جاء وصول المنتخب الوطني المغربي إلى نصف نهائي كأس العالم بقطر، ليتوج عاما استثنائيا لكرة القدم المغربية، تميز بتحقيق نتائج غير مسبوقة وهيمنة واضحة للأندية الوطنية على الصعيد الإفريقي، سواء بالنسبة إلى الذكور أو الإناث.
وتمكن “أسود الأطلس” من تحقيق إنجاز تاريخي ببلوغ المربع الذهبي لكأس العالم، ليصبح أول منتخب إفريقي وعربي يصل إلى هذه المرحلة المتقدمة في أكبر محفل كروي في العالم.
ولأول مرة في تاريخ كرة القدم المغربية، التقى فريقان محليان في كأس السوبر الإفريقي، عقب تتويج الوداد الرياضي بلقب دوري أبطال إفريقيا، وفوز نهضة بركان بلقب كأس الكونفدرالية.
وشهدت الكرة النسوية بدورها صحوة كبيرة، بعد بلوغ المنتخب الوطني لنهائي كأس أمم إفريقيا وتأهله لأول مرة إلى المونديال، فضلا عن مشاركة منتخب أقل من 17 سنة في كأس العالم بالهند، وتتويج سيدات الجيش الملكي بلقب دوري أبطال إفريقيا.
وواصل منتخب كرة القدم داخل الصالات (الفوتسال)، تألقه بقيادة المدرب الوطني هشام الدكيك، بفوزه بلقبي كأس العرب وكأس القارات، أما في باقي الرياضات، فشكل العداء سفيان البقالي الاستثناء بفوزه بذهبية بطولة العالم لألعاب القوى.
“الأسود” يزأرون في مونديال قطر
فاجأ المنتخب الوطني المغربي العالم بأسره، بوصوله عن جدارة واستحقاق إلى نصف نهائي كأس العالم، كأول منتخب إفريقي وعربي يصل إلى هذه المرحلة.
تمكن الفريق الوطني من الإطاحة بكبار القارة الأوروبية، وتسيد مجموعته بعد تعادله مع كرواتيا، وصيف بطل مونديال 2018، وفوزه الكبير والتاريخي على بلجيكا بهدفين لصفر، ثم على منتخب كندا بهدفين لواحد.
نجح “أسود الأطلس” في الإطاحة بمنتخب إسبانيا في ثمن النهائي، وأضاف جاره البرتغال إلى قائمة ضحاياه بإخراجه من المنافسات، مما تسبب في انهيار النجم الكبير كريستيانو رونالدو، الذي غادر الملعب باكيا، في آخر مشاركة له في المونديال، ثم توقف المشوار البطولي لـ “الأسود” في دور النصف بعد الخسارة بهدفين لصفر أمام فرنسا، بطلة العالم، وحل الفريق الوطني رابعا بعد تعثره في مباراة الترتيب أمام كرواتيا.
تألق “أسود الأطلس” في كأس العالم انعكس بشكل مباشر على التصنيف الذي تصدره “الفيفا”، إذ انتقل الفريق الوطني من المركز الثالث والعشرين إلى الرتبة الـ 11 عالميا، وهو أفضل رقم حققه “الأسود” منذ سنة 1998.
استقبال ملكي تاريخي
خص الملك محمد السادس لاعبي وباقي مكونات المنتخب الوطني المغربي باستقبال تاريخي، ووشح رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، والناخب الوطني وليد الركراكي بوسام العرش من درجة قائد، ووشح صدور اللاعبين بوسام من درجة ضابط.
وعبر الملك عن رضاه للنتائج المحققة ودعا عناصر المنتخب الوطني إلى مواصلة العمل لتحقيق المزيد من الإنجازات للكرة المغربية مستقبلا.
واهتمت وسائل الإعلام الدولية بالاستقبال الملكي، وتطرقت على الخصوص إلى تواجد أمهات اللاعبين اللواتي لفتن إليهن الأنظار في مونديال قطر بمتابعتهن لأبنائهن من المدرجات، كما تم تسليط الضوء على الاستقبال الشعبي الذي حظي بها “الأسود” في شوارع الرباط بعد عودتهم من قطر، والتنظيم الأمني المحكم الذي رافق الاحتفالات.
هيمنة إفريقية
على مستوى الأندية، هيمنت الفرق المغربية بشكل واضح، وفي أول مرة في تاريخ المسابقات القارية، وصل فريقان مغربيان إلى مباراة السوبر الإفريقي، ويتعلق الأمر بالوداد ونهضة بركان، الذي توج باللقب.
وتمكن الوداد بقيادة الناخب الوطني الحالي وليد الركراكي، من التتويج بلقب دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة في تاريخه، بالفوز على الأهلي المصري بهدفين لصفر، وتوج الفريق الأحمر بالثنائية، بعد الظفر بلقب البطولة الاحترافية.
وفاز فريق نهضة بركان بلقب كأس الكونفدرالية الإفريقية للمرة الثانية في تاريخه، على حساب نادي أورلاندو بيراتس الجنوب إفريقي، وتوج بثلاثية تاريخية (كأس “الكاف” وكأس العرش ثم كأس السوبر الإفريقي).
“أسود القاعة” في القمة
واصل منتخب “الفوتسال” توهجه بقيادة المدرب المتألق هشام الدكيك، وتمكن من الفوز بلقب كأس العرب على حساب المنتخب العراقي، ثم بكأس القارات التي أقيمت في تايلاند، على حساب منتخب إيران، ليواصل الصعود إلى منصات التتويج.
ولم يكن رئيس الجامعة فوزي لقجع يتكلم من فراغ، عندما قال بأن المدربين المغاربة مطالبون باتباع خطى المدرب هشام الدكيك، الذي اشتغل لسنوات طويلة بعيدا عن الأضواء، قبل أن ينجح في صنع منتخب بمواصفات عالمية، يقارع أكبر المنتخبات في أوروبا وأمريكا اللاتينية.
نهضة كرة القدم النسوية
جنت كرة القدم النسوية ثمار العمل الجبار الذي أُنجز لسنوات طويلة على مستوى التكوين والتخطيط، إذ بلغ المنتخب الوطني المغربي للسيدات المباراة النهائية لكأس أمم إفريقيا التي احتضنتها المملكة، والتي انتهت بفوز منتخب جنوب إفريقيا.
بلوغ النهائي، أهل منتخب السيدات بشكل تلقائي إلى كأس العالم التي ستحتضنها أستراليا ونيوزيلندا سنة 2023، لأول مرة في تاريخ الكرة النسوية.
وتميزت السنة التي سنودعها بمشاركة المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة في مونديال الهند للإناث، كما توجت سيدات الجيش الملكي بلقب دوري أبطال إفريقيا بعد الفوز على ماميلودي صن داونز الجنوب إفريقي في النهائي.
البقالي يحمل وحيدا مشعل “أم الألعاب”
واصل البطل العالمي والمغربي سفيان البقالي رفع الراية الوطنية في أكبر المحافل العالمية، فبعد تتويجه التاريخي بالذهب الأولمبي السنة الماضية، عاد ابن مدينة فاس ليتوج بالميدالية الذهبية لسباق مسافة 3000 متر موانع في بطولة العالم لألعاب القوى بيوجين بالولايات المتحدة الأمريكية.
نجح البقالي في قهر الأبطال الكينيين والإثيوبيين الذين سيطروا لسنوات طويلة على سباق الـ 3000 متر موانع، وبعد سنة من تتويجه بالذهب الأولمبي، عاد وضرب بقوة في بطولة العالم وقهر البطل الإثيوبي لاميشا جيرما والكيني كونسيسلوس كيبروتو، وصعد مجددا فوق منصة التتويج شهر يوليوز الماضي، وتوصل ببرقية تهنئة من الملك محمد السادس.
وفاز البقالي في 2022 بالدوري الماسي لألعاب القوى محققا أفضل رقم هذه السنة في سباق 3000 متر موانع، واستحق الفوز بجائزة أفضل رياضي إفريقي في السنة.
وتبقى إنجازات البقالي سواء خلال السنة الحالية أو في السنوات القليلة الماضية، مجرد استثناء في ظل تواضع المشاركات المغربية بشكل عام في ألعاب القوى.
رياضات جماعية وفردية في سبات
في باقي الرياضات، لم تحقق أي إنجازات تذكر خلال السنة التي نودعها، باستثناء تأهل المنتخب الوطني لكرة اليد إلى بطولة العالم التي تحتضنها بولندا والسويد في 2023، بعد احتلال المركز الثالث في كأس أمم إفريقيا التي نظمتها مصر، عقب الفوز في مباراة تحديد صاحب المركز الثالث على منتخب تونس.
وفي بطولة العالم للملاكمة، فازت المغربية خديجة المرضي بالميدالية الفضية عقب خسارتها في المباراة النهائية في وزن أقل من 81 كيلوغرام، لتنقذ ماء وجه الملاكمة المغربية.
رضى زروق