ختامها زفت
حسن البصري
كل الذين تابعوا عرض الدكتورة أمينة عزمي حول تدبير مسار اللاعبين بعد اعتزالهم الكرة، وقفوا عند الوضعية الهشة لقطاع ارتبط بالفرجة والمال، إذ تبين أن عددا كبيرا من اللاعبين الدوليين والمشتبه في دوليتهم ينهون حياتهم في طابور الإعانات سرا أو علانية.
في مداخلته بمدرج المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالدار البيضاء، تناول فوزي لقجع عقدة النجومية التي تلتصق باللاعب بعد اعتزاله، وتتحول إلى ما يشبه متلازمة مرضية تحول دون إدماجه في مجتمع ما بعد المسار الكروي.
يعتقد كثير من اللاعبين المعتزلين أن النجومية مكسب لا يخضع لعوامل التعرية، ولا تنتهي صلاحيته بمجرد “تعليق” الحذاء، وهو ما يصعب معه تدبير فشل فئة واسعة من اللاعبين الدوليين السابقين الذين ينامون على وسادة إحقاقات عفا عنها الزمن.
حين حلت كورونا بالكون، تبين أن فئة واسعة من اللاعبين الدوليين السابقين الذين حملوا قميص المنتخب الوطني المغربي، يعيشون ضائقة اجتماعية جراء تفشي الوباء، فيما فضلت فئة أخرى كتم آلامها ومصادرة محنتها واعتقال زفيرها بالرغم من مضاعفات هذه الجائحة.
صحيح هناك قيمة اعتبارية لهذه الفئة تفرض على الحكومة الالتفات إلى رموز بللوا قميص المنتخب بالدم والعرق، قبل أن تحولهم الجائحة إلى كائنات تعيش على الهامش تواجه لوحدها الهشاشة والتهميش، وترضى بالهزيمة في عقر الدار.
خلصت أطروحة الدكتورة عزمي إلى فشل اللاعبين في تدبير فترة ما بعد الاعتزال، مقابل نجاحات تعد على رؤوس الأصابع، قبل أن يتدخل رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ويعلن عن تدابير جديدة لحماية نجومنا من الصدأ. فقد نظمت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم يوما دراسيا مع رؤساء وممثلي أندية البطولة الوطنية الاحترافية بقسميها الأول والثاني، بحضور كل من رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فوزي لقجع والمدير العام للضرائب بالنيابة، خالد زعزوع، والمدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حسن بوبريك، فكان الجميع مع درس في “الكرامة”.
ناقش المجتمعون قضية واجبات الاشتراك في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لضمان العيش الكريم طيلة مدة الممارسة وما بعدها بالنسبة لجميع مكونات أسرة كرة القدم الوطنية من لاعبين وأطقم تقنية وطبية وإدارية. وأوضح بوبريك أن اليوم الدراسي يروم إطلاع الفاعلين في المشهد الكروي المغربي عن الطرق التي تمكن من إدماج قطاع كرة القدم في الحماية الاجتماعية، معبرا عن أمله في أن تنخرط باقي الرياضات في هذا الورش الاجتماعي.
رئيس الجامعة أو وزير الرياضة كلما حلا بملتقى يؤثثه المعتزلون، إلا ودس لاعب معتزل رسالة تقطر حزنا في جيب المسؤول. وفي زمن لم يعد فيه ذكر لمباريات التكريم، لا يجد المتقاعدون إلا التدريب ملاذا للهروب من الفاقة.
حين يعتزل نجم الكرة يتوسل إليه المرشحون للانتخابات وتطالبه الأحزاب بالانضمام إلى صفوفها، لارتباطه الوثيق بالمنطقة وتعلقه الشديد بأهداب الحي، وركضه وراء كرة محشوة بالهواء الفاسد، ويعرض عليه الحكام وظيفة مقدم في مقاطعة تعيسة لكنه يرفض لأنه لا يجيد العزف على وتر السلطة والسياسة.
حين يضيق الحال بنجومنا ينصحهم الراسخون في الكرة بالاعتصام في الملعب وإجبار رئيس الفريق على تخصيص مؤونة ووظيفة مدرب وبذلة رياضية وتذكرة للمنصة الشرفية، وفي أحسن الأحوال يقنعوه بالهجرة كدورة استدراكية لتجاوز رسوب في امتحان الحياة الوطنية.
يتقشف نجومنا السابقون على نحو غير مسبوق حتى في تقديم سيرتهم الذاتية حيث يراهنون على منصب مدرب، دون أن ينسى هواية المراوغة حيث يراوغ أمعاءه وفي صلاته لا يتوضأ ويكتفي بالتيمم، أما القهوة السوداء والسيجارة الدكناء وحب الوطن فقد ظلت خارج نظام التقشف.
كثير منهم يخوضون مباريات فاصلة في المحاكم منهم من خسر القضية بضربات الترجيح، وتحول من مدرب شهير إلى متسكع سخيف مدمن للكحول ومشتقاتها، قاطع الملاعب وانضم إلى التشكيلة الرسمية للمدمنين، وبات هدفه الوحيد الحصول على قبر مجاني وجنازة حاشدة.