شوف تشوف

الافتتاحية

حكومة بلا قلب

كشفت وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي، أول أمس الاثنين بمجلس النواب، أن عدد المشردين في شوارع المغرب بلغ 3830 شخصا منهم 241 طفلاً. من دون عناء التشكيك في الرقم الذي قدمته الحقاوي، فما على المواطن سوى القيام بجولة بسيطة في أحد شوارع البيضاء ليتأكد من أن الرقم وهمي وليواجه جيوشا من الأطفال المشردين الذين ينتشرون عند مفترقات الطرق، وعند إشارات المرور، منهم من يبيع «كلينكس»، ومنهم من يبيع العلكة، ومنهم من يمد يده للناس ليطلب صدقة، بعدما سلبت الظروف الاجتماعية والسياسات الفاشلة طفولتهم وأحلامهم وطموحهم، ورمت بهم في غيابات الشوارع يواجهون مصيرهم المجهول في صمت وأمام أعين حكومة بلا قلب.
عدد من الدول العريقة في الديمقراطية تعاملت مع التشرد بكثير من الصرامة والأهمية وصل إلى حد وضع حظر دستوري على العيش في الشوارع، وفرض برنامج عمل أو سجن إلزامي في مواجهة الأشخاص الذين يتم القبض عليهم مشردين ويرفضون الذهاب إلى مؤسسات الرعاية الاجتماعية المحترمة عندما تطلب منهم الشرطة ذلك. للأسف، نحن بعيدون بسنوات ضوئية عن هذا المستوى من الحلول الجذرية التي توفر البيئة المناسبة قبل تنزيل القوانين الردعية. فمازالت معالجة الحكومات لظاهرة التشرد تدخل في باب إعلان النوايا الوردية، في غياب استراتيجية واضحة الرؤية تهدف إلى وضع أطفال وأسر الشوارع في بيئة تحميهم من كل أنواع الإساءة والاستغلال والعنف الذي يتعرضون له خلال رحلة التشرد القاتلة.
وبطبيعة الحال، لا يمكن لأي استراتيجية أن يحالفها النجاح دون توفير معطيات موثقة لدى الأجهزة الرسمية، ومسح كامل لخريطة التشرد، وأن تصبح قضية حماية أطفال الشوارع على رأس أولويات الحكومة والبرلمان عند إقرار السياسات الحمائية والبرامج الاجتماعية.
فإشهار الحكومة للغة الأسى والأسف تجاه استفحال ظاهرة التشرد، وادعاء الحقاوي بأن التشرد يحرج المغرب، غير كاف ولن يغني من جوع ولن يستر من عراء.
فبدون أن تولي الحكومة اهتماما كبيرا وتعلن عن قرارات واقعية لمواجهة هاته المعضلة، وتعمل على اجتثاثها حتى لا تستفحل، سيقود الاستهتار الحكومي إلى تنامي مخاطر ومهددات اجتماعية وأمنية تنضاف للقنابل الموقوتة التي تحيط بِنَا من كل جانب.
على الحكومة أن تأخذ هذه النار الملتهبة بالجدية المطلوبة، خصوصا مع اتساع رقعتها مع ما أفرزته الهجرة غير الشرعية من أعطاب اجتماعية مقلقة، وأولى مداخل الإصلاح أن تنجح الحكومة في جعل المدرسة هي المكان الطبيعي والوحيد للأطفال، مع إزالة كل أسباب التسرب من المدرسة بالتدخلات المناسبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى