حلم العمر :المغرب يستضيف «المونديال» بعد خمس محاولات
واصلت المملكة المغربية مطاردة حلم تنظيم «المونديال» إلى أن أمسكت به، كانت المحاولة السادسة ثابتة، حين نال بلدنا شرف استضافة حدث كوني اسمه مونديال 2030، في إطار لمة ثلاثية مشتركة مع تجمعه بجيرانه في القارة الأوربية: إسبانيا والبرتغال، لم ييأس المغاربة من رحمة الاتحاد الدولي لكرة القدم بعد أن أصروا على إعادة المحاولة ست مرات خمسة منها في إطار فردي.
حين خسر المغرب رهان تنظيم كأس العالم 2026، أمام ملف منافس تضمن ترشيحا ثلاثيا مشتركا قويا جمع الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، آمن المغرب بأن في الاتحاد قوة وانتظر الفرصة الملائمة لتقديم ترشيح مشترك، مختلف تماما عن ملفات الترشيح لاحتضان مونديال 1994 و1998 و2006 و2010 و2026.
كل المغاربة كانوا ينتظرون جود «الفيفا» وهبة السماء لندخل التاريخ من أوسع أبوابه. كانت كل مكونات الشعب المغربي تجلس في قاعة الانتظار وهي في حالة ترقب لما ستسفر عنه تقارير مفتشي الاتحاد الدولي وزيارات مراقبين يفتشون أوراقنا ويجسون نبضنا ويعيدون قراءة دفاتر تحملات تثقل كاهلنا.
كنا كمغاربة ننتظر أصوات الاتحادات المحلية ونضع خطة التفاوض والإقناع لجلب أكبر عدد من الأصوات، وفي خلوتنا نشرع في عد من معنا ومن ضدنا من يصوت لنا ومن يصوت لمنافسينا، حتى ندخل أحيانا قبو الشك.
فجأة قطع بلاغ للديوان الملكي الشك باليقين، حمل إلينا بشرى ملفوفة في علبة هدايا، بعد الإعلان التاريخي للاتحاد الدولي لكرة القدم يوم الأربعاء عن فوز المغرب باستضافة كأس العالم 2030، حمل ملك البلاد محمد السادس البشرى لشعبه، وأعلن للشعب المهووس بكرة القدم أن اللجنة التنفيذية للفيفا قبلت بالإجماع ملف المغرب – إسبانيا – البرتغال، باعتباره الترشح الوحيد لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030.
رسالة كيغالي تكشف نوايا تنظيم الحدث الكوني
انتظر المغرب الفرصة الملائمة، ومن كيغالي عاصمة رواندا، كشفت رسالة ملكية عن قرار الترشح المشترك، عنوانها الربط بين إفريقيا وأوروبا. لكن عوامل أخرى كانت بمثابة قوة دفع، كنجاح المغرب في احتضان التظاهرات الكبرى آخرها كأس العالم للأندية، واحتلال الفريق الوطني المغربي للمرتبة الرابعة في مونديال قطر، وحصول المغرب على شرف تنظيم كأس إفريقيا 2025 التي ستكون بروفة للمونديال، والملاعب الكبرى التي دخلت مشاريعها حيز التنفيذ. ما أجمل أن تتلقى في أسبوع واحد خبرين سارين تنظيم «الكان» وتنظيم «المونديال».
في 14 مارس الماضي وجه الملك محمد السادس، رسالة بمناسبة تسليم جائزة «التميز» لسنة 2022 من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، والتي منحت له بكيغالي عاصمة رواندا، وتسلمها بالنيابة عنه، شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
قال ملك البلاد في رسالته إن ما يحفز على العمل المتواصل، بحماس لا يستكين ولا يغتر بالركون إلى ما تحقق من مكتسبات. «مازلت متشبثا بالقناعة التي عبرت عنها في خطابي بمناسبة القمة التاسعة والعشرين لقادة دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في سنة 2017، الذي أكدت فيه أن «مستقبل إفريقيا يبقى رهينا بشبابها» وأن «انتهاج سياسة إرادية موجهة نحو الشباب من شأنه تركيز الطاقات على التنمية». وأضاف بأن كرة القدم كرة القدم ليست رياضة فحسب، بل هي ثمرة بناء وعمل متواصلين. «لقد حرصت دوما على جعل كرة القدم في بلدي، المملكة المغربية، ركيزة للنجاح ورافعة للتنمية البشرية المستدامة. فلئن كانت لعبة تستأثر بقلوب الملايين، وموهبة تعكس طاقة إبداعية خلاقة، فهي تقوم أيضا على أساس رؤية مستقبلية، والتزام طويل النفس، وحكامة قوامها النجاعة والشفافية، واستثمار في البنيات التحتية وفي الرأسمال البشري». وكشفت سطور الرسالة رغبة التمسك بالحلم «المونديالي». «أعلن أمام جمعكم هذا، أن المملكة المغربية قد قررت، بمعية إسبانيا والبرتغال، تقديم ترشيح مشترك لتنظيم كأس العالم لسنة 2030، وسيحمل هذا الترشيح المشترك، عنوان الربط بين إفريقيا وأوروبا، وبين شمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبه، وبين القارة الإفريقية والعالم العربي والفضاء الأورومتوسطي».
بلاغ الديوان الملكي يحمل بشرى تحول الحلم إلى حقيقة
حين كان المغاربة يفكرون في إعمار المناطق المتضررة من الزلزال، أصدر الديوان الملكي بلاغا يؤكد انتقال المغاربة من نكبة طبيعية إلى ضفة حلم كروي كبير. حمل البلاغ تباشير الظفر بشرف تنظيم كأس العالم، وأعلن الديوان الملكي، أن الملك محمد السادس، يزف بفرحة كبيرة للشعب المغربي خبر «اعتماد مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم، بالإجماع، لملف المغرب – إسبانيا – البرتغال كترشيح وحيد لتنظيم كأس العالم 2030 لكرة القدم».
ويمثل هذا القرار، حسب البلاغ، إشادة واعترافا بالمكانة الخاصة التي يحظى بها المغرب بين الأمم الكبرى، وأعرب الملك عن تهانئه لمملكة إسبانيا وجمهورية البرتغال، مجددا التأكيد على التزام المملكة المغربية بالعمل، في تكامل تام، مع الهيئات المكلفة بهذا الملف في البلدان المضيفة.
من جهته أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم بعد زوال يوم الأربعاء الماضي إقامة كأس العالم 2030 في المغرب وإسبانيا والبرتغال، فيما ستقام أول 3 مباريات في أوروغواي والأرجنتين وباراغواي للاحتفال بمئوية «المونديال».
وبهذا تعززت ثقة الاتحاد الدولي في المغرب، وقدم جياني إينفانتينو ضماناته لأعضاء المجلس التنفيذي، فجاء اختيار المغرب، ضمن ملف الترشيح الثلاثي بمعية إسبانيا والبرتغال، لاحتضان فعاليات كأس العالم لكرة القدم، تأكيدا للمكانة الكبيرة التي تحظى بها المملكة المغربية على الصعيد العالمي، باعتبارها قوة كروية كبرى، ذات تاريخ عريق، وشعب عظيم، يثق الاتحاد الدولي لكرة القدم في قدرته على خوض هذا الرهانات الكبرى.
بين 14 مارس و4 أكتوبر مسافة زمنية قصيرة، بين رسالة الملك محمد السادس للرياضيين الأفارقة في كيغالي وبلاغ الديوان الملكي المبشر بـ«المونديال»، مدة لا تكفي لترتيب أوراق ملف، لكنها كانت كافية لترتيب حلم.
بهذا القرار ضربت المملكة المغربية سرب عصافير بحجر واحد، فقد كشفت للعالم إصرارها على مطاردة الحلم، وجاهزيتها لاحتضان أكبر التظاهرات الكونية، وسعيها لتنزيل قيم الرياضة على أرض الواقع. فليس من اليسير على أي دولة إفريقية أن تحظى بهذا الاعتراف القاري والعالمي المستحق، وتجعل الاستثمار في الكرة في القيم الرياضية النبيلة وسيلة لبلوغ المجد الرياضي، بعيدا عن الاستغلال السياسوي.
«مونديال 2030.. » حين يهنئ المنافسون خصومهم
حين أعلنت دول الأوروغواي والأرجنتين وشيلي والباراغواي رسميا ترشيحها المشترك لتنظيم مونديال 2030 والذي يصادف الذكرى المئوية للمسابقة التي أقيمت نسختها الأولى في مونتيفيديو، وقررت الإعلان الرسمي عن هذا الترشيح المشترك في ملعب سنتيناريو في مونتيفيديو حيث أقيمت المباراة النهائية لكأس العالم عام 1930 بين الأوروغواي والأرجنتين، راهن الترشيح اللاتيني المشترك للدول الأربع على التاريخ وعلى ذاكرة «المونديال»، لإقامة المباراة النهائية لنسخة 2030 على الملعب ذاته الذي احتضن أول كأس للعالم.
كتب رئيس الاتحاد الأمريكي الجنوبي لكرة القدم، أليخاندرو دومينغيس، على صفحته في «تويتر» يوم تقديم الترشيح: «في الوقت الذي تحتفل فيه كأس العالم بالذكرى المئوية لتأسيسها، يجب أن تعود إلى موطنها الأصلي، أمريكا الجنوبية». وقال وزير الرياضة الأوروغوياني سيباستيان باوسا: «بالنسبة لنا، يجب أن يطلق عليها كأس العالم للذكرى المئوية 2030. ما يجب أن نركز عليه هو الذكرى المئوية لكأس العالم. سيكون الاحتفال بمرور 100 عام على أول كأس عالم هنا. عودة إلى الأسطورة، والعودة إلى الجذور».
الرهان على التاريخ لم يكن كافيا لتنظيم «المونديال» وفق الشروط الجديدة المعمول بها اليوم، لكن الاتحاد الدولي لكرة القدم اختار الجمع بين التاريخ والجغرافيا، إذ أعلنت «الفيفا» منح حق تنظيم كأس العالم 2030 للملف المرشح لدول إسبانيا والبرتغال والمغرب، باستثناء المباريات الثلاث الافتتاحية التي ستقام في الأوروغواي والأرجنتين وباراغواي كإشارة رمزية لاتحاد أمريكا الجنوبية وأول نسخة من كأس العالم التي أقيمت 1930 في أرض الأوروغواي.
وعلى إثر هذا القرار تبادل المرشحون لأول مرة عبارات التهاني، ورضي الجميع بقسمة «الفيفا» التي أعطت الاعتبار للتاريخ حين مكنت شعوب أمريكا اللاتينية من متابعة ثلاث مباريات موزعة بين ثلاث بلدان، بينما يقتسم المغرب وإسبانيا والبرتغال 101 مباراة.
الترشيح المشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال.. تاريخ وجغرافيا
في أول تعليقه على فوز الملف الثلاثي بشرف التنظيم المشترك للمونديال، أبدى بيدرو روتشا، رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم، فخره واعتزازه بهذه البشرى وقال إن بلاده ستكون مضيفة لأفضل نسخة في تاريخ كأس العالم 2030، بالتعاون مع المغرب والبرتغال.
وفي تصريحاته لوكالة الأنباء المحلية، أعرب رئيس الاتحاد الإسباني عن حماسه لإعادة تنظيم كأس العالم في إسبانيا بعد مرور نحو 50 عاما، مؤكدا أن الإسبان والبرتغاليين والمغاربة سينظمون بطولة لا تنسى. وأضاف: «نحن واثقون من أننا سننظم مع المغرب والبرتغال أفضل كأس عالم في التاريخ».
وفي تصريحاته للصحافة البرتغالية، أعرب رئيس الاتحاد البرتغالي عن حماسه لانخراط الحكومة والشعوب الثلاثة في هذا الرهان، مبرزا أنها إضافة جيدة ودفعة قوية لهذا الحلم المشروع.
من جانبه قال أنطونيو كوستا، رئيس وزراء البرتغال: «الاتحادات الكروية الثلاثة توصلت إلى اتفاق، وهذا التنظيم الثلاثي من شبه الجزيرة الإيبيرية والمغرب له شحنة إيجابية جدا، وهو يبعث برسالة إلى العالم، لسنا بمثابة قارتين بعيدتين ولا نريد الانفصال بل على العكس نريد الاحتفال بالممارسة المشتركة للرياضة. إنه قرار مهم جدا. هذا التنظيم له وزن إيجابي للغاية يقول للعالم بأسره ولأوروبا وإفريقيا، إننا قارتان متجاورتان ترغبان في العمل سويا. هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تقديم ترشيح مشترك على جانبي البحر الأبيض المتوسط بين إفريقيا وأوروبا».
وأجمع خبراء الرياضة المغربية على أن كل المؤشرات الرياضية والاقتصادية والموقع الجغرافي والتلاقح الحضاري والمد الثقافي المغربي الأوروبي عبر التاريخ، عوامل عززت حظوظ الترشيح الثلاثي.
وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم قد جدد طريقة التصويت على ملفات تنظيم «المونديال»، خاصة وأن الدورة ستقام بمشاركة 48 منتخبا، وخلافا لما كان عليه الأمر في السابق، تعرف عملية التصويت لتحديد البلد الفائز بشرف استضافة كأس العالم مشاركة جميع الاتحادات الوطنية التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم وعددها 211 اتحادا يستثنى منها الاتحادات المرشحة للاستضافة. لكن كل هذه الحسابات تلاشت بعد التنظيم التوافقي الذي روعي فيه الجانبان التاريخي والرياضي.
حين اقترح محمد السادس على بوتفليقة ترشحا مشتركا لكأس العالم
في ملف الترشيح المغربي السابق، أعلن وزير الشباب والرياضة الجزائري قرار بلاده رسميا دعم ترشح المغرب لتنظيم نهائيات كأس العالم 2026، وقال الاتحاد الإفريقي لكرة القدم إن دول إفريقيا ستدعم الملف المغربي.
وقال الهادي ولد علي، في مؤتمر صحفي على هامش زيارة عمل في ولاية البيض، جنوبي البلاد، إن الجزائر تدعم «ترشح المغرب لتنظيم نهائيات كأس العالم 2026، وسنعمل على تنفيذ ذلك بكل فخر واعتزاز».
وهو ما حصل في مبادرة رأى فيها الكثير من المحللين فرصة لإزالة التوتر عن العلاقات السياسية بين البلدين. في صيف سنة 2018، ومباشرة بعد إعلان فوز الملف الثلاثي الأمريكي والمكسيكي والكندي، بتنظيم نهائيات كأس العالم 2026، اقترح العاهل المغربي الملك محمد السادس على الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الترشح المشترك لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030.
وقال حسن عبد الخالق السفير المغربي بالجزائر، آنذاك، إن الملك محمد السادس وجه رسالة لبوتفليقة، عبر فيها عن صادق الشكر والامتنان لتصويت بلاده لصالح الملف المغربي لاستضافة كأس العام 2026، وقال في تصريح لتلفزيون «البلاد تي في» الجزائري الخاص، إن الملك محمد السادس «سجل باعتزاز كبير هذا الموقف الجزائري». مضيفا أن هذا الموقف الجزائري «يعكس قيم الشهامة والصدق والوفاء الذي يتحلى بها بوتفلقية، ويعكس في نفس الوقت عمق أواصر الأخوة والتضامن بين الشعبين». ولم يتضمن تصريح السفير المغربي المنشور على الحساب الرسمي للقناة بموقع «يوتوب» أي إشارة إلى التنظيم المشترك لمونديال 2030.
اعتبر هذا الاقتراح المغربي تطورا لافتا في العلاقات بين البلدين التي يشوبها التوتر، حيث إنه منذ 1994 والحدود البرية بين البلدين مغلقة، ولم يصدر أي تأكيد رسمي من الجانبين حول العرض المغربي، كما لم يتطرق السفير المغربي إلى رد الجزائر، علما أن الجزائر صوتت لفائدة الملف المغربي الذي حصل على 65 صوتا بينما حصل الملف الثلاثي على 134 صوتا.
«مونديال 2010» جبهة صراع بين المغرب وجنوب إفريقيا
قبل أن تندمل جراح الصراع السياسي، دارت معركة أخرى بين المغرب وجنوب إفريقيا، كان مسرحها مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم في مدينة زوريخ السويسرية، انتهت بفوز أبناء نيلسون مانديلا بشرف تنظيم كأس العالم 2010، بعد صراع مع المغرب، حسمه جوزيف بلاتر وأعلن النتيجة التي زادت من هوة الخلاف بين البلدين.
حين بدأ العد العكسي لحسم ملف تنظيم كأس العالم، حل داني جوردان رئيس اللجنة المنظمة لكأس إفريقيا بجنوب إفريقيا بالمغرب أملا في إقناع المغارب بالانسحاب من سباق الترشيح، تحت مسمى «المرشح الإفريقي الوحيد»، بل وقدم وعودا بطي صفحة الخلافات، وحاول دفع القيادات المغربية إلى الاقتناع بجدية الملف الجنوب إفريقي.
يقول عبد السلام حبيب الله رئيس جمعية مغاربة جنوب إفريقيا واتحاد الجاليات العربية، إن الجنوب إفريقيين راهنوا على تنظيم «المونديال» منذ مدة فتنافسوا مع المغرب حول تنظيم نهائيات كأس العالم 2006 و2010، وأضاف بأن «داني عقد جلسة عمل مع ادريس بنهيمة في الدار البيضاء، الذي كان رئيسا منتدبا للجنة ترشيح المغرب لاحتضان الحدث الكروي الكوني، لكن بنهيمة رفض مقترح جوردان القاضي بانسحاب المغرب من السباق». أشار داني حينها إلى أن بلاده هي أول من تقدم بطلب استضافة «المونديال»، قبل المغرب، مضيفا أنه لا نية لجنوب إفريقيا بالانسحاب لمصلحة المغرب، و«عوض أن يكون اللقاء مقدمة لتلطيف الأجواء تحول إلى ضغينة بين البلدين».
مرت الأيام وكشفت لوريتا لينش وزيرة العدل الأمريكية، عن وجود رشاوي وراء تمكين جنوب إفريقيا من تنظيم كأس العالم 2010، وقالت في ندوة صحفية في نيويورك حول فضيحة «الفيفا»، وقالت جازمة: «جنوب إفريقيا حسمت صراعها أمام المغرب بالمال ودفع مسؤولوها رشاوي للتأثير على القرار النهائي للمكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم»، بينما رد دومنيك شيماهافي الناطق الرسمي باسم الاتحاد الجنوب الإفريقي قائلا: «هذا مجرد اتهام لا وجود لتحقيق معمق في النازلة نحن مستعدون لفتح أبوابنا أمام المحققين». لكن لينش أضافت: «في عام 2004 بدأت المنافسة على استضافة كأس العالم 2010، بين المغرب وجنوب إفريقيا والتي منحت في النهاية لجنوب إفريقيا وللمرة الأولى في إفريقيا. لكن حتى هذا الحدث التاريخي، أفسده مسؤولون في الاتحاد الدولي وسماسرة آخرون باستخدام الرشوة للتأثير على قرار الاستضافة».
شيراك يطلب من رئيس الاتحاد الفرنسي التصويت للمغرب
كشف الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جوزيف بلاتير، في حوار أجراه مع صحيفة «لوموند» الفرنسية، أن الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك طلب سنة 2004 من رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم آنذاك ميشيل بلاتيني، التصويت لصالح المغرب لنيل شرف استضافة كأس العالم لسنة 2010 على حساب جنوب إفريقيا
وأوضح بلاتير الذي استقال من منصبه، عقب فضيحة الفساد التي هزت «الفيفا»، أن طلب جاك شيراك جاء بسبب العلاقة الجيدة التي تجمع فرنسا بالمغرب، مضيفا بأن لقاء هافيلانج رئيس «الفيفا» السابق، مع الحسن الثاني جعله يقتنع بأن ملك المغرب حريص على التنافس مع الكبار من أجل انتزاع شرف تنظيم «المونديال» لبلده، «هذا البلد يخوض غمار خامس محاولاته للظفر بشرف استضافة مونديال كرة القدم. أولى المحاولات تمت في العام 1987 بمبادرة من الملك الراحل الحسن الثاني الذي أراد حينها استثمار حالة الانتشاء التي عمت البلاد عقب الظهور المشرف للمنتخب الوطني في مونديال مكسيكو 1986، مستهدفا من تقديم الترشيح تحقيق دعاية واسعة للمغرب».
من جهته يرى جو هافيلانج أن رؤساء اتحادات محلية استغربوا لطلب المغرب، وقالوا له: «هل ما سمعنا عن ترشيح المغرب لاحتضان «المونديال» كلام جاد؟ كان جوابي واضحا كأس العالم حلم مشروع للجميع».
ويضيف جوزيف في نفس الحوار: «الحقيقة أن جزءا كبيرا من المغاربة قبل غيرهم لم يؤمنوا بتنافسية بلادهم وقدرتها على استضافة هذه التظاهرة الكبيرة، فلم يكن هنالك إلا ملعبان يحتاجان إلى ترميمات ضخمة، مع نقص حاد في البنيات التحتية التي تحتاجها مثل هذه التظاهرات، إلا أن عقيدة الملك الراحل الحسن الثاني حينها كانت تذهب إلى أن المغرب قادر على رفع هذا الرهان الضخم.. لقد قال لي بالحرف: «امنحونا التنظيم وسنتدبر التمويل اللازم لنكون جاهزين في الموعد» مخاطبا جو هافلانج، رئيس «الفيفا».
ولم يكن المغرب يوما أقرب إلى تنظيم «المونديال» من تلك المحاولة الأولى، فأمام الضعف البين للملف البرازيلي، لم يكن هنالك سوى منافس رئيسي وحيد هو الولايات المتحدة الأمريكية، وكثير من الأعضاء في اللجنة التنفيذية للفيفا لم يكونوا متحمسين لمنح شرف التنظيم إلى دولة تأتي فيها كرة القدم في مؤخرة طابور الرياضات الشعبية بعد البيزبول وكرة السلة وألعاب القوى وغيرها.
ظل هافيلانج يتردد على المغرب ويحظى برعاية ملكية خاصة، بل إن الحسن الثاني طلب من عبد اللطيف السملالي وزير الشباب والرياضة، الاهتمام برئيس الاتحاد الدولي واقترح عليه إقحام الضيف وزوجته في طقوس الأعراس المغربية، وهو ما حصل حيث ظلت زوجة جو ترتدي القفطان المغربي وتحضر الأفراح المغربية، بينما كان زوجها يمارس رغم كبر سنه هوايته المفضلة وهي السباحة، لكن هافلانج رأى في منح التنظيم للولايات المتحدة الأمريكية الفرصة السانحة لزيادة شعبية اللعبة في هذا البلد، الأمر الذي رجح كفة الولايات المتحدة الأمريكية التي فازت بـ10 أصوات مقابل 7 للمغرب وصوتين للبرازيل.
القائمون على حملة الترشح للمونديال وزراء وتقنوقراط
تناوبت عدة وجوه مغربية على منصب مدير حملة الترشح إلى «المونديال»، كان أولهم عبد اللطيف السملالي، الوزير السابق للشباب والرياضة، في مناسبتين الأولى لمونديال 1994 والثانية لكأس العالم 1998، منذ توليه كتابة الدولة في الشبيبة والرياضة، في شهر نونبر 1981، راهن الرجل على الديبلوماسية الرياضية وسارع إلى تنظيم تظاهرات قارية ومتوسطية وعربية بالرغم من معاناته طويلا مع المرض.
في يناير 2001، فارق الحياة وفي نفسه شيء من الألم إزاء رهان لم يتحقق، اسمه مشروع استضافة المغرب لمونديال كأس العالم، رغم أن المغرب كان يفتقد حينها للبنيات التحتية التي كانت بإمكانها أن تخول له تنظيم كأس العالم، إلا أنه نجح في كسب ثلاثة أصوات الخاصة بإفريقيا وثلاثة من آسيا إلى جانب روسيا، في ملف أشرف عليه الحسن الثاني رفقة وزيره عبد اللطيف السملالي.
عندما أسند الملك الراحل الحسن الثاني ملف ترشيح المغرب لاحتضان كأس العالم لسنة 2006، لإدريس بنهيمة، كان البعض يعتقد أن كفاءة الرجل وعلاقاته وقرابته من الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك تؤهله لأن يضمن فوز المغرب بشرف احتضان أول كأس عالمية تقام على أرض عربية إفريقية. لكن الرجل فشل في المهمة، وآل تنظيم «المونديال» إلى ألمانيا.
رغم أن سعد الكتاني لا تربطه آصرة بملاعب الكرة ولم تتشرف مدرجات الملاعب بطلعته، إلا أن ملك البلاد محمد السادس قد عينه رئيسا منتدبا للجنة «المغرب 2010»، لذا كان من الطبيعي أن يحيط نفسه بفريق عمل مكون من أشخاص كانوا سببا في تعرفه على عالم الكرة.
بعد فشل سعد الكتاني في ترويج ملف المغرب. يقول مقربون من رجل الأعمال، إن ميزانية الملف التي خصصت لترشيح المغرب لاحتضان كأس العالم 2010، قرابة 160 مليون درهم (نحو 17 مليون دولار) بزيادة 23 مليون درهم عن الحملة السابقة التي خاضها المغرب لترشيحه إلى كأس العالم 2006، منها مليونا دولار لاستضافة ثلاثة منتخبات ضمن حملة الترويج. وقال الكتاني: «بعد إعلان اسم الدولة الفائزة بتنظيم كأس العالم 2010 في 15 من شهر ماي 2004، لم أخرج من بيتي وشعرت بالاكتئاب».
في يناير 2018 سيعين الملك محمد السادس، وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، مولاي حفيظ العلمي، مسؤولا عن لجنة ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم 2026. وكان الوزير يمني النفس بتحقيق المفاجأة أمام منافس شرس يضم 3 دول قوية نزلت بكامل ثقلها من أجل خطف حلم «المونديال» من المغاربة، رغم وجود مؤشرات كانت تصب مسبقا لصالح الملف الأمريكي.
في منتصف شهر يوليوز الماضي سيعلن الديوان الملكي المغربي، في بيان رسمي، أن الملك محمد السادس قد عين فوزي لقجع رئيسا للجنة المكلفة بترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030، ضمن ملف مشترك يشمل إسبانيا والبرتغال، وهو أول رئيس جامعة لكرة القدم يحظى بهذا التعيين.