بعد انتهاء مشوارك الكروي مع الرجاء البيضاوي، هل كانت إدارة الرجاء وراء تشغيلك في المصالح الاجتماعية للمكتب الوطني للكهرباء على غرار بعض نجوم الفريق؟
لا هذا كلام غير صحيح، لم تكن للرجاء يد في عملي إطارا ضمن المكتب الوطني للكهرباء، أولا كان لي مستوى دراسي محترم جدا، وعملية تشغيلي تمت بتعليمات من الجهات العليا. حين كنت في نهاية مشواري الكروي كنت أضع في اعتباري قضية المستقبل المهني وكنت أخضع لدورات تكوينية في مجال التدريب وفي الوقت نفسه عملت على تأمين مستقبلي المهني، لأنه في نهاية المطاف يعتزل اللاعب ويجد نفسه ملزما بالبحث عن شغل، لهذا ساعدني مستواي الدراسي، على غرار كثير من اللاعبين المثقفين داخل الرجاء كبتي عمر والوزاني والخلفي وموسى وعزيز..
لماذا لا يجد أبناء اللاعبين مكانة لهم في عالم كرة القدم، قصدي لماذا لا ينجح أبناء اللاعبين الدوليين في مساراتهم الكروية؟
فعلا هناك لاعبون من المستوى العالي أنجبوا مواهب عالية المستوى، لكنهم لم ينجحوا، أو بتعبير أحسن «لم تمنح لهم فرص التألق»، فقط لأنهم يحملون أسماء لاعبين من الطراز الرفيع، خذ، على سبيل المثال، فلذات أكباد عدد من رموز الكرة المغربية واطرح على نفسك هذا السؤال: أين ابن أقصبي؟ أين ابن الخلفي؟ أين ابن علال؟ أين ابن عليوات؟ أين ابن الصحراوي؟ أين ابني؟ واللائحة طويلة.. أعتقد أن هناك حربا خفية ضد أبناء اللاعبين الدوليين السابقين.
لماذا لم ينجحوا؟
ربما يعتقد المسيرون بأن وجود ابن لاعب سابق في تشكيلة الفريق قد يعرضهم للمساءلة من جمهور يظن أن وجود الابن في التشكيلة ناتج عن ضغط من الأب، وهذا خطأ، أنا أطالب بإعطاء هؤلاء الأبناء فرصة وترك الحكم النهائي للملعب، للجمهور وللرأي العام. ابني لعب كأس العالم للشبان في ماليزيا وكان عنصرا أساسيا في الجناح الأيسر للوداد البيضاوي لكنه لم ينل نصيبه من الرسمية فقط لأنه ابن سعيد غاندي، لكن أنا أيضا أتحمل مسؤولية عدم الدفاع عن ابني وهذه غلطة العمر.
كيف ستدافع عن ابنك؟
أنا لا أقصد فرض ابني على المدربين، لكن الخطأ يكمن في عدم متابعة مستقبله الكروي بجدية، كان من واجبي دعمه في مسيرته لأنه تعرض للظلم مرتين، فقد ظلموه لاعبا وظلموه مدربا، فهل يعقل أن يتم إسقاط من كان الأول في الفوج ويتم وضع شخص يلعب الكرة الحديدية في مكانه؟ من يصدق هذا الهراء؟ وكيف يمكن تطوير الكرة بوجود فيروس المحسوبية؟ للأسف الشديد الأشخاص الذين أسقطوا ابني من اللائحة أكن لهم كامل الاحترام.
شاركت ضمن المنتخب الوطني المغربي في دورة سوريا وساهمت في التتويج العربي، حدثنا عن هذه المشاركة التي كانت بغاية الاحتفال بتحرير مدينة القنيطرة السورية من الاحتلال الإسرائيلي..
كان الهدف هو الشروع في إعادة إعمار مدينة سورية دمرها الجيش الإسرائيلي، وجاء الدوري ليؤكد التضامن العربي، حيث شاركت عدة دول عربية، أبرزها سوريا ومصر وليبيا والجزائر وتونس. فزنا على الأردن وعلى مصر وتونس ولبنان ثم الجزائر، وفي نصف النهائي انتصرنا على السودان لنتأهل للمباراة النهائية ضد البلد المضيف سوريا أمام حضور جماهيري قياسي وغير مسبوق في سوريا. انتهت المباراة بالتعادل واحتكمنا لضربات الجزاء التي منحتنا اللقب بالرغم من خوض النهائي في ظهيرة رمضانية وكنت أنا وراء ضربة الجزاء الأخيرة حيث غيرت الكرة التي تنفذ بها الضربات ومنحت المغرب كأسا ثمينة بعد أن تصدى الهزاز لضربة سورية.
بعد الظفر باللقب حظي المنتخب المغربي باستقبال من الرئيس حافظ الأسد، في هذا الحفل حصلت واقعة نود لو تحكيها للقراء..
أثناء دخول الوفد المغربي لمقر الحفل وسط إجراءات أمنية مشددة مع وجود فرقة موسيقية شامية، كان برفقتي لاعب سيدي قاسم حسن العامري، عثرت فوق البساط على قلادة ثمينة أخذتها ودخلت القاعة وحين جلست أخبرت ممرض المنتخب الوطني بالقلادة الثمينة التي عثرت عليها، لاحظنا أن حرم الرئيس كانت تتحدث مع حارسها الخاص وتشير إلى صدرها، فعلمنا أنهما يتحدثان عن القلادة، حينها طلبت من رفيقي أن يتوجه صوب الحارس الأمني ليخبره بوجود قلادة فوق البساط وأشار إلي حيث تقدمت نحوها وسلمتها لها، حينها ارتسمت على وجهها ابتسامة وشكرتني أنا والبعثة المغربية على نبل الموقف، بل إن الرئيس حافظ الأسد أعطى تعليماته بتمديد مقامنا في سوريا يوما آخر وسلمنا منحة تحفيزية.
فزتم بلقب الدورة ونلتم تهنئة خاصة من الرئيس حافظ الأسد وحرمه، يعني أنكم مارستم الديبلوماسية الرياضية مبكرا..
الغريب في هذا الاستقبال الرئاسي أننا فوجئنا بحافظ الأسد وهو يسلم للاعبي المنتخب السوري مسدسات حقيقية، لم نفهم سر هذه الهدايا ونحن اعتدنا أن تكون هدايا الرؤساء والملوك عبارة عن منح أو امتيازات أخرى، أما أن تحصل على مسدس فهذا لم يكن في الحسبان. علما أن حافظ الأسد فاجأ الحارس حميد الهزاز رحمه الله وناوله مسدسا سحبه من جيب حارسه الخاص وأمام استغرابنا أعاد حميد الهدية.
هل صحيح أنك أول لاعب مغربي يخضع لفحوصات ضد المنشطات؟
أنا أول رياضي مغربي يخضع لاختبار طبي ضد المنشطات، وكان هذا في المكسيك أثناء المشاركة في كأس العالم 1970، حيث لاحظ المتتبعون أنني أملك سرعة في الاختراق، لذا مباشرة بعد انتهاء مباراة ألمانيا خضعت للاختبارات الطبية اللازمة على يد طبيب طاعن في السن وتبين أنني سليم وأن الركض هبة من الله. سرعتي الفائقة خلقت مشاكل لبعض الحكام، أذكر على سبيل المثال المرحوم الزياني أثناء قيادته لإحدى مباريات الرجاء ضد المغرب الفاسي، حيث احتج عليه مسؤولو الماص بدعوى التساهل مع سعيد اعتقادا منهم أنني أكون في وضعية تسلل، لذا طلب مني ألا أمارس الاختراق المباغت فوافقت لكن الجمهور الرجاوي الذي كان يتابع المباراة في الملعب الشرفي غضب مني واعتقد أنني أتهاون لفائدة المغرب الفاسي، حينها عدت لعادتي ولسرعتي وتمكنت من تسجيل هدف في مرمى الهزاز رحمه الله بعد عبور سريع من الجهة اليمنى.
لو عادت عقارب الزمن إلى الوراء، هل تعيد المسار نفسه؟
سأعيد المشوار نفسه مع الرجاء، سأحمل قميصه وأبلله بالعرق والدم، رغم أنني لم أكرم في فريقي ولم تنظم لي مباراة تكريمية لا أنا ولا حمان، رغم أنني دخلت الرجاء طفلا وغادرت ملعبه رجلا وسلمت حقيبة أمتعتي الرياضية ليوعري الذي كان حارسا للملعب.