بعد صدور تقرير عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول وضعية الشباب والبطالة، والمذكرة الإخبارية للمندوبية السامية للتخطيط حول سوق الشغل، التي تحدثت عن ارتفاع نسبة البطالة، وتراجع مناصب الشغل، تعتزم الحكومة إطلاق خارطة طريق لإنعاش قطاع التشغيل، ورصدت لذلك اعتمادات إضافية في مشروع قانون المالية لسنة 2025، بمبلغ 14 مليار درهم، وتؤكد معطيات رسمية أن الحكومة نجحت في إحداث مناصب للشغل تفوق 300 ألف منصب خارج القطاع الفلاحي، وأرجعت سبب تراجع عدد المناصب المحدثة إلى فقدان قطاع الفلاحة لعدد مهم من مناصب الشغل إلى توالي ثلاث سنوات من الجفاف، وقدمت الحكومة وعودا باسترجاع مناصب الشغل المفقودة.
إعداد: محمد اليوبي
ترأس رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يوم الثلاثاء الماضي بالرباط، اجتماعا خصص لموضوع إنعاش التشغيل، بحضور جميع القطاعات الوزارية المعنية، والمندوبية السامية للتخطيط، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، وذكر بلاغ لرئاسة الحكومة أنه تم الوقوف، خلال هذا الاجتماع، على التدابير العملية التي جاءت بها خارطة طريق قطاع التشغيل، والتي تعتزم الحكومة الإعلان عنها في أقرب الآجال بهدف تعزيز دينامية القطاع، وذلك انسجاما مع توجيهات الملك محمد السادس، الرامية إلى تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المنشود للبلاد.
خارطة طريق للتشغيل
أكد أخنوش، حسب المصدر ذاته، أن الحكومة تتابع عن كثب التغيرات التي تطرأ على دينامية هذا القطاع، وستفعل حزمة من الإجراءات ذات الأثر الميداني على المدى القريب والمتوسط، لتسريع وتيرة تنزيل البرامج المنتجة لفرص الشغل، داعيا مختلف المتدخلين في القطاع إلى التعبئة والتنسيق من أجل تحقيق أكبر مستوى من الالتقائية، والرفع من نجاعة التدخلات الحكومية، وأشار المتدخلون، خلال الاجتماع، إلى أن ملف التشغيل الذي يحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة، خصص له قانون المالية 2025 حوالي 14 مليار درهم لإنعاش هذا القطاع. إذ من المرتقب أن تساهم خارطة طريق قطاع التشغيل، في إنعاش فرص الشغل اللائق لجميع الفئات الاجتماعية في المجالين الحضري والقروي، رغم إكراهات الظرفية. كما جرى التذكير، يبرز البلاغ، بأن خارطة طريق قطاع التشغيل، ستأخذ بعين الاعتبار تدبير إشكالية الماء ورفع مختلف التحديات التي يواجهها العالم القروي، إضافة إلى تدابير عملية لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة باعتبارها رافعة لفرص الشغل، وكذا المراهنة على التكوين لتسريع الإدماج في سوق الشغل.
وقال وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، إن “الحكومة تمر اليوم إلى السرعة القصوى في ملف التشغيل”، وأوضح، في تصريح للصحافة عقب اجتماع خصص لموضوع إنعاش التشغيل، ترأسه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أنه “سيتم في هذا الإطار اعتماد برامج دقيقة تتمثل في التدرج المهني، وبرنامج خاص مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات لمساعدة الأشخاص غير الحاصلين على دبلومات، بالإضافة إلى برامج مهمة للتكوين تشمل العالم القروي، وتتم في إطار مقاولات صغيرة ومتوسطة بميزانية مهمة جدا”.
وأكد الوزير على ضرورة تبسيط مساطر الاستفادة بالنسبة للباحثين عن عمل، وكذا بالنسبة للمقاولات، خاصة الصغرى والمتوسطة والمتناهية الصغر، مشيرا إلى أن اجتماع اليوم شكل مناسبة للتداول في هذه القضايا بشكل دقيق، وشدد على أن هذه العملية ينبغي أن تشمل كافة التراب الوطني، موضحا أن توجيهات رئيس الحكومة أكدت على ضرورة أن تشمل هذه البرامج جميع فئات المواطنين بالوسطين القروي والحضري، وأكد السكوري أنه من خلال هذه البرامج الدقيقة والغلاف المالي المخصص لها، وكذا جاهزية الإدارة، “سنساهم في التغلب على معضلة البطالة”.
من جهتها، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، عقب هذا الاجتماع الذي حضره ممثلو القطاعات الحكومية المعنية والمندوبية السامية للتخطيط والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أن الحكومة جعلت ملف التشغيل من أهم أولوياتها، لاسيما خلال النصف الثاني من ولايتها، مذكرة بأن قانون المالية لسنة 2025 خصص لهذا الملف ميزانية تقدر ب 14 مليار درهم.
ولفتت فتاح إلى أنه “سيتم في الأيام المقبلة الإعلان عن استراتيجية واضحة وتنزيلها على أرض الواقع”، ويتعلق الأمر “باستراتيجية عملية للتفاعل مع ملف التشغيل على المدى القصير، (سنة 2026)، إضافة إلى برنامج آخر يمتد على المديين المتوسط والطويل لخلق فرص الشغل على نحو مستدام”، وأوضحت أن “برنامج العمل يتمحور حول تدابير تهم الاستثمار، لا سيما في المقاولات الصغرى والمتوسطة باعتبارها منتجا لفرص الشغل، وتدابير خاصة بالعالم القروي والقطاع الفلاحي، تفرضها الحاجة لإيجاد حلول في ظل أزمة الجفاف، مع التركيز بقوة على التكوين والتدريب نظرا لأهميتهما في تسريع الإدماج في عالم الشغل”.
أولوية التشغيل
نظرا لأهميته الحيوية في تعزيز التماسك الاقتصادي والاجتماعي، فضلا عن كونه لبنة أساسية لبناء الدولة الاجتماعية، وضعت الحكومة التشغيل على رأس أولوياتها برسم النصف الثاني من الولاية الحكومية، ويتجلى هذا التوجه الاستراتيجي في اعتماد خارطة طريق مخصصة للتشغيل تنبني على تحليل شامل ومتعدد الأبعاد والقطاعات، يتناول العديد من الجوانب المهمة لسوق الشغل من خلال منظور العرض والطلب.
واستنادا إلى هذا التشخيص المعمق تستعد الحكومة لتنزيل مخطط يتضمن تدابير ملموسة وموجهة سيتم تفعيلها ابتداء من سنة 2025 بهدف تقديم حلول هيكلية وفعالة للتحديات المعقدة والمستمرة لسوق الشغل، وفي هذا السياق، سيساهم تفعيل ميثاق الاستثمار وتنزيل الاستراتيجيات القطاعية المختلفة، إلى جانب إنجاز المشاريع الكبرى للبنية التحتية، في إعطاء دفعة قوية لإحداث فرص الشغل.
وموازاة مع ذلك تم إدراج تدابير جديدة في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2025 بهدف تحسين فعالية الآليات الحالية للنهوض بالتشغيل، والحفاظ على الشغل بالعالم القروي، وتشجيع تنمية المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، وتعزيز الأنشطة النسائية، كما سيتم التركيز بشكل خاص على تعزيز قيادة وحكامة هذه المبادرات الضمان نجاحها وتأثيرها المستدام، وفي هذا الإطار، تم تعبئة غلاف مالي إضافي يناهز 14 مليار درهم برسم مشروع قانون المالية لسنة 2025 لتنزيل المحاور الثلاثة الرئيسية لخارطة طريق التشغيل.
تحفيز الاستثمار
يتعلق المحور الأول بتحفيز الاستثمار (+ 12 مليار درهم)، من خلال تحفيز خلق القيمة وترجمتها إلى مناصب شغل، وذلك بمواصلة تنفيذ ميثاق الاستثمار الجديد الذي يضع إحداث فرص الشغل في صميم أولوياته عبر تدابيع تحفيزية مصممة خصيصا لتشجيع الاستثمارات المحدثة الفرص الشغل القارة، خاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية وينص هذا الميثاق على منح حوافز أكبر للمشاريع التي تلتزم بإحداث عدد أكبر من فرص الشغل المباشرة.
علاوة على ذلك، وبالإضافة إلى الآلية المخصصة للمقاولات الكبرى والتي دخلت حيز التنفيذ منذ مارس 2023، سيتم إيلاء اهتمام خاص لتعزيز دينامية ومرونة نسيج المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، ومن هذا المنظور، سيتم تفعيل آلية الدعم الموجهة لهذه الفئة من المقاولات المنصوص عليها في ميثاق الاستثمار، باعتبارها رافعة استراتيجية رئيسية وذلك ابتداء من سنة 2025.
وعلى هذا الأساس، ينتظر أن تصبح هذه الآلية القناة الوحيدة والمركزية لدعم الاستثمار الفائدة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، وأن تندمج في منظومة متكاملة يضطلع فيها كل فاعل بدور محدد. ويكمن الهدف في اعتماد مقاربة مندمجة تروم ترشيد التدخلات، وتجنب تشتت الجهود، وضمان تنمية متجانسة للنسيج الاقتصادي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة.
وبالموازاة مع ذلك ستشكل دينامية التنمية التي تتيحها المشاريع الكبرى للبنية التحتية، خاصة في مجالات الرياضة والسكنى والفلاحة، بالإضافة إلى الاستراتيجيات القطاعية، لاسيما في مجالي الرقمنة والسياحة، فرصة جوهرية لتحقيق نمو شامل ومستدام غني بفرص الشغل.
الشغل بالعالم القروي
أما المحور الثاني يتعلق بالحفاظ على فرص الشغل بالعالم القروي (1 مليار درهم)، وحسب وثيقة صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية، يشكل الحفاظ على فرص الشغل بالمجال القروي تحديا جوهريا ينطلب مقاربة متعددة الأبعاد، ومن شأن المكننة المتزايدة، وتطور الممارسات الزراعية، إضافة إلى التحديات المناخية المتكررة أن تعيد تشكيل معالم التشغيل بالمجال القروي، بشكل ملحوظ، مما يستدعي إيجاد حلول مبتكرة وملائمة.
وفي هذا السياق، وعلى إثر توالي سنوات الجفاف الحاد التي شهدتها بلادنا، اتخذت الحكومة، برسم الموسم الفلاحي 2024 2025 مجموعة من التدابير العاجلة الهادفة إلى الحفاظ على الشغل بالعالم القروي وعلى الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للقطاع الفلاحي، وتهدف هذه المبادرات إلى الحفاظ على استمرارية الاستغلاليات الفلاحية وإعادة تشكيل قطيع الماشية على المستوى الوطني اللذين يعتبران مصدرين مهمين لإحداث فرص الشغل على المستوى القروي.
ومن بين التدابير المذكورة، أيضا، وقف استيفاء الضرائب والرسوم على الاستيراد المطبقة، على الحيوانات الحية من فصيلة الأبقار والأغنام والماعز والجمال وعلى لحوم هذه الفصائل بالإضافة إلى تلك المطبقة على الأرز الأسمر وزيت الزيتون، مع مواصلة دعم أسعار المدخلات الفلاحية مثل الشعير والأعلاف المركبة والبذور والأسمدة.
برامج النهوض بالتشغيل
يتعلق المحور الثالث بتحسين فعالية برامج النهوض بالتشغيل (1 مليار درهم)، ويهدف إلى تحسين فعالية وشمولية البرامج النشيطة للتشغيل، حيث سيتم اتخاذ سلسلة من التدابير لتحسين استهداف البرامج الحالية ومعالجة اختلالاتها وتوسيع نطاقها ابتداء من سنة 2025 ويتعلق الأمر، أساسا، بتوسيع نطاق عقود الإدماج وبرنامج تأهيل” ليشمل الأشخاص غير الحاصلين على شهادات الإدماج فئة من الساكنة لم تكن تستفيد بشكل كاف من هذه البرامج.
إضافة إلى هذه المقاربة الشمولية، سيتم تعديل بعض معايير برنامجي “إدماج” و”تأهيل”، لاسيما من خلال مراجعة مدة التدريب، وتحديد سقف لعدد عقود الإدماج لكل مقاولة، بالإضافة إلى إشراك الفاعلين العموميين في مجال التكوين والمعاهد ذات التدبير المفوض في إطار برنامج تأهيل”، وذلك بهدف تعزيز الإدماج المهني السريع والمستدام.
واستكمالا لهذه المجهودات يبرز التكوين بالتدرج كرافعة أساسية للإدماج المهني يتعين اعتماده على نطاق واسع التقليص الهوة المتزايدة بين المؤهلات الأكاديمية وحاجيات المقاولة من أجل الرفع من جاذبية هذا النظام وفعاليته. سينصب التركيز على تحسين حكامته وجوانبه العملية وسيتم تجسيد ذلك من خلال وضع عقود برامج تشرك كافة الفاعلين المعنيين فضلاً عن تعينة قوية المؤسسات التكوين ذات التدبير المفوض والمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، ولمدن المهن والكفاءات، وكذا الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات من أجل تحسين تشغيل المتدربين وإدماجهم المهني.
وتهدف هذه التدابير إلى توسيع نطاق البرامج النشيطة للتشغيل، بغية الوصول إلى 217.500 مستفيد بحلول سنة 2025، مع الرفع من عدد المتدربين في إطار التكوين بالتدرج إلى 100.000 متدرب.
البرامج الوطنية للتشغيل ودور «ANAPEC»
في إطار استراتيجيته لتنشيط سوق الشغل وتعزيز الإدماج المهني، قام المغرب ببلورة عدة برامج وطنية طموحة، تستهدف بشكل خاص الشباب والفئات الهشة، لتعزيز نمو اقتصادي شامل ومستدام.
ويتم تنفيذ هذه البرامج من قبل الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات «ANAPEC»، التي تعتبر الجهاز التنفيذي للقطاع الحكومي الوصي على التشغيل، مما يتطلب هيكلة وحكامة قادرة على مواكبة التوجهات الملكية السامية، وطموحات البرامج الحكومية الرامية إلى جعل التشغيل أولوية وطنية.
وفي هذا الصدد عرفت الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات إعادة هيكلة، من خلال دمج مستشارين متخصصين وإنشاء مديريات جديدة، حيث تم إحداث مديرية مخصصة بخدمات ريادة الأعمال، ودعم أصحاب المشاريع والمقاولة الصغرى جدا من خلال برامج نوعية مصممة خصيصا لتلبية احتياجات بعض الفئات، سيما الشباب الذين لا يعملون ولا يتلقون تعليما أو تكوين NEET، وتم إحداث مديرية مخصصة بالحركة المهنية المستوى الدولي، من خلال مواكبة ودعم الحركية الدولية لليد العاملة المغربية، مع الحرص على الاستجابة للطلب الداخلي.
ويجب التذكير أن إعادة هيكلة الوكالة أدت إلى مضاعفة قدرتها على التدخل بإدماجها لـ160,394 شخصا في سوق الشغل سنة 2023، مسجلة زيادة بنسبة 15,6 في المائة مقارنة بسنة 2022. وقدرتها على مواكبة مختلف القطاعات الاقتصادية، من خلال برامج للدعم لكل قطاع على حدة. مما مكنها من تحسين نجاعة أدائها، وتعزيز خدمات القرب عبر شبكة واسعة تشمل الوسط القروي، وبتطوير عرض رقمي يتيح الإرشاد والتوجيه والمواكبة عن بعد، وإذ تعتبر إعادة الهيكلة وإضافة بعض المهن، تفعيلا للتوصيات الصادرة عن أجهزة الرقابة الوطنية.
وخلال تنفيذ السياسات العمومية الخاصة بالإدماج الاقتصادي وإنعاش التشغيل من طرف الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات تم إيلاء اهتمام خاص لإدماج النساء، وفقا لمقتضيات النموذج التنموي الجديد والتزام المغرب بتحقيق المساواة بين الجنسين، وعملت الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات على تنزيل مجموعة من برامج التشغيل بمردودية مهمة.
وفي هذا الإطار، قامت الوكالة بتنزيل برامج تحسين قابلية التشغيل عبر مجموعة من الإجراءات، التي تدخل في إطار برنامج تأهيل، سيما التكوين التعاقدي من أجل التشغيل ودعم القطاعات الواعدة والتكوين التأهيلي والتكوين في إطار شراكات. وبلغ عدد المستفيدين من برامج تحسين قابلية التشغيل 134.259 مستفيدا عام 2023، بتحسن بـ7 في المائة مقارنة بسنة 2022.
وكذلك تم تنزيل مجموعة من برامج التشغيل لتعزيز الوساطة، وعلى رأسها برنامجا «إدماج» و«تحفيز»، حيث يرمي برنامج «إدماج» إلى تحسين تنافسية المقاولات وإغناء مواردها البشرية من جهة، وإلى تنمية كفاءات الشباب حاملي الشهادات على الخصوص من خلال تجربة مهنية أولى داخل المقاولة من جهة أخرى. ويخص هذا البرنامج إدماج الباحثين عن شغل.
ويهدف برنامج «تحفيز» إلى إنعاش التشغيل في المقاولات والجمعيات والتعاونيات المنشأة حديثا، عبر الاستفادة من مجموعة من المزايا في حدود 10 أجراء يتم توظيفهم في السنتين الأوليين من تاريخ بداية الاستغلال\التأسيس في إطار عقد عمل غير محدد المدة، وأجر شهري لا يتعدى 10.000 درهم ولمدة 24 شهرا.
وبالإضافة إلى هذه البرامج، تم تنزيل البرنامج الحكومي «أوراش»، الذي مكن من استفادة 223.099 شخصا، منهم 66 في المائة بدون شهادات و32 في المائة من النساء، وينقسم هذا البرنامج إلى «أوراش مؤقتة» على صعيد الأقاليم، بشراكة مع الفاعلين الترابيين الذي هم 103.097 مستفيدا في 2023 و98.110 مستفيدين في سنة 2022، و«أوراش دعم الإدماج المستدام» الذي هم 16.403 مستفيدين في 2023، مقابل 5489 مستفيدا في سنة 2022.
وفي سنة 2023، تم إطلاق برنامج «أوراش» في صيغته الثالثة، وبلغ عدد المستفيدين من برنامج «أوراش» 119,500 مستفيد، عبر فئتين رئيسيتين، وهما 103,097 مستفيدا من الورشات الإقليمية المؤقتة، و16,403 مستفيدين من ورشات دعم الإدماج المستدام، التي تأتي في إطار هدف تحقيق 50,000 طويل الأمد.
وتكشف تركيبة المستفيدين من برنامج «أوراش» عن تنوع يعكس مشاركة نسائية بنسبة 37 في المائة، مما يبرز التقدم المحرز في دمج المرأة مهنيا في سوق الشغل وتحقيق الأهداف الحكومية، كما أن أغلبية المستفيدين 76,852 ينتمون إلى فئة غير الحاصلين على شهادات، بمجموع 64 في المائة، مما يعكس الإدماج المهني للأشخاص ذوي المؤهلات الأقل، كما أن نسبة مهمة من المستفيدين ينتمون إلى الوسط القروي 40 في المائة.
إحداث 213 منصب شغل خلال الفصل الثالث من سنة 2024
كشفت معطيات رسمية أن سوق الشغل عرف انتعاشا خلال هذه السنة، وتشير المعطيات المتوفرة إلى أنه، خلال الفصل الثالث من سنة 2024، تم إحداث حوالي 213 ألف منصب شغل على المستوى الوطني، وارتفع حجم الشغل، خلال الفترة نفسها، بـ262 ألف منصب شغل مؤدى عنه، مقابل تراجع حجم الشغل غير المؤدى عنه بـ49 ألف منصب. وحسب وسط الاقامة، تم إحداث 231 ألف منصب شغل بالوسط الحضري وفقدان 17 ألف منصب بالوسط القروي.
وحسب القطاعات، جرى إحداث ما مجموعه 338 ألف منصب شغل صاف بقطاعات البناء والأشغال العمومية والصناعة بما فيها الصناعة التقليدية والخدمات، مقابل فقدان 124 ألف منصب بقطاع الفلاحة والغابة والصيد نتيجة تداعيات توالي سنوات الجفاف.
وبذلك تم تسجيل استمرار تحسن تدريجي في جودة التشغيل، والتي تتجلى في تراجع نسبة الشغل غير المؤدى عنه، والمتكون أساسا من المساعدين العائليين، لصالح الشغل المؤدى عنه..، حيث واصلت نسبة الشغل غير المؤدى عنه تراجعها، لتسجل 9.2٪ من الحجم الإجمالي للتشغيل خلال هذا الفصل، وذلك راجع أساسا إلى انخفاض حجم الشغل غير المؤدى عنه في الوسط القروي، والذي بلغت نسبته 20,9 ٪.
وبالنسبة للعمل المأجور والشغل الذاتي، عرف الفصل الثالث من هذه السنة ارتفاعا هاما في حجميهما، حيث ارتفع عدد الأجراء بحوالي 105 آلاف منصب شغل، فيما شهد حجم الشغل الذاتي ارتفاعًا بحوالي 152 ألف منصب شغل.
وعلى مدى العشر سنوات الأخيرة، عرف التشغيل في المغرب تحسنًا ملحوظًا على مستوى عدة أبعاد، من أبرزها إحداث أكثر من مليون منصب شغل مؤدى عنه، منتقلا من 8,3 ملايين إلى 9,4 ملايين منصب. ويسجل إجمالا التوجه نحو تنظيم أكثر للشغل، وذلك مرتبط أساسا بامتصاص الشغل غير المؤدى عنه وارتفاع في الشغل المأجور، حيث عرف الشغل غير المؤدى عنه، خلال العقد الماضي، تراجعا بنسبة %50 وخاصة بالوسط القروي، بينما عرف الشغل المؤدى عنه ارتفاعا بنسبة 14% مع زيادة بنسبة 23% في المناطق الحضرية.
وجرى، كذلك، تسجيل استقرار الشغل، إذ ارتفعت نسبة الشغل المأجور ضمن إجمالي حجم الشغل من 44,8% سنة 2013 إلى 58,9% سنة 2023. وهي المعطيات التي تكرسها إحصائيات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي أبانت عن زيادة عدد الأجراء المصرح بهم لدى الصندوق من 2,5 مليون سنة 2013 إلى حوالي 4 ملايين سنة 2023، ما يعكس تطورًا إيجابيًا على مستوى التغطية الاجتماعية والصحية المرتبطة بالشغل. ويعد قطاع الخدمات القطاع الأكثر توفيرا لمناصب الشغل يليه قطاع الصناعة، فالتجارة والبناء، وتظهر قطاعات أخرى، مثل الصحة والعمل الاجتماعي والتعليم، إمكانات نمو كبيرة.
هذا ويعتبر تأهيل العنصر البشري ركيزة أساسية لتحسين جودة الشغل وتعزيز تنافسية المقاولة، وبالتالي جذب الاستثمارات الأجنبية. وفي هذا المجال يعد التكوين المهني وسيلة ناجعة لتحسين قابلية تشغيل الشباب والمساعدة على الإدماج في الحياة العملية والرفع من الإنتاجية وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني.
وعرف هذا القطاع إصلاحات جوهرية مكنت من تطوير هذه المنظومة في جميع المستويات، إذ تم تعزيز الطاقة الاستيعابية لجهاز التكوين، وذلك بالرفع من العدد الإجمالي للمؤسسات ليصل بالقطاعين العمومي والخاص إلى 2332 مؤسسة من بينها 497 مؤسسة تابعة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، و282 مؤسسة بباقي القطاعات العمومية الأخرى و1456 بقطاع التكوين المهني الخاص.
وبلغ عدد المتدربين بالتكوين المهني الأساسي المتوج بدبلوم 435.400 متدربا منهم 301.400 بالقطاع العمومي، و134.000 بقطاع التكوين المهني الخاص. ومن المتوقع أن يبلغ عدد المستفيدين من التكوين التأهيلي حوالي 210.340 مستفيدا و18760 بالباكلوريا المهنية و14100 بالمسار الإعدادي.
وتهدف خارطة الطريق الجديدة لتطوير التكوين المهني، التي تم إعدادها وفقا للتوجيهات الملكية السامية، إلى إصلاح عميق لقطاع التكوين المهني من أجل مواكبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة المغربية وتعزيز القدرة التنافسية للمقاولات وتحسين الاندماج المهني للشباب، من أجل جعل الموارد البشرية المؤهلة ميزة تنافسية.
وتفعيلا للمحور الثاني من خارطة الطريق لتطوير التكوين المهني، المتعلق بإحداث جيل جديد من مراكز التكوين المهني، تم العمل على تسريع وتيرة إنجاز مدن المهن والكفاءات على مستوى مختلف جهات المملكة، حيث انطلق التكوين بسبع مدن للمهن والكفاءات بجهات سوس ماسة والشرق والعيون الساقية الحمراء والرباط سلا القنيطرة وطنجة تطوان الحسيمة وبني ملال خنيفرة والدار البيضاء سطات، وتم الانتهاء من أشغال بناء مدينة المهن والكفاءات لجهة الداخلة وادي الذهب، وهي الآن في طور التجهيز بالمعدات البيداغوجية اللازمة، ويعمل المكتب كذلك على انتقاء الموارد البشرية الخاصة بهذه المدينة؛ واستكمال أشغال بناء مدن المهن والكفاءات بجهات مراكش- آسفي وفاس-مكناس وكلميم- واد نون ودرعة- تافيلالت.
ومن المرتقب أن تستقبل مدن المهن والكفاءات الاثنا عشرة، التي رصدت لها ميزانية إجمالية تصل إلى 6,5 مليارات درهم، 34.000 متدرب سنويا.
وتأتي هذه الإجراءات جوابا عن الأرقام التي كشف عنها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بوجود 1.5 مليون شابة وشاب مغربي ما بين 15 و24 سنة لا ينتمون لفئة التلاميذ والطلبة أو المتدربين في التكوين المهني، ويوجدون في وضعية بطالة خارج الساكنة النشيطة أي لا يبحثون عن الشغل لسبب من الأسباب، وهذا الرقم يصل إلى 4.5 ملايين في الفئة العمرية ما بين 15 و34 سنة. وأشار التقرير إلى أن هذه الفئة تتسم بالهشاشة وتواجه أشكالا عديدة من الإقصاء، لبقائها خارج منظومة الشغل والتعليم والتكوين المهني، إضافة إلى ما يترتب عن إقصاء هؤلاء الشباب من تداعيات خطيرة تهدد تماسك المجتمع والسلم الاجتماعي، من خلال تعميق مظاهر الفقر والهشاشة والفوارق الاجتماعية، وتغذية الشعور بالإحباط والأزمات النفسية، ما يؤدي إلى الانحراف والتطرف والهجرة السرية.
الحكومة ترصد 14 مليار درهم إضافية لدعم قطاع التشغيل
في إطار استراتيجيته الرامية إلى تحسين حوكمة التشغيل على المستوى الوطني، أنشأ المغرب ثلاث لجان رئيسية، تلعب كل منها دورا محددا في إدارة ومواكبة سياسات التشغيل، ويتعلق الأمر باللجنة الوزارية للتشغيل التي تأسست بمرسوم ويرأسها رئيس الحكومة، حيث تهدف إلى وضع التوجهات الاستراتيجية الخاصة بسياسات لتشغيل ومواكبة تنفيذها بتشاور مع مختلف الفاعلين، ثم اللجنة التقنية للمتابعة، وهي هيئة داعمة للجنة الوزارية للتشغيل حيث يرأسها الوزير المكلف بقطاع التشغيل، واللجنة الثالثة هي لجنة مراقبة سوق الشغل، التي تتكلف على الخصوص بمتابعة نتائج تنفيذ المخططات القطاعية على مستوى إحداث مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة.
وخلال الأسبوع الماضي، ترأس رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اجتماعا خصص لموضوع إنعاش التشغيل، بحضور جميع القطاعات الوزارية المعنية، والمندوبية السامية للتخطيط، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، وذكر بلاغ لرئاسة الحكومة أنه تم الوقوف، خلال هذا الاجتماع، على التدابير العملية التي جاءت بها خارطة طريق قطاع التشغيل، والتي تعتزم الحكومة الإعلان عنها في أقرب الآجال بهدف تعزيز دينامية القطاع، وذلك انسجاما مع توجيهات الملك محمد السادس، الرامية إلى تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المنشود للبلاد.
وأفادت المصادر، بأنه استجابة للتحديات التي تواجه سوق الشغل بالمغرب، تم اقتراح ثلاثة مجالات للعمل، تتجلى في تطوير بيئة مواتية لخلق فرص الشغل، ودعم القطاعات الحساسة لتحقيق قدر أكبر من الإدماج، وتسريع خلق فرص الشغل من خلال مقاربة قطاعية. وتتضمن هذه الأولويات تدابير مثل تحسين الحكامة، وتحسين البرامج النشيطة للتشغيل، ودعم المقاولات الصغيرة جدا، والحد من العوائق أمام النساء وأصحاب المشاريع الشباب الذين يبحثون عن فرص الادماج الاقتصادي لأول مرة، وتحديد الفرص القطاعية والمتخصصة لتعزيز القدرة التنافسية وتنويع مصادر التشغيل. وايلاء اهتمام خاص للجهوية وخلق الفرص في المناطق القروية لتحفيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام.
وهكذا، ترتكز خارطة الطريق الجديدة، المقرر إطلاقها سنة 2025، على ثلاثة محاور رئيسية مدعومة بميزانية إضافية قدرها 14 مليار درهم، ويهدف المحور الأول من خارطة الطريق، المدعوم بمبلغ 12 مليار درهم، إلى تشجيع الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية، مع التركيز بشكل خاص على المشاريع التي تخلق فرص عمل قارة. ويمنح ميثاق الاستثمار، الذي دخل حيز التنفيذ منذ مارس 2023، حوافز أكبر للشركات التي تلتزم بخلق عدد كبير من فرص العمل المباشرة.
وفي الوقت نفسه، سيتم اتخاذ تدابير محددة لدعم المقاولات الصغرى، باعتبارها محرك أساسي للاقتصاد المغربي. وسيُستخدم مخطط دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، المنصوص عليه في ميثاق الاستثمار، كرافعة استراتيجية ابتداءً من عام 2025.
وبميزانية قدرها مليار درهم، تتمحور الركيزة الثانية من هذه الخارطة على الحفاظ على فرص العمل في المناطق القروية، التي تضررت بشكل خاص من التغيرات العميقة للقطاع الفلاحي. وتعتزم الحكومة تنفيذ مجموعة من التدابير لدعم الفلاح وإعادة بناء مخزون الثروة الحيوانية، مع التخفيف من آثار الجفاف المتكرر. وتشمل هذه المبادرات إعفاءات ضريبية ودعم أسعار المدخلات الفلاحية.
ويهدف المجال الأخير، المدعوم أيضاً بمليار درهم، إلى تحسين فعالية برامج انعاش التشغيل الحالية في اطار السياسة الاجتماعية التي تنهجها الدولة، من خلال توسيع نطاق بعض التدابير مثل عقود التكوين من أجل الإدماج وبرنامج” تأهيل”، لتشمل غير حاملي الشهادات لفترة 12 شهرًا غير قابلة للتجديد، والذين غالباً ما يتم تجاهلهم من قبل البرامج الحالية، مع طموح الوصول إلى 212,500 مستفيد بحلول عام 2025، والرفع من عدد المستفيدين من نظام التدرج المهني ليصل الى 100.000 في السنة بدل 25 ألف حاليا.
ويستهدف هذا النمط أساسا الشباب المنقطعين عن الدراسة، وكذا الشباب في وضعية لا تعليم ولا تكوين ولا بحث عن شغل NEETs، وذلك بهدف تمكينهم من الحصول على الكفاءات الضرورية لممارسة نشاط مهني، وينظم هذا النمط من التكوين بالتدرج المهني، المحدث بموجب القانون 12.00، بنسبة 80 في المائة على الأقل من مدته الإجمالية بالمقاولة (التكوين التطبيقي) وبنسبة 10 في المائة على الأقل من هذه المدة بمركز التكوين (التكوين العام والتكنولوجي).
وقد عملت الوزارة على تنمية التكوين بالتدرج المهني بشراكة مع القطاعات المكونة العمومية كقطاع الصناعة التقليدية والفلاحة والصيد البحري والسياحة، وكذلك في إطار شراكة بين القطاع العام والخاص، حيث تم إحداث 56 مركزا للتدرج المهني، وأيضا الشراكة مع جمعيات المجتمع المدني التي تتسم بالقرب والمرونة في التدبير. وسيتم تعزيز هذه الشراكات لتوسيع عرض التكوين بالتدرج المهني ليشمل مجالات أخرى.
الحكومة تخصص 14 مليار درهم لإنعاش قطاع التشغيل
التركيز على الشباب بدون شهادات ودعم المقاولات الصغرى
إعداد: لمياء جباري
عقد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اجتماعا موسعا مع القطاعات الوزارية المعنية، لمناقشة التدابير العملية لإنعاش قطاع التشغيل. وتم خلال الاجتماع عرض خارطة طريق تهدف إلى خلق فرص عمل لائقة، ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة. وشدد رئيس الحكومة على أهمية تنسيق الجهود لتحقيق أهداف خارطة الطريق، بما يشمل تحسين التكوين المهني، واستهداف فئات الشباب والنساء في المناطق الحضرية والقروية، كما تناول الاجتماع التحديات المائية وتأثيرها على سوق الشغل، مع التأكيد على أهمية الابتكار لتحفيز الاستثمار والإدماج الاقتصادي.
14 مليار درهم لإنعاش التشغيل
ذكر بلاغ لرئاسة الحكومة أنه تم الوقوف، خلال هذا الاجتماع، على التدابير العملية التي جاءت بها خارطة طريق قطاع التشغيل، والتي تعتزم الحكومة الإعلان عنها في أقرب الآجال، بهدف تعزيز دينامية القطاع، وذلك انسجاما مع توجيهات جلالة الملك محمد السادس، الرامية إلى تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المنشود للبلاد. وأكد أخنوش، حسب المصدر ذاته، أن الحكومة تتابع عن كثب التغيرات التي تطرأ على دينامية هذا القطاع، وسَتُفَعِّلُ حزمة من الإجراءات ذات الأثر الميداني على المدى القريب والمتوسط، لتسريع وتيرة تنزيل البرامج المنتجة لفرص الشغل، داعيا مختلف المتدخلين في القطاع إلى التعبئة والتنسيق من أجل تحقيق أكبر مستوى من الالتقائية، والرفع من نجاعة التدخلات الحكومية. وأشار المتدخلون، خلال الاجتماع، إلى أن ملف التشغيل الذي يحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة، خصص له قانون المالية 2025 حوالي 14 مليار درهم لإنعاش هذا القطاع. إذ من المرتقب أن تساهم خارطة طريق قطاع التشغيل، في إنعاش فرص الشغل اللائق لجميع الفئات الاجتماعية في المجالين الحضري والقروي، رغم إكراهات الظرفية. كما جرى التذكير، يبرز البلاغ، بأن خارطة طريق قطاع التشغيل ستأخذ بعين الاعتبار تدبير إشكالية الماء، ورفع مختلف التحديات التي يواجهها العالم القروي، إضافة إلى تدابير عملية لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة باعتبارها رافعة لفرص الشغل، وكذا المراهنة على التكوين لتسريع الإدماج في سوق الشغل. حضر هذا الاجتماع كل من وزيرة الاقتصاد والمالية، ووزير التجهيز والماء، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، ووزير الصناعة والتجارة، ووزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، وكاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، وكاتب الدولة المكلف بالإسكان، وكاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، إضافة إلى المندوب السامي للتخطيط، والمدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
التركيز على الشباب بدون عمل وتكوين وتعليم
في السنوات الأخيرة، يمكن تلخيص الاهتمام الرئيسي للحكومة في كلمة واحدة: التشغيل. وتظل هذه القضية الرئيسية تحديا معقدا يتعين التغلب عليه. وعلى الرغم من إطلاق العديد من البرامج الطموحة لتعزيز التشغيل، إلا أن النتائج التي تم الحصول عليها ما زالت بعيدة عن التوقعات، فيما تستمر معدلات البطالة في الارتفاع لتصل إلى معدلات غير مسبوقة. وعلى الرغم من التقدم الملحوظ الذي تم إحرازه في المناطق الحضرية، إلا أن الوضع لا يزال عرضة للتحسين، ويتطلب بذل جهود متواصلة. ومن ناحية أخرى، فإن الوضع في المناطق القروية أكثر خطورة بكثير. فمنذ عام 2016، عانى العالم القروي من تآكل مستمر في أعداد العمالة، وهي ظاهرة تفاقمت، بسبب حالات الجفاف المتكررة، التي أدت على مدى السنوات الثماني الماضية، إلى تفاقم هذا الانخفاض بطريقة مثيرة للقلق. ومع ذلك، فإن الوضع ليس غير قابل للإصلاح، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعاطلين عن العمل الذين لديهم مؤهلات أو خبرة معينة. ويمكن لهؤلاء الأفراد، على الرغم من بعدهم عن سوق العمل، أن يجدوا مكانهم مرة أخرى من خلال مبادرات جيدة الاستهداف. لكن التحدي الحقيقي يكمن في الشباب بدون عمل وتكوين وتعليم. ووفقا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تمثل هذه الفئة من السكان تحديا حقيقيا لصناع القرار. ومن بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 24 عاما، هناك أكثر من 1.5 مليون شخص بدون عمل وتكوين وتعليم (NEETs). وعندما نقوم بتوسيع هذه الفئة العمرية لتشمل الشباب حتى عمر 35 عاما، يرتفع هذا الرقم إلى أكثر من 4 ملايين شخص. في هذا السياق، قال يونس السكوري، وزير التشغيل والإدماج المهني، في كلمة خلال اجتماع لجنة القيادة الخاصة باستراتيجية التشغيل، لتحسم في البرامج الجديدة التي ستطلقها الحكومة، سيما من أجل خلق فرص الشغل لدى غير حاملي الشهادات، وخصوصا NEET، ودعم التشغيل في العالم القروي، بالإضافة إلى المقاولات الصغرى والمتوسطة بميزانية 14 مليار درهم، إن «الحكومة تمر إلى السرعة القصوى في ملف التشغيل، وهي تغيير نظرتها في هذا المجال، من خلال التركيز على الشباب غير حاملي الشهادات، والذين يبلغ عددهم تقريبا مليون شخص، وذلك من خلال مشروع وبرنامج دقيق يعتمد التدرج المهني»، مبينا أن «الحكومة ستعتمد على وكالة إنعاش التشغيل والكفاءات، من أجل اعتماد برامج تشغيل لا ترتكز على شرط الشهادات، بالإضافة إلى برامج للتكوين لهذه الفئة». وشدد السكوري على أن «الحكومة ستعتمد برامج تشغيل ستشمل أيضا العالم القروي، وجميع التراب الوطني، سواء الجهات التي تعرف استثمارات، أو الجهات التي تعاني من نقص الاستثمارات، بغرض تحقيق التوازن وفي سبيل التغلب على معضلة البطالة»، مبينا أن «برنامج عمل الحكومة يشمل أيضا الشركات المتوسطة والصغرى والصغيرة جدا، من خلال الدعم والمواكبة وتبسيط المساطر، وسيتم تعميم هذه الخارطة الجديدة مع بداية السنة المقبلة، وتماشيا مع ما تضمنه قانون مالية 2025 من مستجدات في هذا المجال»، مشيرا إلى أن «توجيهات رئيس الحكومة على أن تشمل هذه البرامج الحكومية في مجال التشغيل جميع الفئات من الشباب، وعلى امتداد التراب الوطني».
تبسيط الاجراءات
تبسيط الإجراءات واتباع نهج إقليمي واجتماعي شامل، هو إحدى العقبات الرئيسية أمام التنفيذ الفعال والشفاف لسياسات التشغيل. وفي هذا الصدد، أكد يونس السكوري أن هذه المبادرة ستتميز بتبسيط الإجراءات، سواء بالنسبة إلى الباحثين عن عمل، أو بالنسبة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة. «من الضروري تبسيط جميع إجراءات الحصول على المزايا، سواء للأشخاص الذين يبحثون عن عمل أو للشركات، وخاصة الشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة». وبحسب الوزير، تهدف المبادرة إلى تغطية كامل التراب المغربي دون إحداث فوارق، وستكون النساء والشباب وسكان القرى في قلب هذا النهج الشامل. «يجب أن تمتد هذه المبادرة إلى كامل التراب الوطني. ومسؤولية الحكومة تمتد إلى جميع الجهات، المستفيدة من الاستثمار وتلك التي تفتقر إليه. لذلك، فإن العمل المنجز اليوم وتوجيهات رئيس الحكومة تهدف إلى ضمان وأن تعود هذه البرامج بالفائدة على جميع المواطنين، سواء في القرى أو المدن، بما في ذلك النساء والشباب».