شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

حكومة الأوراش

 

أطلقت حكومة عزيز أخنوش، أول أمس، برنامجا طموحا لإحداث 250.000 فرصة شغل مباشر في غضون سنتين في إطار أوراش عامة صغرى وكبرى مستدامة ومؤقتة، بغلاف مالي يقدر بـ 225 مليار سنتيم سنويا. وستمنح الدولة، وفق هذا المشروع، للمشغلين منحة للتحفيز على التشغيل في حدود مبلغ 1500 درهم شهريا لمدة 18 شهرا لكل مستفيد.

في الحقيقة لا يمكن لأي متتبع منصف إلا أن ينوه بهذا البرنامج الاجتماعي الذي سيشكل لبنة إضافية لمنظومة اجتماعية مندمجة ومتعددة الأشكال، والتي تأتي لتقدم جانبا من الحلول الملائمة والواقعية لطلب متنام باستمرار وبشكل منتظم على التشغيل ومحاربة البطالة في صفوف الشباب.

لكن مثل هاته البرامج الطموحة التي يتعدد فيها المتدخلون من إدارة ترابية ومنتخبين وجمعيات المجتمع المدني وتعاونيات ومقاولات صغرى ومتوسطة، وتتداخل فيها المساطر والإجراءات، تحتاج من الحكومة، لا سيما وزارة الداخلية، بما تتوفر عليه من إمكانيات وسلطات، إلى متابعة صارمة لا تتساهل مع أي شكل من أشكال تحوير برامج الدولة عن مقاصدها. فقد سئم المواطن المغربي من إطلاق برامج وردية في العاصمة الرباط لكن يذبل لونها حينما تصل إلى قراه ومداشره وأحيائه، والخوف كل الخوف أن تقضي طفيليات البيروقراطية والزبونية والمحسوبية وتجار المشاريع وسماسرة على الأهداف النبيلة لهذا المشروع وجعله بدون أثر اجتماعي.

صحيح أن حكومة عزيز أخنوش شرعت في تنزيل برنامجها الحكومي الذي حظيت على أساسه بالتنصيب البرلماني، وهذا في حد ذاته رسالة إيجابية من حكومة تحترم التزاماتها دون صخب أو ضجيج، لكن لا يكفي أن تطلق الحكومة برنامجا كبيرا بحجم «أوراش» وتخصص له موارده المالية والمؤسساتية دون متابعة حثيثة ودقيقة لمآلاته وأثره الاجتماعي، فلا جدوى من مشاريع اجتماعية لا يصل نفعها للمواطن البسيط، ولا طائل من مشاريع تحارب الإقصاء والهشاشة وتخفف من الفوارق الاجتماعية إذا كانت ستتحول إلى مصادر غير شرعية لاغتناء الوسطاء والسماسرة وتجار المشاريع العمومية.

ولأن تنزيل المشروع يمس ربع مليون عاطل أو متضرر من جائحة كوفيد 19، فإنه ليس بالأمر السهل أو البسيط، بل حتما ستكتنفه مطبات ومعيقات بل ومقاومات ربما سيجتهد البعض في الجماعات والأقاليم لإفشاله أو تبخيسه بسبب موقف نفسي من الحكومة الحالية، إلا أن المغاربة لن يتحملوا مرة أخرى الفشل في إنجاز مشروع يهم تحسين أوضاعهم، وهذا هو الورش الأول للسلطات العمومية قبل تنزيل باقي الأوراش.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى