شوف تشوف

الرئيسية

حول شركة «بيرلي» إلى مؤسسة مواطنة ونسج علاقة مع القوى الوطنية

حسن البصري
ولد بول بيرلي في الخامس من أكتوبر 1918 في مدينة ليون الفرنسية، كان والده ماريوس هو مؤسس مؤسسة صناعية تحمل اسم العائلة، وكان السابع في تشكيلة الأبناء، فتح عينه على وسط المال والأعمال ودخل صغيرا لورشات شركة تختص في تركيب الشاحنات، حيث كان لها أصل في مونبوليي بفرنسا وفرع في الدار البيضاء، دشن مباشرة بعد الاستقلال بحضور رئيس الوزراء حينها عبد الله إبراهيم، بعد أن قام رجل أعمال فرنسي يدعى كلوسترمان ببيع ورشته لبول بيرلي، والعودة إلى بلاده.
بعد وفاة والده ماريوس سنة 1949، أشرف بول على إدارة الشركة التي أنشأها والده، وعمل على توسيعها ورفع رقم معاملاتها، وحولها إلى مؤسسة صناعية رائدة في المغرب، وحين عاد إلى بلاده انتخب عمدة لمونبوليي، مستندا إلى علاقاته بسياسيين مغاربة وجزائريين، وبصفة خاصة مع كبار حكام بلدان محيطه التجاري.
من غرائب الصدف أن يتوفر مصنع والد بول على مدرسة مخصصة لأبناء العمال، وفيها درس بول في مرحلته الدراسية الابتدائية، حاول الفتى ولوج كبريات مدارس الصناعات الميكانيكية لكنه فشل في مباريات الانتقاء وإن تدبر في نهاية المطاف، بفضل والده، تدريبا ميدانيا في شركة بريطانية رائدة.
خلال الحرب العالمية الثانية تعرض مصنع بيرلي في فرنسا لهجوم مدمر جعل الأب يقضي ما تبقى من حياته كئيبا، فقد جاءت الغارة استنادا إلى تقارير تقول إن الجيش الفرنسي يعتمد على شاحنات بيرلي بدرجة كبيرة، أعيد إنشاء المصنع وتحولت أسرة بيرلي إلى قضية سياسية بعد أن جردتها حكومة فيشي من ملكيتها، قبل أن تتم إعادة الأمور إلى نصابها بسبب ضغط الصحافة.
وكي لا يظل المصنع تحت رحمة السياسة، قرر بول إنشاء فروع للشركة في دول أخرى كالجزائر عام 1957 والمغرب بعد عام حين حصل على استقلاله، وكان يتواجد في الدار البيضاء وتحديدا بحي البرنوصي. نال المصنع مكانة هامة في الاقتصاد الوطني حيث أصبحت الحكومات تعتمد عليه في المجال اللوجستيكي، خاصة وأن بول بيرلي تمكن من نسج علاقات مع الملك محمد الخامس ومع رؤساء دول أخرى كالحبيب بورقيبة التونسي والهواري بومدين ثم فيديل كاسترو. لكن الرئيس الفرنسي دوغول كان مقربا منه إلى درجة أن البعض وصف بيرلي بالمستشار الاقتصادي للرئيس، خاصة في قضايا تعاون شمال- جنوب.
بعد اندماج «بيرلي» مع «سيتروين» أصبح بول رئيسا للشركة الجديدة، وظل يدافع في المحافل العالمية عن المستثمرين الأجانب داعيا إلى تشجيع الدول الكبرى لاقتصاد الدول النامية، وبعد الاندماج مع «رونو» ظل بول محافظا على مكانته في غرفة العمليات، خاصة بعد أن طور الشركة إلى ما يشبه «الهولدينغ»..، بل إن «بيرلي المغرب» ظلت تمد الأسواق الإفريقية بالشاحنات، خاصة السينغال وموريتانيا وليبيا، كما وسعت نشاطها التجاري ليشمل سوقا مهمة بالصين. في عام 1983 قرر بول وضع حد لمساره المهني كمسير شركة واكتفى بالإشراف على مؤسسة الأعمال الاجتماعية والفكرية التي تحمل اسم والده.
في عام 2012 توفي بول بمدينة ليون الفرنسية، وحضر جنازته عدد من رجال الأعمال المغاربة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى