حسن البصري:
كم كنت تتقاضى مع المنتخب الوطني؟
بالنسبة لمعسكرات الفريق الوطني المغربي، التي كانت تبتدئ كل اثنين وتنتهي يوم الجمعة، كنا نتقاضى مصروف جيب يوميا قدره خمسون درهما، ويتضمن مصاريف التنقل من الدار البيضاء إلى ضواحي سلا. اليوم الحمد لله التعويضات ارتفعت بشكل صاروخي وأصبح معسكر واحد للفريق الوطني يوفر للاعب منحة كنا نتقاضاها في سنة.
لمَ تعثرت محاولات انتقالك إلى عالم الاحتراف؟
هناك قانون صدر في عهد الجامعات السابقة التي حكمت الكرة في الثمانينات والتسعينات، قانون أعتبره غاشما ولا أدري كيف تم تعميمه على اللاعبين وتطبيقه دون استشارتهم. قانون يمنع الاحتراف إلا لمن تجاوز 28 سنة من العمر، أي أنه لكي تحترف في فريق أجنبي عليك أن تكون كبير السن وعلى باب الاعتزال، أما المواهب الواعدة فقدرها أن تلعب الكرة في المغرب إلى أن تدخل مرحلة اليأس الكروي. ربما سبب هذا القرار هو كون البطولة المغربية كانت تضم، في تلك الفترة، لاعبين أغلبهم حملوا قميص المنتخب الوطني، باستثناء عنصرين أو ثلاثة والباقون كلهم كانوا محليين. لهذا كان البعض يرى أن القرار في صالح الدوري المحلي لأن نجوم الأندية ظلوا حاضرين في مباريات البطولة وفي المنتخب. هناك عامل آخر كان يقلص انتقال اللاعبين إلى دوريات أوربية، وهو غياب وكلاء اللاعبين وغياب الترويج للمواهب وغياب وسائل التواصل الاجتماعي وحقوق النقل التلفزي.
هل كان المنع يشمل، أيضا، الاحتراف في الخليج العربي؟
نعم المنع كان يعني عدم الاحتراف في أي دولة خارجية إلا إذا تجاوزت الـ28 عاما، المهم بالنسبة للجامعة ألا يغادر اللاعب البطولة المغربية إلا بعد أن يصبح على وشك الاعتزال، ونحن نعرف أن الأندية الأوربية تبحث عن لاعبين في سن مبكر يسمح لهم بالتأقلم والتطور، أما أصحاب الخبرة فكل فريق أوربي له قدماؤه.
العائق نفسه واجهك حين تلقيت عرضا من ميتز الفرنسي..
أجرى فريق الرجاء مباراة ودية ضد ميتز، الذي استغل توقف البطولة الفرنسية فقام بجولة في المغرب، في مواجهة ميتز قدمت أداء جيدا لفت أنظار مدرب الفريق الفرنسي، فكان حوار بين مسؤولي ميتز ومسؤولي الرجاء، لكن العائق نفسه حصل مرة أخرى والموال ذاته تكرر: السن لا يسمح.
شاركت في النسخة الأولى من الألعاب الفرنكفونية التي أقيمت في المغرب، تألقت بشكل ملفت، لكن ختامها لم يكن مسكا، ماذا حصل؟
كان للمغرب شرف استضافة النسخة الأولى لهذه الألعاب بمدينتي الرباط والدار البيضاء في شهر يوليوز 1989. كان الاستعداد لهذه الدورة جادا حيث كنا في كامل الجاهزية، وحققنا نتائج باهرة بل إن منتخبنا سجل أول هدف في تاريخ الألعاب الفرنكفونية وكان بتمريرة مني حولها لاعب الحسنية عبد الكبير مزيان إلى هدف. هزمنا في نصف النهائي البلد المرشح فرنسا بثلاثية نظيفة لكننا انهزمنا في المباراة النهائية أمام منتخب كندا ضد كل التوقعات برباعية مقابل هدف واحد واكتفينا بالرتبة الثانية، أما فرنسا فانهزمت في مباراة الترتيب أمام الكونغو بثلاثة أهداف مقابل هدفين.
لماذا الهزيمة بهذه الحصة أمام كندا وضد كل التوقعات؟
أولا يجب أن يعرف الجميع أن هذا المنتخب الذي شارك في الألعاب الفرنكوفونية الأولى سنة 1989، تدرب لمدة ثلاثة أشهر كاملة في معسكرات مغلقة، وجل عناصره من اللاعبين المحليين تحت إشراف المدرب عبد الله بليندة الذي تعاملت معه في المنتخب والرجاء، وكان، رحمه الله، قريبا من اللاعبين. قبل مواجهة كندا اجتمع بنا مسؤولو الوزارة والجامعة وتحدثوا معنا عن أهمية المباراة، انتظرنا أن يختم الاجتماع بتوزيع المتأخرات المالية أو حتى وعود بمنحة دسمة في حال الظفر باللقب، لكنهم لم يتكلموا في الموضوع، ما أغضب اللاعبين الذين كان غالبيتهم بدون عمل قار يقتاتون من الكرة ومنحها رغم أنها كانت ضئيلة. دخلنا المباراة تقريبا شبه مقتنعين بالظفر بذهبية هذه الدورة وكان الجمهور يساندنا لكن لا أحد فهم ما حصل في الشوط الأول حيث انهالت علينا الأهداف بأخطاء بدائية، حتى المنتخب الكندي لم يفهم ما حصل لنا، غير أني أقول إن الاجتماع الذي عقد قبل المباراة بعثر تركيزنا وزاد من الاحتقان في صفوف اللاعبين.
كم تقاضيتم بعد الحصول على الميدالية الفضية؟
لم نتقاض أي منحة، بالرغم من المعسكرات الطويلة التي خضعنا لها، والمباريات التي قدمنا في هذه الدورة، حتى رتبة وصيف البطل هي بمثابة إنجاز ودليل على أن اللاعبين المحليين قادرون على مواجهة المحترفين. على العموم مثلنا المغرب خير تمثيل وهذا هو الأهم في نظري، علما أن الألعاب الفرنكفونية لم تكن تقتصر على كرة القدم بل شملت رياضات أخرى حصلنا فيها على الذهب، ولم يقتصر برنامج الدورة، التي خصص لها حفل افتتاح رائع، أمام أزيد من 70 ألف متفرج بملعب مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، على المسابقات الرياضية فقط، بل شمل مسابقات فنون أخرى.
ماذا قال لكم بليندة بعد الخسارة في النهائي؟
بليندة كان يعرف تفاصيل ما كان يحصل بين اللاعبين وفي مستودع الملابس أيضا، فقد استاء بدوره من موقف المسؤولين من منتخب كان سيدخل التاريخ في أول دورة.