حماية نظام المحاسبة
قرر وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بعين السبع بالدار البيضاء متابعة البرلماني ورئيس أولمبيك آسفي لكرة القدم في حالة اعتقال برفقة متهمين آخرين، وذلك على خلفية فضيحة شبهة فساد تذاكر المونديال. وقبل ذلك تحركت آلة المحاسبة القضائية والإدارية تجاه مسؤولين في القضاء والأمن ورجال سلطة وبرلمانيين وسفراء ووزراء ومسؤولين عموميين منتخبين ومعينين.
لا أحد باستطاعته أن ينكر تململ نظام المحاسبة والمساءلة تجاه مجالات كانت، إلى حدود الأمس القريب، محمية ومحصنة من أي شكل من أشكال المحاسبة، وهذا مؤشر جيد يؤكد أننا نتجه في الطريق الصحيح نحو دولة الحق والقانون. وبالتالي فمثل هاته الممارسات تعيد الأمل لدى المواطن في أن يعمل نظام المحاسبة على تحقيق الإنصاف وحماية الشأن العام من التطاول والاستغلال اللامشروع.
صحيح أن نظام المحاسبة لازال يحتاج إلى كثير من الجرأة والشجاعة والديمومة، لكن «ماكينة» مساءلة المسؤولين بدأت في الاشتغال وعلى الجميع توفير الحماية لها لكي لا تتعرض للتعطيل من طرف لوبيات تنتعش من الإفلات من العقاب للحفاظ على مصالحها اللامشروعة.
وحتى تسير عمليات المحاسبة بعيدا عن المطبات والمعوقات، وتعمل على الضرب بقبضة من حديد على يد المفسدين وتتجنب كل دسائس شل حركة المساءلة أو تعطيل مجاديف قاربها حتى لا تتقدم خطوة واحدة للأمام، لابد لها من حماية شعبية واحتضان مجتمعي يبقى المصدر الوحيد الذي يشجع آليات المحاسبة على الاشتغال بديناميكية عالية ودون توجس من تقلبات الأحوال.
فالحاضنة الشعبية ليست ضرورية فقط لضمان ديمومة المحاسبة، بل كذلك لتتسع دائرتها تجاه مجالات أخرى لازالت عصية على مساءلتها عن من أين لك هذا؟
وما لم يشعر نظام المحاسبة بأن هناك حماية مجتمعية له تدعم خطواته، فلن يذهب بعيدا في مواجهة الفساد، بل بالعكس سنعود بخطوات للوراء وسيخلو الجو للفاسدين والعابثين بالشأن العام ليتسيدوا المشهد، آنذاك سندخل في نفق مظلم لن نعرف كيف نخرج منه ومتى نخرج منه.