حقوقيون يطالبون بتدخل قضاة الحسابات لافتحاص مهرجان صفرو
صفرو: لحسن والنيعام
أسابيع قبل تنظيم الدورة الـ98 لشيخ المهرجانات بمدينة صفرو، أثارت معطيات تداولها المجلس الإداري لمؤسسة «كرز» التي أصبحت تشرف على تنظيم المهرجان، في الآونة الأخيرة، جدلا في صفوف فعاليات جمعوية وحقوقية محلية، بعد تأخر واضح في تقييم أداء هذه المؤسسة التي قررت العودة من جديد للإشراف على دورة شيخ المهرجانات في المغرب، ضدا على دعوات تطالب بإخراج المهرجان من وصاية المجلس الجماعي، لوضع حد لاستغلاله في حملات انتخابية سابقة لأوانها، وربطه بالاحترافية التي من شأنها أن تساهم في خدمة التنمية المحلية.
وكشفت المعطيات حول ميزانية المؤسسة التي يسيطر عليها حزب العدالة والتنمية، ومعه أحزاب الأغلبية في الجماعة، أن المداخيل تساوي المصاريف إلى حد الفاصلة، يقول كاتب جمعية المرصد للحكامة وتتبع الشأن العام بصفرو، حميد بوشاطب، لـ«الأخبار». وخصصت المؤسسة مبلغ 22999 درهم لشراء فاكهة «حب الملوك» التي سمي المهرجان باسمها، لكنها أصبحت فاكهة نادرة في الإقليم، إلى درجة أن المؤسسة تقتنيها لعرضها في أنشطتها وتقديمها للضيوف الكبار.
وصرفت المؤسسة مبلغ 270310 دراهم للإقامة والتغذية، في حين وصلت الميزانية المرصودة للمحروقات إلى 36062 درهما. وأشار بوشاطب إلى أن السيارات المستعملة في ترتيبات نسخة السنة الماضية توجد في ملك الجماعة. وكلفت الندوة الصحفية التي عقدتها المؤسسة بالدار البيضاء مبلغ 25200 درهم، وهو ما يخالف تصريحات سابقة لرئيس المجلس قال فيها إن المبلغ المخصص للندوة الصحفية هو 9000 درهم. واستفادت صحف إلكترونية من الإشهار، وتحدثت المصادر عن أن الخطوة مهمة، لكنها تحتاج إلى توضيح المعايير المعتمدة في منح هذا الدعم.
هذا وتشير فعاليات محلية بالمدينة إلى أن الدورة الـ97 للمهرجان شهدت عيوبا في التنظيم، بلغ ذروته بالتراشق بالكراسي والتدافع بين المتفرجين يوم تتويج ملكة المهرجان بساحة «مساي»، بعدما كانت السهرات تقام في ساحة «باب المقام» الشاسعة وذات الرمزية التاريخية، في وقت أكدت المؤسسة أنه تم صرف ما يقرب من 101000 درهم لإحدى شركات الأمن الخاص. وبلغت الميزانية المرصودة للاستعراض 930000 درهم، وخصص لشركة خاصة.
وذكرت المصادر أن فقرات الاستعراض لم تكن في المستوى المطلوب بسبب الارتباك في التنظيم، ونتيجة تذمر في صفوف سائقي الشاحنات والذين طالبوا بصرف مستحقاتهم الكرائية. وأكد بوشاطب، في التصريحات ذاتها، أن التقرير الذي قدمته المؤسسة فيه تضخيم للمصاريف مقارنة مع حجم المبلغ المرصود للمهرجان في دورته الـ97، وطالب بتدخل المجلس الأعلى للحسابات لإجراء عملية افتحاص في مالية هذه المؤسسة.
من جانبه، وجه المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان بصفرو مراسلة إلى عامل الإقليم، تحدث فيها عن وجود «خروقات مالية وتنظيمية خطيرة»، وأشار إلى تنظيم رديء طبع الدورة السابقة. وذهب أنس المرس، رئيس المنتدى، إلى أن البرنامج الذي قدم هزيل، ولا يتناسب مع حجم الاعتمادات المخصصة له. كما تطرق إلى قضية كراء مرافق عمومية تابعة للأملاك الجماعية لفائدة مؤسسة كرز مباشرة. وأورد أنس، رئيس المنتدى، أنه جرى تفويت صفقة تنظيم المهرجان لشركة بعينها منذ سنوات، دون خضوع لقانون المنافسة. وسار مصطفى الخياطي، نائب رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، على المنوال نفسه، إذ أورد بأن القانون يمنع على المستشارين الجماعيين العضوية داخل جمعيات تستفيد من دعم الجماعة، في حين أن مؤسسة كرز تضم 13 عضوا هم أعضاء في الجماعة. وذكر الخياطي، في تصريحات لـ«الأخبار»، أن هذه الحالة تجسد حالة تناف واضحة، وتستدعي تدخل الجهات الوصية. وعوض التدخل لتصحيح الوضع، قال الخياطي إن الجماعة فوتت كل ما يتعلق بالإشهار والاحتضان لهذه المؤسسة، أي أنها ستتعامل مباشرة مع الشركات الداعمة، بالإضافة إلى استخلاص منحة 100 مليون سنتيم التي تمنحها لها الجماعة. وستتولى الجماعة الإشراف على التنظيم، وهو ما يعني أن أعضاء الأغلبية المسيرة للمجلس هم من سيظهرون في الصورة أمام الرأي العام المحلي، في حين أن المستفيد ماديا هي مؤسسة «كرز»، بحسب الخياطي، مضيفا أن التوجه ينبغي أن يكون لصالح تجديد هياكل المؤسسة، وإبعاد المنتخبين عنها. وطالب الخياطي بدوره بتدخل المجلس الجهوي للحسابات من أجل وضع حد لهذه الاختلالات، وترتيب الإجراءات المسطرية المناسبة في حق من أسماهم المخالفين لقانون الجمعيات في علاقتهم بالمجالس الجماعية.
وكان حزب العدالة والتنمية قد دافع على ضرورة إخراج شيخ المهرجانات في المغرب من الهواية إلى الاحتراف. وانتقد، في زمن المعارضة، هيمنة المنتخبين الجماعيين على المهرجان، واستغلاله في الحملات الانتخابية السابقة لأوانها. ولم يساهم إحداث مؤسسة «كرز»، التي تم إحداثها لهذا الغرض، في إدخال المهرجان إلى عالم الاحترافية.