حكايات طريفة ومواقف غريبة للحجاج المغاربة في عز فاجعة منى
شهد موسم الحج فاجعتين رهيبتين حولتا فرحة العديد لدى الحجاج والمسلمين عامة إلى نكبة. لم ينعم أهالي الحجاج بعيد الأضحى وظلوا على اتصال بالسعودية بحثا عن تطمينات تعيد للعقل والقلب إيقاعهما، سيما بعدما نشرت مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا حول ضحايا تغيرت ملامحهم ومفقودين بلا هوية.
تعددت الروايات والفاجعة واحدة، حيث شاءت الأقدار الربانية أن يلفظ عدد كبير من الحجاج المسلمين أنفاسهم في الأراضي المقدسة التي لطالما تمنوا الموت في جوفها. لكن مهما كان حجم الصدمة وأثرها على النفوس، فإنها كانت تخفي في طياتها مواقف غريبة وطريفة في نفس الوقت، تنتزع البسمة من ثغر يعض على شفتيه حزنا وألما.
شخص يساوم حديوي في عز الحداد
في عز الأزمة التي تعيشها عارضة الأزياء والممثلة ليلى حديوي، بسبب فقدان والدها نور الدين حديوي المؤذن بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، اضطرت إلى كتابة تدوينة على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عبرت فيها عن استنكارها لتصرف شخص مجهول ينتحل صفتها، من خلال إنشاء صفحة على نفس موقع التواصل الاجتماعي تحمل اسمها وكل البيانات حولها، بما فيها المستجدات الأخيرة المتعلقة بوالدها نور الدين الذي أصبح رسميا في عداد المفقودين إثر كارثة تدافع الحجاج بمشعر منى.
نبهت ليلى، في تدوينتها، معجبيها وأصدقاءها وحذرتهم من الصفحة المزيفة، وقالت: «هذا الشخص ينتحل صفتي ويتحدث عن والدي كما لو كان والده، شكرا لكل من أبلغ عن هذه الصفحة. «حشومة»، على الأقل ليس في الوقت الراهن، ثم إن التحقق من صفحتي الشخصية عن طريق الفيسبوك يتم عبر العلامة الزرقاء بجانب اسمي». وأضافت ليلى أن هذا الشخص سبق أن تقدم إليها بعرض ليبيع لها هذه الصفحة المزيفة، لإدماج الصفحتين في صفحة واحدة، لكنها رفضت المساومة.
ومن الغرائب التي ميزت فاجعة عائلة حديوي، التي رزئت في الوالد نور الدين، ظهور شريط فيديو يحمل تصريحا طريفا لرئيس الزاوية الحراقية الدرقاوية بالدار البيضاء، يدعو فيه المواطنين لعدم تصديق الأخبار التي تقدمها الصحف والإذاعات والمواقع الإلكترونية، واعتماد تصريحات وزير الأوقاف المغربي أحمد التوفيق دون سواه، وكذا الأخبار الواردة في موقع وكالة المغرب العربي للأنباء، مشيرا إلى أن مؤذن مسجد الحسن الثاني لازال حيا يرزق. «إن نور الدين حديوي عضو الزاوية الحراقية الدرقاوية التي أنا مقدمها، لم يمت وهو «بليسي» (مصاب)، لا تصدقوا أخبار الصحف والمواقع». لكن «لاماب» سرعان ما كذبت مقدم الزاوية ووضعت اسم الصوفي المؤذن ضمن لائحة الموتى.
ومن المواقف المثيرة للاهتمام ظهور ليلى بلباس غير محتشم وهي تنعي والدها الذي اكتشف الناس أنه صوفي ومؤذن وعاشق للطرب الأندلسي.
عابد.. كاد أن يدفن حيا عن طريق الخطأ
كاد عابد أكناو أن يدفن حيا في مقبرة جماعية خصصت لضحايا فاجعة مشعر منى، خلال لحظات التدافع والاختناق، حيث سقط مغمى عليه من شدة الازدحام، مما جعل رجال الوقاية المدنية وأمن الحج وممرضي وزارة الصحة، يحملونه ضمن شاحنة نقل الجثث اعتقادا منهم أن الحاج المغربي قد لفظ أنفاسه اختناقا، ولحسن حظ عابد أنه كان يتوفر على هاتف ذكي مكن المسؤولة عن وكالة الأسفار التي تكلفت برحلته إلى الديار المقدسة، من تحديد موقعه في مكة، والتوجه إلى المستشفى للبحث عنه، فاكتشفت أنه لا يوجد في أسرة المصابين. وحين توجهت صوب الجثث التي كانت تملأ غرفة الأموات، عاودت الاتصال به فسمعت رنين الهاتف الذي ظل مختبئا في جيبه الداخلي، واقتربت منه لتسمع أنينه وتعاود الاتصال بالطاقم الطبي الذي حوله من المكان البارد، إلى مكان آخر في غرفة العناية المركزة حيث خضع للإسعافات اللازمة وأخذ يستعيد عافيته، بعدما كان في عداد الموتى مفقودي الهوية.
فور وصول السوسي عابد إلى مطار محمد الخامس، كشف عن هول المصاب وغرابة الخطب، وقال لمستقبليه لقد كنتم على وشك إقامة تأبين بعدما وضعت خطأ في ثلاجة الأموات، مضيفا: «لولا الألطاف الربانية لما وطئت أرض الوطن والتقيت بأفراد أسرتي مجددا، لقد تم إنقاذي من الدفن الجماعي وتم اكتشاف حالتي ونقلني المسؤولون إلى المستشفى الأهلي من أجل تلقي الإسعافات اللازمة، حتى قدر لي أن أستعيد وعيي وأستفيق من غيبوبتي».
متطوع يطلب يد ابنة حاج في غرفة العناية المركزة
فوجئت والدة نورا المغراوي بمكالمة هاتفية مصدرها المملكة العربية السعودية، من مهاجر مغربي يشتغل في مجال الحلاقة بمدينة جدة، وهو يلتمس منها الإنصات باهتمام وحين أصغت لحديثه اكتشفت أنه يبادر بطلب يد ابنتها نورا، ويؤكد لها صدق نيته وطويته، ويقدم لها سيرته الذاتية، مشيرا إلى أنه «مقطوع من شجرة»، ويسعى جاهدا لاستكمال دينه ودخول القفص الذهبي من بوابة الهاتف.
أصل الحكاية أن المهاجر المغربي كان عرض على صفحته الفايسبوكية صور بعض ضحايا فاجعة منى، وظل يرسل نداءات يطالب فيها المغاربة بالتعرف على المختفين وتقديم بيانات حولهم، واضعا رقم هاتفه رهن إشارة كل من يسعى للبحث عن مفقود، بل إنه كان ينتقد الصمت المغربي الرسمي أمام الأعداد المرتفعة للمفقودين ويشخص المأزق الذي تلا الحادثة، منتقدا المسؤولين لتكتمهم عن أعداد الشهداء الفعليين، واللجوء إلى الإعلان التدريجي واصفا الخطة بمحاولة لامتصاص غضب أهالي وعائلات الحجاج، والخوف من ردة الفعل الغاضبة تجاههم.
اتصلت نورا بالمهاجر المغربي، وأرسلت له صورة والدها عزوز المغراوي، وقدمت له بيانات تفصيلية حوله، ووكالة الأسفار التي تكلفت بسفره، مما جعلها في شبه اتصال يومي مع الحلاق، الذي كان يرسل أشرطة للمصابين عبر تقنية «الواتس آب»، في سعيه للكشف عن الوالد المختفي، والذي توقف هاتفه عن الرنين، وبعد يومين اهتدى المهاجر المتطوع إلى مكان عزوز الذي يوجد في مستشفى الطائف بعيدا عن مستشفيات مكة وجدة، وكان مصنفا في خانة مجهولي الهوية، بسبب ضياع أوراقه الثبوتية وعدم قدرته على النطق بسبب كسر على مستوى الفك، وظل يرابط قرب سرير الحاج المصاب ينقل أخباره بالتفصيل ويطمئن العائلة حتى أصبح صديق الأسرة، وبعدما هدأت فورة القلق استغل الموقف وطلب من والدة نورا إعفاءه من الشكر، وأصر على أن يعود إلى المغرب برفقة الوالد بعد تعافيه من الإصابة كي يطلب يد نورا مباشرة، فوعدته الأم خيرا.
بيان حقيقة من الزعري ينفي وفاته
ما إن شاع خبر فاجعة منى، حتى تسابقت بعض المواقع الإلكترونية إلى صياغة عبارات التعازي في حق الفنان مصطفى الزعري وزوجته رشيدة مشنوع، وانساقت مواقع التواصل الاجتماعي وراء الخبر المزيف وشرعت في الحديث عن مناقب الفنانين، وكيف أكرمهما الله بوفاة في الحرم الشريف، قبل أن يبادر المعني مصطفى الزعري بإصدار بيان حقيقة شفوي أكد فيه لأفراد أسرته والمقربين منه أنه «لم يكن ضمن الحادث المأساوي في مشعر منى». كما اضطر بعض الفنانين إلى تكذيب الخبر والدعوة إلى احترام مشاعر أفراد أسرة الفنانين، والإشارة إلى أن مصطفى ورشيدة يوجدان في فندق قريب من الحرم المكي، عوض المخيمات التي كان يقيم فيها وفد الحجاج المغربي. وهو ما ينفي خبر اختفاء الزوجين مباشرة بعد حادث مشعر منى، الذي راح ضحيته مئات المسلمين.
وكان الزعري ومشنوع قد استفادوا إلى جانب فنانين آخرين من التفاتة ملكية مكنتهم من أداء فريضة الحج، بناء على ملتمس وجهوه لملك البلاد محمد السادس، ويتعلق الأمر أيضا بالفنان المغربي البشير عبدو، والد سعد لمجرد، إلى جانب كل من المطرب المعتزل المختار جدوان ثم الممثلة سعاد خيي. ومن المصادفات الغريبة في حياة الزعري أنه كان يخطط لزيارة الديار المقدسة رفقة زوجته، وتعذر عليه توفير المال الكافي للرحلة، رغم اختيارهما ضمن القرعة السنوية، وفي غمرة التفكير توصل الزعري بمكالمة هاتفية تخبره بإنعام الملك عليه بحج هو وزوجته، علما أن الفنان طلب من محمد السادس، خلال لحظة التوشيح، أن ينعم عليه بحج هو وزوجته الفنانة رشيدة مشنوع، بعدما فشلا في تدبر المال الكافي.
توقيف مغربي يجمع «تبرعات» لضحايا النكبة
وضعت السلطات الأمنية السعودية يدها على حاج مغربي، كان يضع صندوقا في الحرم الشريف وفي كثير من مرافقه، ويدعو الحجاج للتبرع بالمال من أجل المساهمة في ترحيل عدد من المصابين إلى المغرب، وتبين بعد التحقيق مع الرجل المتحدر من الجديدة أنه يملك وصل إيداع لجمعية ذات طابع إنساني يشغل فيها مهمة مستشار، وسبق له أن زار الديار المقدسة مرات حيث يقوم بجمع التبرعات تارة لضحايا الفيضانات وتارة للمعوزين والمرضى، وتمت مصادرة الأموال التي جمعها وهي من عملات مختلفة، كان يعتزم تحويلها في صرافة سعودية، والاحتفاظ بالعملة الصعبة إلى ما بعد الوصول للمغرب.
ونظرا لتعدد الحالات، أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية السعودية، قرارا يسمح للجمعيات الخيرية بجمع التبرعات للشعب الفلسطيني أو المسجد الأقصى فقط، وأكد مدير فرع الوزارة في بلاغ على موقعها «إن الوزارة ستلاحق الأشخاص والجمعيات المتجاوزين للأنظمة واللوائح التي اعتمدتها».
وكان بعض نشطاء موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، من أصول فلسطينية، قد دشنوا موقعا بعنوان «بريال تنقذ الأقصى» لإطلاق حملة غير قانونية لجمع التبرعات للمرابطين بالمسجد الأقصى في القدس، وهو ما عجل بحملة أمنية واسعة النطاق في صفوف الحجاج، استنادا على كاميرات المراقبة.
النجاة من الحادث يدفع بوليف لتمديد أجل تغيير رخص السياقة
تناقلت عدة منابر إعلامية خبر نجاة نجيب بوليف الوزير المنتدب لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، من فاجعة منى بعد أن كان يؤدي مناسك الحج، لكن أغلبها ركزت على المصادفة التي عاشها، وقالت إنه بفضل الله نجا الوزير وزوجته من الفاجعة، بعدما تخلف عن مجموعته حين كان ذاهبا لرمي الجمرات، «كان ينتظر زوجته التي تأخرت بدورها عن اللحاق به، لكن رب ضارة نافعة»، تقول المصادر ذاتها.
وحين تداول الناس خبر وفاة بوليف تلقت عائلته اتصالا هاتفيا من الوزير، وتأكدت من سلامته ونجاته من كارثة الاختناق البشري، وذهب بعض المدونين إلى توجيه الشكر للزوجة التي لم تنقذ زوجها فقط بل أنقذت الحكومة من تعديل اضراراي.
وكتب الوزير على صفحته الفيسبوكية تدوينة تأكيدية قال فيها: «لقد كان تأثري كبيرا بالمصاب الجلل الذي قطف أرواح المئات من المسلمين بمنى صباح عيد الأضحى.. وإذ نترحم عليهم جميعا نسأله سبحانه أن يرزقهم منزلة الشهداء. كما أود شكر جميع من سأل عني ليطمئن علي».
لكن بمجرد وصول الوزير إلى المغرب، أصدر بلاغا ضد الازدحام، وهو العائد من فاجعة الاختناق، وقال إنه «نظرا للضغط الكبير الذي تعرفه مراكز تسجيل السيارات والوكالات المرخصة بمناسبة عملية تجديد رخص السياقة والبطائق الرمادية على الحامل الورقي مقابل الحامل الإلكتروني تزامنا مع قرب انتهاء الأجل المحدد للقيام بهذا التجديد وهو 30 شتنبر 2015، فقد تقرر بصفة استثنائية تمديد هذا الأجل إلى 31 دجنبر 2015». وفسر كثير من «الفايسبوكيين» قرار الوزير بردة فعل ضد الازدحام بعدما عاش أهواله في مكة المكرمة.
حاج يموت وهو يرمي الجمرات بهستيريا
بعدما نفى سفير تونس في الرياض خبر وفاة حجاج تونسيين في مشعر منى، أعلن عضو الوفد الرسمي للحجيج التونسيين فيصل الحفيان، عن وفاة حاج تونسي، نافيا في السياق ذاته أن يكون سبب الوفاة هو حادث التدافع الذي راح ضحيته مئات الحجاج من مختلف الجنسيات.
وأفاد المسؤول التونسي في حوار مع قناة الحوار التونسية، أن الحاج القابسي توفي أثناء إلقائه الجمرات حيث أغمي عليه ووقع أرضا وقامت زوجته، التي كانت برفقته، بعملية الإبلاغ حيث تبين لاحقا أنه فارق الحياة.
وقالت زوجته أثناء استنطاقها من طرف السلطات الأمنية السعودية، إن زوجها كان يرمي الجمرات بهستيريا وكأنه يرى الشيطان أمامه، وكان يتوعد ويرغد إلى أن فارق الحياة. وكشفت الزوجة أيضا عن مفارقات غريبة في حياة زوجها، الذي نجا من الموت مرتين، حين قضى فترة طويلة في العناية المركزة بأحد مستشفيات تونس العاصمة عقب ثورة الياسمين التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، حيث تعرض لشظايا قذيفة من رجال الأمن، كما نجا بأعجوبة من الاعتداء الدموي في منطقة القنطاوي بولاية سوسة التونسية الذي خلف 38 قتيلا، في الهجوم الذي نفذه طالب تونسي مسلح برشاش كلاشنيكوف كان يخفيه تحت شمسية وشكل ضربة موجعة للسياحة التي تعتبر القطاع الاقتصادي المهم في البلاد.
وكان الحاج من مستخدمي فندق «أمبريال مرحبا» بمرسى القنطاوي القريب من مدينة سوسة، حيث وجد نفسه في مواجهة منفذ الهجوم، قبل أن يختفي خلف مبنى للحراسة تابع للفندق، لكنه أصيب بانهيار عصبي كاد أن يفقده الحياة، حيث نقل إلى مستشفى بسوسة وظل في غرفة الإنعاش مدة ثلاثة أيام، قبل أن يقرر الذهاب إلى الحج ليشكر ربه على نجاته مرتين من الموت، فشاء القدر أن يموت وهو يرجم الشيطان في مشهد غريب، يجسد قوله تعالى «ولا تدري نفس بأي أرض تموت».
حاج ينتحر في دورة المياه قبيل الفاجعة
أجمعت روايات الناجين من فاجعة مشعر منى أنهم فوجئوا قبل الاختناق بجلبة وسط الحجاج، حيث توقف الجميع لمعاينة مشهد حاج قرر التخلص من حياته، داخل إحدى دورات المياه بمشعر بمنى، وتم اكتشافه من طرف مغربي يتحدر من الجهة الشرقية، وكان المنتحر وهو مسلم من أصول بنغالية يرتدي ملابس الإحرام، أثناء وضوئه لأداء صلاة الفجر، معتقدا أن مثل هذه الوفاة تضمن له دخول الجنة بغير حساب.
وحسب الصحف السعودية التي استندت إلى مصدر أمني بقيادة قوة أمن الحج، فإن الواقعة تمت في الخامسة من فجر الاثنين، إذ «تلقت عمليات الأمن بلاغا حول العثور على حاج بنغالي منتحرا بإحدى دورات مياه المخيم المخصص للمغاربة، وعند الانتقال للموقع ومباشرة التحقيقات، تبين للمحققين عدم وجود شبهة جنائية».
وأكد المصدر أنه تم إصدار أمر استلام الجثة، وتسليمها للمطوف المسؤول، مع استلامه كل مقتنيات الحاج لتسليمها لذوي المتوفى، كاشفا أن «المنتحر لم يكن يعاني من أي حالات نفسية سيئة، بالعكس كان سعيدا جدّا لدى وصوله الأراضي المقدسة»، وأكد أن كاميرات المراقبة كشفت قيام الحاج بشنق نفسه داخل دورة المياه، فيما قال شهود عاينوا الواقعة إنه وبعد توجه الحجاج في الحملة إلى دورات المياه للوضوء لصلاة الفجر، انتظروا طويلًا أمام أحد أبوابها، ولم يرد من بالداخل، فتواصل زملاؤه مع مسؤول البعثة، الذي بدوره راجع الكاميرات في دورات المياه، وأظهرت وجود حاج مشنوق بداخلها.
وعلى الفور سارع المسؤول بالاتصال بالجهات الأمنية، وبعد أخذ أقوال أقارب وزملاء الحاج المنتحر وشهادات حجاج مغاربة، تبين أنه كان «يتمنى الموت داخل المشاعر المقدسة، وهو محرم، طمعا في دخول الجنة حسب زعمه».
«بن لادن» ممنوع من مغادرة السعودية بسبب الرافعة المشؤومة
منعت السلطات الأمنية السعودية عددا من الأشخاص الذين لهم علاقة بحادث سقوط رافعة الحرم الشريف، من السفر ومغادرة التراب السعودي، وقالت إن خمسة من أعضاء المجلس التنفيذي لمجموعة بن لادن، وغيرهم ممن لهم صلة بالمشروع ممنوعون من مغادرة الحدود إلى «حين انتهاء التحقيقات التي ستباشرها هيأة التحقيق والادعاء العام قبل إحالة الملف للقضاء الشرعي»، حسب ما أوردته صحيفة الإخبارية السعودية.
وبحسب المصادر، فإن الأعضاء الخمسة هم القيادات العليا للمجموعة المسؤولة عن جميع المشاريع التي تنفذها الشركات المختلفة التابعة للمجموعة، كما أن من ضمن الممنوعين من السفر مدير أحد المكاتب الاستشارية للمجموعة ومدير أحد المشاريع من الجنسية المصرية.
من جهتها قالت صحيفة مكة إن التحقيقات الأولية، أوضحت أن مصطلح «الوضعية الخاطئة» الذي جاء في البيان الصادر عن المحققين، «يقصد به عدم التقيد بكتيب تعليمات التشغيل المعدة، والذي ينص على وضع المركبة في وضعية خاصة في حال عدم العمل أو في حال هبوب الرياح، إلا أن العامل المسؤول عن تشغيل المركبة تركها مفتوحة في وضعية التشغيل وليس في وضعية السلامة». وهو ما يصطلح عليه في المغرب «دفتر التحملات».
وأضافت أنه بالرغم من التعميم الصادر من الشركة قبل الحادثة بيوم بإيقاف المشاريع بسبب موسم الحج، إلا أن أحد العاملين ترك المعدة في وضعيتها، وكانت ستبقى إلى بعد موسم الحج في حالة استخدام. وقد ووجهت مجموعة بن لادن بتهم عديدة، وهي:
عدم إنزال الذراع الرئيسية عند عدم الاستخدام أو عند هبوب الرياح وعدم تفعيل وإتباع أنظمة السلامة في الأعمال التشغيلية، وضعف التواصل والمتابعة من قبل مسؤولي السلامة بالمشروع لأحوال الطقس وتنبيهات رئاسة الأرصاد وحماية البيئة وعدم وجود قياس لسرعة الرياح عند إطفاء الرافعة، وعدم التجاوب مع العديد من خطابات الجهات المعنية بمراجعة أوضاع الرافعات وخاصة الرافعة التي سببت الحادثة.
ثور هائج يرعب مكة عقب الفاجعة
خلق ثور هائج، مباشرة بعد الفاجعة، الفزع والخوف وانتزع الضحكات من الحجاج وعابري شارع بمكة، إثر قفزه من سيارة لنقل البضائع، كانت تحمله في ما يبدو لملحمة قريبة من الموقع، حيث أصيب ثلاثة أشخاص بإصابات طفيفة أثناء محاولتهم الإمساك به، في مشهد أقرب إلى سيناريو هجوم الثيران الإسبانية على السكان في الأندلس.
ووفقا لموقع «سبق» السعودي فإن «الدوريات الأمنية ودوريات المرور أبلغت عقب صلاة عصر يوم السبت عن ثور هائج أفزع وأرعب عابري شارع المسفلة من حجاج ومواطنين ومقيمين، وسط استغراب لهذا المنظر وضحكات على تصرفه بين الناس. وباشرت الدوريات الأمنية وفرق المرور وهيأة الهلال الأحمر بالموقع من أجل إسعاف ثلاثة أشخاص تعرضوا لإصابات طفيفة عندما هموا بالإمساك به».
وتحلق عدد من الأشخاص حول الثور واستغربوا للمشهد الذي دار حوله جدل واسع، إلى أن وصفه البعض بنهاية العالم، سيما وأن الثور كان غريب الأطوار. وقالت الصحيفة إن «الإمساك به وربطه وحمله في نفس السيارة تطلب جهدا كبيرا من المواطنين والحجاج والمقيمين ورجال الأمن».
بشار يعزي إيران في مأساة مشعر منى
استغرب السوريون والعرب عامة من قرار وتصريحات الرئيس السوري بشار الأسد، الذي ظل يتأسف على وفاة الإيرانيين في مشعر منى دون سواهم من الجنسيات الأخرى، بل إنه أرسل برقية تعزية إلى قائد الثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي، أعرب فيها عن «مواساة الشعب والحكومة السورية لإيران إثر وفاة المئات من الحجاج الإيرانيين بمأساة مشعر منى»، وقد عبر الرئيس الأسد عن أسفه لما حصل، «داعيا الله عز وجل أن يلهم أهالي ضحايا مأساة منى الصبر والسلوان والمصابين الشفاء العاجل». كما بعث الرئيس السوري برقية مشابهة لنظيره الإيراني حسن روحاني، أعرب فيها عن مواساة الحكومة والشعب السوري لإيران بوفاة المئات من الحجاج.
واستغرب السوريون أنفسهم لاكتفاء بشار بتقديم العزاء للإيرانيين دون سواهم من الشعوب الإسلامية، وأطلق لاجئون سوريون تعليقات ساخرة على البرقية، في موقع إلكتروني خاص بهم، وأجمعوا على أن الرئيس دخل مرحلة التخريف، بل منهم من رد على بشار قائلا إن ضحاياك أضعاف ضحايا منى، وتساءل آخر عن قضية مواساة الشعب السوري قائلا «أين الشعب يا بشار»؟.
أخطاء مطبعية حول منى تثير غضب القراء
سخرت مواقع التواصل الاجتماعي العربية من خبر أوردته جريدة القسيم السعودية حول مأساة مشعر منى وما ترتب عنها من ضحايا وسجالات إعلامية. ويرجع سبب الجدل القائم حول الصحيفة إلى خطأ في الرقن حول فاجعة منى إلى «فاكهة» منى، وهو ما اعتبره الرأي العام وعائلات الضحايا نوعا من السخرية والاستهزاء بأرواح حجاج قدر لهم أن يلتحقوا بالعلي القدير وهم على أطهر مكان في العالم.
ورغم أن إدارة الصحيفة، قامت بحذف الخبر، دون تبرير سببه، فإنه ظل حديث الفايسبوكيين الذين برعوا في التعليق عليه، وطالبوا باعتذار رسمي من الموقع وهو ما لم يحصل إلى غاية الآن.
وفي صحيفة ورقية كانت توزع بالمجان على الحجاج، في مخيماتهم لاحظ أحد الحجاج المغاربة عنوانا مستفزا يقول: «نجاح السعودية في إدابة الحجاج»، ويقصد منه «إدارة» شؤون الحجاج، مما خلف جدلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي.
وعرف المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الصحة السعودي خالد الفالح من مشعر منى، مجموعة من الانفلاتات، وزلات اللسان التي حولت مضامين الخطاب الرسمي، بل إن صحفيا مصريا خرج عن النص حين تساءل عن العلاقة بين حادثة الرافعة وحادث التدافع في منى، مما استغرب له المسؤولون.
ومن الطرائف المتعلقة بالإعلام، تحول مجموعة من الحجاج إلى مراسلين صحافيين لمجموعة من المواقع الإلكترونية، حيث كانوا يقدمون مراسلات مباشرة وأخرى مسجلة من مختلف الأماكن التي يرتادها الحجاج، مما أثار استغراب المسؤولين السعوديين، سيما وأن المغاربة والمصريين كانوا أنشط الحجاج على مستوى الترويج الإعلامي.
أزيد من خمسة آلاف هاتف محمول بمصلحة الأمن
تحدثت وزارة الصحة السعودية في تصريحات أدلى بها نائب وزير الصحة حمد بن محمد الضويلع، عن ارتفاع ضحايا كارثة مشعر منى إلى 4173، وقالت المصالح الأمنية إن عدد الموتى أقل من هذا العدد بكثير.
ويعكس هذا التباين في الأقوال والتصريحات حالة الارتباك التي يعيشها المسؤولون عن شعائر الحج، والخلافات والصراعات بين أقطابه وأجهزته الأمنية، لكن المثير في القضية هو خبر أوردته صحيفة إلكترونية سعودية، تحدثت فيه عن «الضائعات» كشفت من خلاله عن الأشياء التي عثر عليها في حوزة الضحايا خاصة الذين قضوا تحت الأقدام، مركزة على العدد الكبير من الهواتف النقالة التي فاق عددها 5000 هاتف محمول من مختلف الأنواع والأحجام، وتساءلت الصحيفة عن سر توفر حاج واحد على أكثر من هاتف جوال. وأضاف ذات المصدر أن المصاحف جاءت في المرتبة الثانية بعد الهواتف، بينما عثر على أشياء أخرى بعد تنظيف المكان وإجلاء الجثث، منها تعويذات وأوراق مالية ووثائق وكتيبات ترشد الحجاج لفهم أصول الحج ونظمه.