شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

حماية المستهلك 

مع تزايد فوضى بيع أدوية في صيدليات افتراضية دون ترخيص، وتقديم نصائح طبية بالجملة من قبل عشابة وغيرهم في موضوع علاج أمراض خطيرة مثل السرطان والسكري وأمراض القلب والشرايين والقولون العصبي والأمراض النفسية، والحديث عن كون مواد العلاج مجربة ولا شك فيها، لابد من تحرك المؤسسات المعنية لحماية المستهلك، لأن المستهدف أولا وأخيرا هو المواطن الزبون الذي يمكن النصب عليه في مجالات تهم الصحة وتداعيات الفوضى في تقديم العلاجات دون أدنى معايير التكوين.

إننا في حاجة ماسة لتشريعات قانونية لمراقبة تناسل الصيدليات الافتراضية وبيع الأدوية التي تهدد صحة المرضى والمواد الغامضة المهددة لصحة المستهلك، حيث تطالعك إشهارات وطلبات مكثفة لزيارة مواقع تتعلق بتقديم علاجات لأمراض مستعصية، بمجرد دخولك المواقع الاجتماعية والصفحات التي تعج بالمعالجين من مختلف الأصناف دون دراية بمكان وجود العيادات بالفعل، ولا صحة الشهادات المحصل عليها المعلقة خلفهم ولا مدى التوفر على الترخيص الذي يسمح لهم بمزاولة مهن الطب وتقديم النصائح وبيع الأدوية عن طريق الأنترنيت.

قد يقول قائل إن المستهلك مسؤول بدرجة كبيرة على مراقبة ما يعرض بالفضاء الرقمي، وحماية صحته وسلامته بالدرجة الأولى، لكن هذا لا يعفي المؤسسات المعنية من القيام بدورها في زجر المخالفات والنصب والاحتيال ومنع كل ما يشكل تهديدا للصحة العامة، خاصة في ظل إكراه انتشار الجهل والأمية بالمجتمع وضعف واختلالات المنظومة الصحية، والتكاليف المرهقة لعلاج الأمراض الخطيرة والمزمنة وكذا علاج الأمراض النفسية واضطرابات القلق.

هناك استغلال بشع لمساحات فوضى النشر بالمواقع الاجتماعية، في جرائم انتحال بعض الأشخاص لصفة الأطباء المختصين ومهن التمريض والعلاجات النفسية، وذلك بارتداء وزرات بيضاء أثناء التصوير وحمل أجهزة طبية وتقديم منتوجات ونصائح تجعل المتلقي يثق في العلاج، ويقوم بشراء مواد غير مراقبة قد تسبب له مضاعفات صحية خطيرة لأن العلاج عن بُعد له ضوابط ومعايير واضحة ويحتاج إلى تكوين خاص من قبل أطباء حقيقيين وليس بيع الوهم في المواقع الافتراضية.

إن ممارسة النصب والاحتيال الرقمي على حساب الصحة العامة، من الجرائم التي يعاقب عليها القانون، لكن ذلك يستدعي تدعيم الفصول القانونية بتشريعات جديدة تواكب التحولات الرقمية، وتواجه صعوبة متابعة المتورطين قضائيا لإكراهات متعددة تتعلق أحيانا بجهل الزبون وقاعدة أن القانون لا يحمي المغفلين، فضلا عن كون بعض الصفحات توجد بالخارج.

من خلال التطرق لما سبق، يجب عدم إغفال مراقبة النصب والاحتيال في السياحة الطبية الرخيصة أيضا، والمنشورات المكثفة التي تدعو إلى زيارة دول بعينها للاستفادة من علاج أمراض مستعصية بأثمان منخفضة وعمليات التجميل بأنواعها، حيث يواجه المريض واقعا مريرا من الإهمال بعد عمليات جراحية تنعدم فيها المعايير المطلوبة، ما تسبب أحيانا في وفاة مرضى بالفعل وإثارة ضجة دولية نتيجة التهرب من المسؤولية، لذلك فصحة المواطن المغربي سواء بالداخل أو بالخارج تبقى خطا أحمر وحمايتها منصوص عليها في دستور المملكة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى