعسكريا. والغريب في الأمر أن نظام «الكابرانات» يتوهم أنه مركز ثقل الدبلوماسية العالمية يحرك من يشاء ويوقف من يشاء، بل ذهب به الخيال والسذاجة أيضا إلى التعامل مع دول العالم ومنها إسبانيا على أنها مجرد قطيع، تسوقها بالابتزاز والمقايضة والمساومة ودبلوماسية لي الذراع، والأكيد أن دولة بقيمة إسبانيا لن تأبه إلى هذا الابتزاز، وسوف تواصل تنزيل قناعاتها الدبلوماسية.
لقد أصبح واضحا أمام العالم أن النظام الجزائري طرف مباشر في النزاع، ويدافع عن أطروحة الانفصال أكثر من دفاعه عن قضايا تنمية بلده والدفع به نحو مصاف الدول المتقدمة، وهو في هذا المسعى لا يهمه أن يمارس دبلوماسية الابتزاز والاتجار بأموال دافعي الضرائب الجزائريين وأسلوب تشويه الحقائق والدعاية المضللة المُتعمدة من قبل خارجية تبون وشنقريحة كسياسة قارة في سياق مسعاهما لفرض الخيار الانفصالي.
إن ما وصلت إليه دبلوماسية نظام «الكابرانات» من حنق، تحاول تصريفه بمواقف الابتزاز والبلطجة والمساومة، لا يمكن فهمه إلا في سياق ما حققته الدبلوماسية المغربية بواقعيتها وحكمتها من مكاسب دبلوماسية ذات حمولات أمنية واستراتيجية، داعمة لقضية الوحدة الترابية للمملكة، وهي مكاسب بقدر ما غيرت الموازين الاستراتيجية بشمال إفريقيا وقوت من التموقع الاستراتيجي المغربي وعضدت مركزه التفاوضي، بقدر ما وضعت النظام الجزائري في بئر لا قرار له من العزلة الدولية القاتلة، حيث يحاول الخروج من مستنقع العزلة بطرق بهلوانية ومثيرة للشفقة عبر مواقف كاريكاتورية لا تراعي سيادة الدول في اتخاذ قراراتها ولا تأخذ بعين الاعتبار قيم حسن الجوار.