شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرحوار

حوار مع عمر لوزي- صاحب مبادرات فريدة لتخفيف معاناة سكان الحوز

ابتكرنا مراحيض جافة لحفظ كرامة سكان المنطقة

المستثمر بالقطاع السياحي قال إن الخيام الإيكولوجية بديل مؤقت لإيواء المتضررين

مقالات ذات صلة

 

حاوره: النعمان اليعلاوي

 

منذ فاجعة الحوز، ليلة الثامن من شتنبر الماضي، تقاطرت المبادرات التضامنية على المناطق المتضررة من الزلزال، وتنوعت بين ما هو رسمي وما هو مؤسسات وما هو فردي، بدأت بتجميع وتوزيع المواد الغذائية وتلتها مبادرات الخيام ثم مبادرات المستشفيات الميدانية العسكرية.

وبعد حوالي شهر من الفاجعة، مازال المتضررون من زلزال الحوز والمناطق المجاورة يستقرون في خيام سلمتها لهم السلطات والمبادرون من المتضامنين، فيما انتقل أطفال المنطقة من الدراسة وسط حجرات إسمنتية إلى حجرات عبارة عن خيام.

في هذا الحوار مع «الأخبار»، يعرض الفاعل المحلي والمستثمر في القطاع السياحي، عمر لوزي، جانبا من المبادرات الفريدة التي أطلقها لصالح سكان المنطقة التي خبرها لسنوات. مبادرات اقتصادية وتضامنية يرى المحاور أن من شأنها تخفيف معاناة السكان الذين فقدوا منازلهم وتغيرت أحوالهم.

 

 

  • ما خلفيات فكرة توزيع مراحيض جافة على سكان دواوير الحوز؟

+ تعود فكرة هذا المشروع التضامني إلى سنوات سابقة، حيث حضرت فاجعة زلزال هايتي وأيضا زلزال الحسيمة. حينها كنت في حاجة ماسة إلى تلقي تكوين في مجال الإنقاذ والسلامة من الكوارث الطبيعية، وعلى رأسها الزلزال، وعاينت تجارب شخصية وإنسانية ما دفعني إلى تلقي التكوين في هذا الجانب، رغبة ملحة مني في تقديم المساعدة للأشخاص المتضررين حينها. ومن هذا الباب باشرت الاشتغال في هذا الجانب، وكان وازعي الواجب الإنساني في تقديم يد العون لتلك الفئة من المتضررين، ومن هنا كانت أولى ارتباطاتي بالزلزال وضحايا الكوارث الطبيعية. في الصبيحة الموالية لليلة وقوع زلزال الحوز، كنت بالمنطقة بحكم اشتغالي فيها، وحاولت بما تلقيته من تكوين تقديم يد المساعدة للسكان المتضررين من خلال أساسيات انتشال المصابين والضحايا من تحت الأنقاض والإسعافات الأولية للناجين، وبعدما انتهت لحظات الفاجعة، واكبت سكان العديد من الدواوير في محاولة للإصغاء لهمومهم واحتياجاتهم. لاحظت أن أغلب الأسر، وبحكم أن سكان تلك المناطق محافظون، تجد صعوبة في قضاء حاجتها خارج الخيام، وهو الأمر الذي يشكل إحراجا كبيرا لها، وبالخصوص النساء، ما جعلني أفكر في ضرورة توفير مراحيض تحفظ كرامة هؤلاء، وهو الأمر الذي سيتم عبر تجربة هذه المراحيض الجافة، انطلاقا من تجربة مماثلة عايشتها في هايتي بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة.

عاينت، خلال الأيام الأولى للزلزال الذي ضرب منطقة الحوز، كيف تضامن المواطنون المغاربة مع السكان في المنطقة، حيث تقاطرت قوافل المساعدات بشكل كبير على الدواوير، وكان عدد من هذه المساعدات عينية عبارة عن أطعمة ومواد غذائية، لكن من الطبيعي أن يحتاج الإنسان إلى مراحيض لقضاء حاجته البيولوجية، وهو الأمر الذي لم تفكر فيه أغلب المبادرات، وبدا لنا أنها حاجة ملحة يجب توفيرها للساكنة. لذلك بدأت مباشرة في الاشتغال على الموضوع بمعية عدد من معارفي وحرفيين تطوعوا إلى جانبنا من أجل توفير ما نستطيع لهؤلاء الأسر.

 

  • ما أساسيات فكرة المراحيض الجافة؟

+ الفكرة الأساسية التي تقوم عليها هذه المراحيض هي عدم استعمال الماء، بالإضافة إلى السهولة والبساطة في الاستعمال، ثم كلفة التصنيع القليلة. هذه المراحيض عبارة عن علبة خضبية يتواجد بداخلها سطل وفي أعلاها فتحة الحمام، حيث يتم استعمالها كما يتم استعمال المرحاض العادي، إذ تفرغ القذارة في السطل، وبعد الاستعمال تتم تغطية القذارة بتراب فيه رمل أو «نشارة» الخشب، وهما العنصران اللذان يمنعان تسرب الروائح الكريهة، حيث يمكن استعمال هذه المراحيض داخل الخيمة دون أدنى صدور للروائح، فضلا عن أن المخلفات يمكن أن تتحول إلى سماد طبيعي، وهي الفكرة التي انبنت عليها المراحيض القديمة (أمغار) في مناطق الجنوب الشرقي.

 

  • كيف بدأت الاشتغال على هذه المبادرة؟

+ بدأت العملية بأن اتصلت بأحد الأصدقاء، وهو صانع تقليدي، وطلبت منه أن ينجز لي نموذجا أوليا بعدما زودته بالمعايير المطلوبة، وقام بالفعل بالعمل المطلوب، حيث نقلت المرحاض إلى إحدى الأسر من متضرري الزلزال التي تقطن داخل خيمة مؤقتة، وقمت بتوضيح طريقة استعماله. الفكرة لاقت ترحيبا كبيرا من لدن الأسرة المستفيدة، وإن كانت متخوفة في الأول من أن تصدر من المرحاض روائح ما يمنع وضعه داخل خيمة الإيواء، لكن بعد استعماله أكدت لي أنه فعال، وتلقيت طلبات من أسر أخرى. حينها باشرت تنزيل الفكرة على أرض الواقع، من خلال اقتناء المواد الأولية، كان ذلك، أول الأمر، من مالي الخاص، قبل أن ألجأ إلى إطلاق حملة لجمع التبرعات من المعارف المقربين، وذلك عبر حساباتي الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، حيث بدأنا نتلقى بعض المنح وتقدم متطوعون من الحرفين لتقديم المساعدة في إنجازها، ووصلنا اليوم إلى 50 مرحاضا تتم صناعتها يوميا وتوزيعها على سكان الدواوير من المتضررين.

 

  • كيف حصلت على تمويل لهذه المبادرة؟

لا أخفيك سرا أن الأمر ليس بالهين، فقد كانت صناعة هذه المراحيض، بادئ الأمر، من مالي الخاص كما أشرت، وبعدها باشرت البحث عن تمويلات من خلال الاتصال بالمعارف والأصدقاء بحكم العلاقات المتميزة التي تجمعني بعدد من مديري الشركات والمقاولين في الرباط والدار البيضاء، ومنهم من تكلف بتوفير المواد الأولية، فيما ساهم آخرون بمبالغ مالية، وإلى جانب هذا أطلقت مبادرات تضامنية من أجل توفير بعض المداخيل لمواصلة إنجاز «المراحيض الجافة»، إلى جانب اتصال ببعض التمثيليات الديبلوماسية بحكم علاقتي الطيبة بها، ودعمت شخصية ديبلوماسية هذه المبادرة بـ100 ألف درهم، وسيكون لي لقاء مع مسؤولين آخرين من أجل توضيح الفكرة التي يبدو أنها لاقت استحسانا كبيرا لديهم.

 

  • كم يكلف المرحاض الواحد؟

+ قبل الجواب عن هذا السؤال، وجب أن أوضح لك أن من الأمور الأساسية التي ركزت عليها، خلال إطلاق مبادرة المراحيض الجافة، أن أنزل كلفة هذه المراحيض أقل ما يمكن، وذلك لعدة أسباب، أولها أنه كلما كانت الكلفة أقل تمكنا من صناعة مراحيض أكثر وبالتالي استفادة أسر أكثر، والثاني أن المتبرعين يكونون أكثر إقداما على تقديم الدعم في حال كان مبلغ الوحدة قليلا، وبالمبلغ الذي ستتطلبه صناعة مرحاض عادي واحد (3000 درهم) على الأقل، يمكن أن نصنع عشرة مراحيض، على اعتبار أن كلفة المرحاض الجاف الواحد لا تتعدى 350 درهما على أكثر تقدير، وهو من المرتكزات التي بنيت عليها المبادرة.

 

  • إلى جانب المراحيض الجافة، ما المبادرات التي أطلقتها أيضا؟

+ إلى جانب المراحيض الجافة، وبحكم معاشرتي لسكان المنطقة ومعرفتي بمناخها، يمكن القول إن الخيام المؤقتة لإيواء المتضررين من الزلزال ليست حلا ناجعا، سيما ونحن على أبواب فصل الشتاء، حيث إن هذه الخيام، ومنذ اليوم، باتت تشكل عبئا على الساكنة، فهي شديدة الحر نهارا وشديدة البرودة ليلا، هذا دون الحديث عما يمكن أن يحصل لمستعملي الخيام في فصل الأمطار وتساقط الثلوج، إذ لا تمنع هذه الخيام تسرب المياه ولا تحمي من ثقل الثلوج.

من هذا المنطلق بدأت أفكر في تقديم بديل لسكان الدواوير المتضررة من الزلزال، من خلال مشروع الخيام الإيكولوجية، وهي خيام يتم بناؤها بمواد أولية عبارة عن الخشب، لعدة اعتبارات، منها أن الخشب عازل للحرارة والبرودة، وكونه مادة جيدة جدا في مواجهة الثلوج. قمنا باختبار نموذج أولي من خلال وضع أثقال على الخيمة التي لم تتأثر، وهذه الخيام صالحة لإيواء أسرة من أربعة إلى خمسة أشخاص، بزوجين وثلاثة أطفال، زيادة على أن هذه الخيام سهلة التركيب، وقد تستطيع إيواء الأسر لأكثر من عامين، حيث تمتاز هذه الخيام الإيكولوجية بصلابتها أيضا.

هذا دون إغفال الجانب المادي المرتبط بكون هذه الخيام الإيكولوجية قليلة التكلفة، إذ إن قيمة الخيمة الواحدة لا تصل إلى 2500 درهم، في الوقت الذي قد يصل ثمن الخيمة العادية التي قد تؤوي أربعة أشخاص إلى 20 ألف درهم، وهو ما يعني أن قيمة الخيمة العادية الواحدة قد تصنع لنا 8 خيام إيكولوجية، وبالتالي استفادة أكبر وبمعايير أحسن جودة وأكثر استدامة.

 

  • ماذا عن مبادرة الزيت التضامني H23؟

+ كما تعلمون الحوز منطقة معروفة بزيت الزيتون الجيد، لكن الزلزال أثر على البنية الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي اختفى العديد من المزارعين وضعُف آخرون، ولهذا السبب بادرت لمساعدتهم في قطف وإنتاج وتسويق زيت الزيتون الخاص بهم تحت علامة التضامن وبسعر عادل ومنصف.

زيت الزيتون H23 التضامني يأتي من مزارع الزيتون الصغيرة في الحوز المتضررة من الزلزال، إنها علامة تجارية أنشأتها لمساعدة صغار المزارعين على بيع محصولهم من الزيت الطبيعي بطريقة عادلة، وستذهب الأرباح إلى أعمال لمساعدة الضحايا، وهنا تجب الإشارة إلى أنني اخترت له هذا الاسم «ح» لـ«الحوز» و«23» لسنة الزلزال.

والملاحظ أن هذه المبادرة لاقت استحسانا كبيرا من طرف العديد من المستثمرين والمستهلكين، كما تقدمت العديد من أرباب المطاعم والفنادق في مراكش وأكادير والصويرة بطلبيات لأن هذا الزيت معروف بجودته، كما فعلوا ذلك للتعبير عن تضامنهم مع صغار المزارعين وضحايا الزلزال.

 

  • وماذا عن مبادرة السينما المتنقلة؟

بعد واقعة الزلزال لاحظنا تأثرا كبيرا لأطفال المنطقة، وهو التأثر الذي بدا على نفسيتهم في الوقت الذي توقفت الدراسة بتلك المنطقة بشكل كلي، في فترة معينة، وغابت الأنشطة التي يمكنها تخفيف تأثير الزلزال على نفسية الأطفال. ولهذا الغرض تم إطلاق هذه المبادرة باستعمال سيارة وعارض ضوئي من أجل عرض أفلام كرتون للأطفال، حيث يتم التنقل إلى الدواوير وتجميع الأطفال في ليلة عرض من أجل تخفيف الآثار.

 

عمر لوزي في سطور

– ولد في كلميمة جنوب شرق المغرب

– أتم دراساته العليا في HEC لوزان في سويسرا

– اشتغل مصرفيا استثماريا في جنيف لمدة عامين

– عمل في فريق الأمم المتحدة المعني بحقوق الشعوب الأصلية لمدة 10 سنوات

– مستشار تسويق

– كاتب، أصدر 4 كتب عن الثقافة الأمازيغية

– معلم «يوغا»

– متحدث ومحاضر في التنمية المحلية

– رجل أعمال ومستثمر في مجال السياحة البيئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى