«خرافة قانون الفنان»
بعد أربع سنوات كاملة من التنقل والترحال بين مقرات الأحزاب والنقابات والجمعيات، ثم غبار رفوف وزارة الثقافة ولجنة الثقافة والاتصال بمجلس النواب التي نظرت في المشروع خلال سبع جلسات على الأقل، ووصوله إلى الجلسات البرلمانية العامة للتدقيق في تفاصيله وإدخال التعديلات وأخيرا التصويت عليه: هذا كان مسار ومصير مشروع تعديل قانون الفنان الذي تمت المصادقة عليه أخيرا، لكن هذا كله لا يعني بالضرورة أنه أصبح جاهزا ونافذا ما دام أنه سيدخل مرة أخرى قاعة الانتظار حتى صدور النصوص التنظيمية ليظل حبرا على ورق. لكن ماذا يضير الفنانين المغاربة أن ينتظروا مددا أخرى بعد أن اعتادوا طيلة أكثر من نصف قرن على غياب قانون يؤطر المهنة ويحمي الفنان الذي تقاذفته أيادي شركات الإنتاج واجتهادات وزراء الاتصال وحماقات دفاتر التحملات وغزو المتطفلين على الميدان الذين عاثوا فسادا وأطاحوا بالحد الأدنى من المكاسب التي تحققت بصعوبة وكانت بمثابة قانون الفنان غير المكتوب.
لم يقفز الفنانون فرحا لدى سماع خبر المصادقة على قانون الفنان في حلته الجديدة بعد أن انتكست فرحتهم مع تجربة «بطاقة الفنان»، التي استثمروا فيها الكثير من الأحلام التي تحولت إلى أوهام حين اكتشفوا أن الحصول عليها من عدمه سيان لانعدام صلاحيتها حتى في ركوب حافلة نقل منتهية الصلاحية فبالأحرى توفير أسباب العيش أو تيسير الولوج إلى العلاج كما كان يحلم الحالمون بذلك قبل أن تصعقهم حقيقة بطاقة الفنان التي ليست سوى قطعة بلاستيك لا تطعم جائعا ولا تداوي جريحا.
إن قانون الفنان المصادق عليه، أخيرا، ليس سوى تعديل للقانون الأصلي رقم 99.71 في شكل 16 بابا، أي أنه تم تسخين طبخته القديمة بإضافة توابل جديدة تخدم شريحة معينة من الفنانين على حساب أخرى، كما يقول المحتجون ضد هذا القانون، ووعود واهية بحماية الحقوق المادية والمعنوية والقانونية للفنان في انتظار أن تتفق وزارة الثقافة ووزارة الاتصال على إصدار «عقد نموذجي يحترم الحقوق ويراعي كرامة الفنان ويحترم أجره وحقوق التأليف والملكية الفكرية» كما يقول المتحمسون لإصدار هذا التعديل القانوني في انتظار تحريره من كل الأغلال والعراقيل المسطرية والتعقيدات البيروقراطية، فيما الفنان المغربي سيظل يردد مع الشاعر «ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل» بعد أن تعب من مقولة «شوف وتسنى وسكت».