حماية أمننا الغذائي
يعيش المغرب، منذ أسابيع، تحت تهديد ارتفاع جنوني لأسعار الخضر والفواكه واللحوم، والذي أدى إلى تفاقم أزمة معيشة المواطنين، ولا شك أن أحد الأسباب الرئيسية وراء هذه الأزمة بالإضافة إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، التي أوقفت إمدادات النفط الغاز والحبوب وغيرها من السلع، والتقلبات المناخية، هناك جشع المضاربة والتصدير.
من الجيد أن تخاطب الحكومة الحس الأخلاقي لكبار الفلاحين الذين يهرولون وراء تضخيم أرصدتهم البنكية بالتصدير وقت الأزمات، لكن في مثل هذه الوقائع عليها أن تلجأ إلى قرارات حظر صادراتها من الطعام أو تقنينها، كما تفعل دول أخرى، وآخرها ما أقدمت عليه الهند، حيث أصدرت قرار حظر تصدير الأرز المكسور، بهدف زيادة توافره محليا، كما فرضت رسوما بنسبة 20 في المائة على صادرات مختلف درجات الأرز الأخرى، بعد أن أدى انخفاض هطول الأمطار الموسمية إلى الحد من الزراعة.
لا يمكن للحكومة أن تترك مصير الأمن الغذائي للمغاربة للنصائح والوصايا، بل لا بد من قرارات صارمة لإيقاف تصدير الطماطم وغيرها من الخضر، ريثما تخف حدة الأزمة، صحيح أن الفلاحين الكبار لهم التزاماتهم في التصدير، لكن عليهم التزامات وطنية أكبر تفرض عليهم تحمل جزء من الأعباء الوطنية زمن الأزمات. لذلك من اللازم اتخاذ إجراءات سيادية لضمان الأمن الغذائي للمواطنين، وهي ليست عقوبة ضد الاستثمار، أو انتقاما من الرأسمال الخاص، بل هي وسيلة ظرفية ضرورية يحتاج إلى تنفيذها المواطن قبل غيره، خصوصا وأن الأسواق المغربية للخضر والفواكه غير مستقرة وتتميز بالندرة في العرض، وحتى الموجودة منها تباع بضعف السعر، وهذا الوضع يفرض محاصرة رقعة التصدير والصرامة في محاربة المضاربة وتعدد الوسطاء.
إننا أمام وضع استثنائي يمكن أن تكون له تداعيات اجتماعية، خصوصا وأن كلفة غذاء المواطن تهم كل المغاربة، الذين لم يعد واحد منهم قادرا على تحمل الصدمات المتتالية للأسعار وحالات اللايقين التي لا تنتهي.