شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاص

حين لوحت رئيسة البرلمان الأوروبي بإصلاحات جذرية وقالت: «أوروبا والديمقراطية تحت التهديد»

المغرب وماكينة الوحل الإعلامي والسياسي الأوروبي..مكاشفة لابد منها (6)

لم يكن تعليق السيدة «روبيرتا ميتسولا» رئيسة البرلمان الأوروبي منذ يناير 2022 بعد موت الرئيس السابق «دافيد ساسولي»، كلاما عاطفيا أو ردة فعل عادية بعد التفجير الإعلامي لقضية «قطرغيت». إذ كان تصريحها يوم 15 دجنبر بأن «أوروبا والديمقراطية تحت التهديد…» يحمل في طياته العديد من الرسائل تتجاوز المبالغ المحجوزة في منزل بانزيري وإيفا كايلي… لأن الأمر يتعلق بالمجلس التشريعي الأوروبي الوحيد المنتخب من طرف ناخبي بلدان الاتحاد الأوروبي، ويتعلق بضرب أهم عنصرين بين المواطنين الأوروبيين والمشرعين الأوروبيين هما «الثقة» والرأسمال «الأخلاقي» اللذين طالما تغنى بهما اليسار منذ عقود عديدة…

مقالات ذات صلة

 

الجزائر وزعزعة ثقة المشرعين الأوروبيين

 

فقد تطور الحديث على هامش «قطر غيت» إلى إعادة نقاش مدونة السلوك والأخلاقيات داخل البرلمان الأوروبي، كما تفرع إلى الحديث عن «المسألة السياسية» و»المسألة الأخلاقية». ولأن المتهمين بالفساد والرشوة هم من أصول إيطالية، فقد أعيدت من جديد قراءة أقوال ونظريات أيقونات اليسار الإيطالي والأوروبي كل من «أنريكو بيرلينغوير» Enrico Berlinguer و «أنطونيو غرامشي» Antonio Gramsci وحديثهما عن المسألة الأخلاقية في الممارسة السياسية…

كما أن تلويح رئيسة البرلمان الأوروبي «روبيرتا ميتسولا» بسلة من الإصلاحات الجذرية تتعلق بمدونة السلوك ابتداء من سنة 2023… فهذا يعني شيئا واحدا… وهو أن الجميع كان يعرف أن العاصمة بروكسيل هي بؤرة فساد ورشوة، من جهة وأن قضية «قطرغيت» هي القطرة التي أفاضت الكأس فقط، من جهة ثانية…

ورغم توفر مؤسسة البرلمان الأوروبي على آليات ولجان الشفافية والأخلاقيات وإصدار تقارير دورية وسنوية حول هذا الأمر… تبقى بروكسيل بيئة سياسية مريضة بالفساد والتهرب الضريبي…

لقد حاولت مؤسسات الاتحاد الأوروبي تطويق ظاهرة انتشار مجموعات الضغط «اللوبيزم» بخلق سجل الشفافية باللجنة الأوروبية حيث تجبر كل المنظمات الحقوقية والتنظيمات النقابية بالتسجيل ضمانا لشفافية عملها ولقاءاتها الخارجية… حتى وصلت رقم 13.500 مجموعة ضغط مسجلة وهو رقم فاق الأرقام المسجلة في عواصم سياسية أخرى كواشنطن مثلا… وهو ما يعني أن عدد المشتغلين في مجموعات الضغط ببروكسيل هو جيش فاق 30 ألف فرد وهناك من يقول 40 ألف فرد… كما أن بطاقاتهم البرتقالية (الخاصة بمجموعات الضغط) تسمح لهم بالدخول بكل حرية لمبنى البرلمان الأوروبي ولكل ملحقاته…

وحسب جريدة Il giorno الإيطالية فقد غادر مقر البرلمان الأوروبي خلال انتخابات سنة 2019 حوالي 485 برلمانيا، أي لم يعد انتخابهم سنة 2019، لكن 30 في المئة منهم فضلوا الانضمام إلى مجموعات الضغط الموجودة في بروكسيل أو تأسيس منظمات حقوقية بها… مع بقاء حق البرلمانيين الأوروبيين السابقين في حمل للبطاقة الزرقاء والتي تتيح لهم الدخول بكل حرية إلى مقر البرلمان الأوروبي وكل ملحقاته…

وهو ما يعني أن عملهم خاضع أساسا لرقابة مؤسسات الاتحاد الأوروبي…

كما أنه من البديهي الجواب على طبيعة عملهم، أي تقديم صورة أجمل وأرقى عن موكليهم من شركات ومؤسسات ودول وغيرها… بمعنى أنهم يتقاضون عمولات نظير عملهم مع لجان البرلمان الأوروبي أو مجموعاته أو مع أفراد البرلمان أو الهيئات النقابية… مع التقييد بالتسجيل في سجل الشفافية والتصريح بالمداخيل في إطار احترام القانون الضريبي وللاغتناء الغير مشروع…

 

 

مجموعات الضغط.. الوجه الآخر

 

قد يبدو عمل مجموعات الضغط ببروكسيل كعمل مؤسسات الإشهار والتسويق… وذلك بتقديم المنتوجات إلى أكبر قاعدة من المستهلكين المحتملين وتمجيد محاسن تلك المنتوجات… أو كمجهودات المحامي الذي يجتهد في الدفاع عن موكله وتفكيك أسباب براءته وتسفيه عناصر إدانته… وهي بهذا المعنى تتلقى عمولات وأجورا في المثال الأول وأتعابا في المثال الثاني…

وعليه، فمجموعات الضغط هي الوجه الآخر لمؤسسات الدفاع عن مصالح الشركات والدول وتخليص صورها من كل شوائب وتشويه… وهذا ما تفعله مجموعات الضغط ببروكسيل مع نواب ولجان البرلمان الأوروبي… حيث تحرص كل الدول التي تربطها مع الاتحاد الأوروبي علاقات سياسية أو تجارية… أن تكون لها علاقات عمل وتعاون مع «اللوبي» الموجود في بروكسيل حتى أنه أصبحت معروفة لدى الخاص والعام… فإيران ودول الخليج وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وغيرها كلها لها أصدقاء داخل البرلمان الأوروبي وتتعاون مع مجموعات عمل وهذا ليس بسر…

لكن ما لوحظ هو الخروج المكثف والمنظم لماكينة الإعلام الإيطالي من أجل إقحام المغرب في قضية «قطرغيت» سواء بإعادة نشر تسريبات مفبركة لعميل المخابرات الجزائرية «كريس كولمان» أو بإغراق المقالات بصور لشخصيات مغربية…

في حين لم تجرؤ تلك الماكينة الإعلامية الإيطالية على نشر صور أمير قطر أو مسؤولين كبار قطريين في مقالاتها رغم أن القضية تحمل اسم «قطر غيت»… ويظهر أن تهديد قطر لبلجيكا والاتحاد الأوروبي بإمكانية إعادة نظرها في التعاون الطاقي… كان له أثر كبير على طريقة صياغة التقارير الإعلامية وكذا على مآلات القضية… في حين تخصصت تلك الماكينة الإعلامية في الخوض في العلاقات المغربية والبرلمان الأوروبي والقرارات الخاصة بالصحراء المغربية وكذا الاتفاق بخصوص الفلاحة والصيد البحري…

وقد كشف هذا الإسهال الإعلامي والإصرار على الإقحام الإعلامي للمغرب بعد الفشل السياسي الكبير حتى في زمن تفجير قضية «قطرغيت»… الأيادي الخفية للجزائر التي تحاول تشويه وشيطنة المغرب لدى الرأي العام الأوروبي من جهة… كما تحاول خلق بيئة من الشك والتشكيك في كل قرارات البرلمان الأوروبي المتعلقة بصورة المغرب ومصالحه… خاصة الصحراء المغربية واتفاقية الفلاحة والصيد البحري… وأن كل تلك القرارات كانت معيبة بشبهة الفساد والرشوة… وأن البرلماني الأوروبي السابق «أنطونيو بانزيري» رفقة بضعة رفقائه في اليسار أو في المنظمات العمالية والحقوقية… قد استطاع لي ذراع مجموعة 704نواب برلمانيين، وأثرت لجنته التي لا يتعدى أعضاؤها العشرين عضوا في قرارات وتصويت الجلسات العمومية ببروكسيل وستراسبورغ…

 

 

فضح «البروباغاندا» الجزائرية

 

إن ما تحاول الجزائر تمريره من خلال هذه القضية لا يقبله عقل ولا منطق… إذ ترفض لغة الأرقام الإذعان لخطط المخابرات الجزائرية… والقول بأن كل قرارات البرلمان الأوروبي المتعلقة بالصحراء المغربية هي غير ذات مصداقية وأن وراءها أصدقاء المغرب… وهو ما يعني أن هدف الجزائر من وراء كل هذه الضجة الإعلامية هو خلق جو مشحون داخل البرلمان الأوروبي في كل مرة يتعلق الأمر بمصالح المغرب وخاصة صحراءه المغربية… وأن تذكيرها بلغة الترهيب لكل الراغبين من نواب البرلمان الأوروبي ومجموعات الضغط وممثلي النقابات العمالية والمنظمات الحقوقية… في النجاة من أقلام وعدسات الماكينة الإعلامية الغربية التابعة للمخابرات الجزائرية هي معارضة قرارات تخص مصالح المغرب… وهذا أمر خطير وهدف وضيع وغير مؤسس على عناصر منطقية وقواعد واقعية وعددية…

إذ جاء في محاضر تصويت البرلمان الأوروبي على اتفاقية الصيد البحري مثلا… على أنها تمت بتصويت 415 بالقبول و 189 بالرفض، فيما امتنع عن التصويت 49 نائبا برلمانيا أوروبيا… أما اتفاقية الفلاحة فقد تمت بتصويت 444 بالقبول ومعارضة 167 فيما امتنع عن التصويت 68 برلمانيا أوروبيا… وهي نتائج لا يمكن نسبها إلى بضعة أفراد من البرلمان الأوروبي المكون أساسا من أكثر من 700 فرد… بل هو اقتناع المشرعين الأوروبيين بجدوى وقوة وبقانونية تلك الاتفاقيات مع المغرب، وبأهمية العلاقات الاستراتيجية بين دول الاتحاد الأوروبي والمغرب..

لذلك فكل هذه «البروباغاندا» الجزائرية من أجل شيطنة المغرب وتقزيم قرارات البرلمان الأوروبي وتبخيس عمل المشرعين الأوروبيين وبث الشك وعدم الثقة في كل أعضائه ومؤسساته… هو عمل مثير للسخرية ومفضوح أمام الرأي العام الأوروبي… وأن أقصى ما قد يُلام عليه أو يتابع من أجله السيد «بانزيري» من طرف القضاء الفيدرالي البلجيكي هو عدم تصريحه بمداخيل عمل منظمته الحقوقية وليس بسبب صداقته أو تعاونه القانوني سواء مع قطر أو تونس أو موريطانيا أو السينغال… أو  المغرب. سواء بصفته رئيس اللجنة البرلمانية المختلطة الأوروبية المغربية، أو بصفته صاحب منظمة حقوقية تدافع عن صورة قطر أو بصفته صديقا للمغرب، إذ لا تجرم قوانين الدنيا عقد صداقات شفافة في قلب النهار ووسط مؤسسات عمومية…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى