لا شك أن واقعة السرقة المفبركة التي تم بثها على إحدى المحطات السمعية الخاصة والتي أصبحت موضوع بحث قضائي، تتطلب فتح نقاش صريح ومسؤول حول حصيلة تحرير المشهد السمعي الذي انطلق عمليا منذ سنة 2006 إلى اليوم، حيث تم الإقرار صراحة بحرية إنشاء محطات إعلامية سمعية بصرية، وهذا تدعيما للتعددية الإعلامية التي انتهجها المغرب منذ تولي الملك محمد السادس سدة الحكم.
غير أنه ومن خلال حصيلة 18 سنة، من المشروع التساؤل حول القيمة المضافة لقرار التحرير، وكذا مواطن الخلل في تنزيل هذا القرار، خاصة في ما يتعلق بتقديم محتوى إخباري وترفيهي وتثقيفي يرفع من وعي المغاربة وحسهم الوطني، في احترام تام للقانون وقواعد المهنة؟
لقد أصبح واضحا أننا نحتاج إلى جيل جديد من التحرير للإعلام السمعي، والتفاعل الإيجابي مع الطلبات الجديدة، بعدما ظلت المؤسسات الوصية لسنوات تتعمد عدم الترخيص لمؤسسات إعلامية جديدة، وإبقاء طلباتها معلَقة دون مبرر مشروع. وهذا أسلوب متردد في إدارة المشهد الإعلامي السمعي، بحيث تبقى كل القنوات الموجودة دون أن يطولها أي قرار بسحب تراخيصها، بينما تبقى الطلبات الجديدة في قاعة انتظار كبيرة، حتى إشعار آخر قد يأتي وقد لا يأتي.
إن ما يصنع الجودة الإعلامية هو تشجيع التعددية والتنافس، لكي يكون المستفيد الأول هو الجمهور. لذلك نحتاج اليوم إلى رفع «البلوكاج»، والترخيص لمحطات إذاعية جهوية ووطنية ودولية جادة وذات حس وطني تقطع مع محتويات التفاهة والخفة واللعب على المشاعر والشعبوية الفارغة وصناعة «البوز»، التي تدفع صاحبها إلى ارتكاب حماقات تمس بأمن واستقرار البلد .
إن الرفع من مصداقية ومسؤولية ونجاعة وحماسة التحرير الإعلامي يتطلب خيارين لا ثالث لهما. الخيار الأول يتمثل في خيار التخلي عن احتكار الإذاعات الخاصة، ومساءلتها عن الأخطاء الجسيمة بعقوبات قد تصل إلى سحب الترخيص. والخيار الثاني يتمثل في الرفع التدريجي من الرخص للجواب عن تحدي المنافسة، بشكل يجعل الإعلام السمعي على وجه الخصوص أكثر جاذبية وتنافسية على الصعيدين الوطني والدولي.