خسارة بطعم الانتصار والفخر
توقف مشوار المنتخب المغربي لكرة القدم عند نصف نهائي كأس العالم، بعد خسارته لمباراته أمام المنتخب الفرنسي، حامل اللقب العالمي الأخير، هذه الهزيمة ليست نهاية المسار المونديالي ما دام أن المنتخب الوطني أمامه مباراة أخرى لكسب الرتبة الثالثة عالميا، وهو ما يعكس أن هذا المنتخب المتميز والمعطاء، أعاد تعريف معنى التمثيل المشرف للمنتخبات العربية والإفريقية في المونديالات الكروية، ما دام أن أقصى إنجاز رياضي حققته القارة الإفريقية والدول العربية، هو بلوغ ربع نهائي كؤوس العالم السابقة.
واليوم منتخبنا بفضل قتاليته وكفاءة لاعبيه ومدربه يوجد ضمن لائحة المنتخبات الأربعة الأولى عالميا، وهذا إنجاز تاريخي، لذلك فميزان الربح والخسارة في المونديال، ليس هو خسارة مباراة نصف النهائي مع حامل اللقب والمرشح الأول للحفاظ عليه، بل الميزان الحقيقي والمنصف هو عندما نضع بوصلة حساب الأرباح والخسارة وتقييم النجاعة في محلها، أخذا بعين الاعتبار المشوار كله للمنتخب في كأس العالم، وليس نتيجة مباراة واحدة مهما كانت أهميتها، وبالمجمل لا أحد ينكر أن مجرد وصول منتخبنا إلى نصف النهائي، فهو إنجاز في حد ذاته، بل فخر لكل العرب في أرض العرب.
وما سيبقى مرسخا في الأذهان لسنوات وربما لعقود، أننا تشرفنا كمغاربة بما حققه المنتخب الوطني من إنجازات في مونديال قطر من أول مباراة إلى لحظة نصف النهاية، ذقنا خلالها فخر التمثيل المشرف ونلنا فيه انتصارا تلو الآخر، وليس في الإمكان أن نطالب منتخبنا بالتحول إلى منتخب «سوبر مان» لا يهزم، لأن خسارة مباراة أمر طبيعي جدا، ويمكن أن ينال أي فريق عالمي حظه منها، دون أن ينقص من قيمته شيء، ويكفي النظر إلى الهزائم التي تلقتها منتخبات كبيرة أخرجتها من دائرة المنافسة بشكل مبكر، وعلى رأسها المنتخب البرازيلي والإنجليزي والألماني والإسباني وغيرها، إن خسارة المنتخب المغربي في النصف نهائي هي خسارة بطعم الانتصار.
الحاصل بالنسبة إلينا، أننا خسرنا مباراة مع منتخب متمرس وبطل العالم، تماما مثلما ربحنا مباريات أخرى، لذلك المهم هو أننا تمكنا من صناعة فريق محترم يحسب له الجميع حسابه، والأكثر من ذلك أن منتخبنا خسر مباراة، لكنه قدم عشرات الدروس النبيلة، جعلته يفوز بقلوب وعقول كل المغاربة والعرب والأفارقة، وهذا هو الانتصار الحقيقي الذي يؤمن به جميع المغاربة.