شوف تشوف

سري للغاية

حسن فرج: «وجدت أن شقة والدتي قد بيعت بعد اختفائها لشخص رفض الإدلاء بهويته»

حاوره: يونس جنوحي

لنبدأ بمغادرتك إلى ألمانيا للبحث عن والدتك..

قبل ذلك. توجهت إلى السفارة الألمانية في الرباط، وقابلت هناك موظفة، وهي من معارف أمي وسبق لها أن التقتها. عرضت عليها المشكل وقلت لها إن أخبار والدتي انقطعت تماما، وأطلعتها على مضمون الرسالة التي توصلت بها من قريبتي، فقالت لي إنه يتوجب عليّ فورا أن أتوجه إلى ألمانيا لأبحث عن والدتي بنفسي حتى لا يضيع الوقت في البحث في محاولات الوصول إليها عبر الهاتف.
وهكذا قررت أن أبدأ عملية البحث من ألمانيا. وكانت قد مضت أسابيع في الحقيقة لم أنجح فيها في ربط الاتصال بوالدتي. لم يكن لدي من المال ما يسمع بالتحرك بحرية أو السفر بالطريقة التي اعتدت أن أسافر بها أيام كانت لدي سيولة مادية تسمح بالسفريات العاجلة أو المفاجئة. الدعاوى القضائية والمشاكل العائلية استنزفت مني أموالا كثيرة، ووجدت نفسي مضطرا للتقشف من أجل توفير متطلبات السفر. جمعت حقيبة صغيرة على عجل، وغادرت الرباط صوب المطار في اليوم الموالي، واستقللت طائرة إلى باريس، ومن هناك ركبت القطار صوب «أولم» حيث شقة والدتي.

  • لكن قريبتك الألمانية أخبرتك بأن والدتك لم تعد تقيم في شقتها في «أولم» لخمسة أشهر. لماذا ذهبت إلى هناك؟

لأبدأ عملية البحث. وصلت ليلا، ولم أتوجه إلى شقة والدتي لأني أعلم مسبقا بأنها غير موجودة بناء على إفادة قريبتي. أتيت وأنا عازم على إخبار الشرطة هناك أولا بهذا الأمر.
كنت مستعجلا وقلقا، إلى درجة أنني لم أبحث عن فندق ولم أتصل بأحد، بل توجهت مباشرة إلى الشرطة في «أولم» وأخبرتهم بالأمر. وجدت شرطيين للمداومة الليلية في المكتب، وكانا متجهمين، وبدا لي أنهما لم يكترثا لما رويته لهما، وظنا أنني مجنون لأني أخبرتهما أنني وصلت للتو من المغرب وأدليت لهما بجواز سفري الألماني لأثبت هويتي. تأمل أحدهما في الجواز وأخبرني أن أتوجه إلى «الكوميسارية» الرئيسية في «أولم». أدليت هناك من جديد بجوازي سفري، وحكيت لهم أن قريبتي هناك اتصلت بي وجئت من المغرب لأبحث عن والدتي التي انقطعت أخبارها قبل أشهر. وأخبرتهم أيضا أنني متخوف من أن يكون قد لحقها مكروه ما، وقلت لهم إنني تلقيت اتصالا في المغرب، وقيل لي أن أحذر حتى لا يكون مصيري مثل والدتي..

  • يعني أخبرتهم أن والدتك من الممكن أن تكون قد تعرضت لمكروه؟

نعم حاولت إخبارهم أن حياتها قد تكون في خطر خلال تلك اللحظات. هناك بدا لي أنهم بدؤوا يتعاملون بجدية مع ما كنت أقوله لهم عن اختفاء أمي واحتمال أن تكون حياتها في خطر. طُلب مني جواز سفري هناك، للتحقق من هويتي، وبعد حوالي 25 دقيقة عاد إلي الشرطي ليرجع لي الج واز، وفاجأني عندما طرح عليّ هذا السؤال: «هل خديجة فرج أختك؟». قلت له نعم إنها أختي. فقال لي إن هناك مذكرة بحث عنها.
لم أفاجأ في الحقيقة لأني كنت أعلم أنها تقوم بأشياء غير مسؤولة خارج المغرب، وسبق لها أن تسببت في حوادث سير منذ أيام عبد الفتاح فرج هناك في ألمانيا.

  • هل كنت تعلم بخبر «وفاتها» الذي شاع في الرباط، عندما سألك الشرطي عنها؟

.. لا أذكر تحديدا هل كان الأمر قبل ذلك أم بعده، لكني متأكد أنه كان بعد مكالمة غريبة أسابيع قبل سفري إلى ألمانيا.

  • أي مكالمة؟

في إحدى الليالي، وفي غمرة المشاكل التي أتخبط فيها قبل حتى أن تصلني رسالة قريبتي، لتقول لي إن أمي قد اختفت، جاءني اتصال غريب من رقم غير معروف، وقال لي المتحدث بنبرة جافة إن أختي خديجة قد تتعرض للقتل، وأن الدور قادم عليّ قريبا؛ أي أنني سأتعرض للقتل.

  • أخبرت الشرطي الألماني بهذا الأمر؟

لا، أخبرتك به فقط لأضعك في السياق. لأن خديجة كانت على قيد الحياة، وتأكد لي الأمر بمسألة مذكرة البحث الصادرة في حقها بألمانيا.

  • ما سبب البحث عنها في ألمانيا؟

عرض علي الشرطي المسألة وقال لي إن سبب إصدار مذكرة بحث في حقها، هي أنها كانت تقود سيارتها مخمورة، وأنها لم تنصع لأوامر الشرطة بالتوقف، ولاذت بالفرار.
أعادوا إلي جواز سفري، وطلبوا مني أن أرافقهم إلى شقة أمي، حتى يقوموا بجولة فيها، علهم يجدون خيطا يقود إلى فك لغز اختفائها.
عندما وصلنا إلى هناك كان أول شيء قاموا به هو تفقد صندوق رسائلها، وقد كنت معهم ورأيت أن العلبة فارغة تماما، وهذا لا يعني إلا شيئا واحدا وهو أن رسائلها تعرضت للسرقة وأن هناك من أخذها من الصندوق.
ذهب الشرطيان إلى المنازل المجاورة، وطرقا أبواب الجيران بالتتابع لسؤالهم إن كانوا يعرفون معلومات عن والدتي علهم يحصلون على إفادات معينة بشأن اختفائها من الشقة. بقيا عند أحد الجيران لأزيد من عشرين دقيقة، بقيت خلالها وحيدا أنتظر في الخارج، علما أن بعض الجيران هناك يعرفون أنني ابن غيثة، لكن طبيعتهم مختلفة ولم يتوجهوا إلي بالسؤال عن اختفاء والدتي. عندما خرج الشرطيان من شقة الجار المقابل لشقة أمي، أخبراني أنه قال لهم إن آخر مرة شاهد فيها والدتي كانت خلالها تهم بمغادرة شقتها قبل أسابيع برفقة ابنها.

  • ابنها يعني أنت؟

هذا الجار اعتقد أن الذي رافقها هو ابنها. بمجرد ما أخبرني الشرطيان بالأمر، قلت لهما إن هناك أمرا غير طبيعي وأن الشكوك حول سلامة والدتي في تلك اللحظات سوف تزداد، لأني لم أزر ألمانيا منذ مدة وأن هذا الذي رافق والدتي لا بد وأنه شخص آخر، وبدأت التساؤلات حول المكان الذي يمكن أن تكون قد ذهبت إليه رفقة هذا الشخص المجهول، ومن يكون أيضا.
سألت الشرطيين إن كان الجار قد أدلى لهما بمواصفات هذا الابن المفترض؟ فكان جواب الجار صاعقا، لأن المواصفات التي أطلعني عليها الشرطيان تعود لصهري، وأدركت فورا أن لأختي خديجة علاقة مباشرة بالأمر، وتقوى هذا المعطى عندما أخبرني مولاي عبد الله العلمي، المكلف بتوزيع إرث عبد الفتاح فرج، أن أختي خديجة سبق لها أن توجهت رفقة صهرها إلى شقة والدتي.
سألت الشرطيين ماذا يمكن فعله، فأخبراني أنهما لا يستطيعان القيام بأي شيء في الوقت الراهن، ونصحاني بأخذ قسط من الراحة، فودعتهما وتوجهت رأسا إلى أحد الفنادق هناك، وفي الغد باشرت البحث بنفسي، وفكرت في أن أتوجه
إلى مكتب الموثق الذي أشرف على البيع قبل سنوات، وحصلت منه على عنوان الرجل الذي باع الشقة لوالدتي، واتصلت به ورتبنا موعدا. عندما أخبرته أنني ابن غيثة وعبد الفتاح فرج، طلب مني على الفور أن أمده بوثيقة تؤكد هويتي، فمنحته جواز سفري.

  • سألته عن السبب؟

نعم استغربت وقلت له لماذا كل هذه الاحتياطات، خصوصا وأنني جئته لأسأله فقط عن والدتي أو إن كان يعرف معلومات عنها، وليس بغرض إجراء إداري.. فقال لي إن مشاكل وقعت مؤخرا جعلته يقوم بهذه الاحتياطات. سألته عن أي مشاكل يتحدث، فقال لي إن رجلا جاء إليه قبل أيام فقط، ورفض الإدلاء بأي وثيقة تثبت هويته واسمه، وأن هذا الشخص هو المالك الجديد لشقة والدتي، وجاء لكي يحصل على المفاتيح الاحتياطية، فسلمها له.. سلمها له دون أن ينجح في إقناعه بتقديم أي شيء يثبت اسمه الحقيقي. أي أن المالك القديم لم يعد يتوفر على المفاتيح الاحتياطية. وأضاف أن هذا الرجل الذي أصبح مالكا للشقة، جاء مرفوقا بشابة. سألته عن المواصفات فأعطاني مواصفات أختي وصهرنا من جديد.. فتأكدت أن لخديجة علاقة مباشرة باختفاء والدتي.

  • أطلعت الشرطة على الأمر؟

قبل أن أطلع الشرطة، أخبرني جار آخر لما رأى أن الأمور تعقدت، أن آخر مرة رأى فيها والدتي كانت برفقة رجل وشابة، أركباها بطريقة غريبة داخل سيارة.

  • ماذا تقصد بطريقة غريبة؟

أي أنهما أجبراها على صعود السيارة. هذا ما قاله الجار، واعترف أنه لم يشك للوهلة الأولى أن يكون الأمر متعلقا باختطاف ما، لكنه عندما رأى الشرطة وسمع أنني جئت من المغرب لأبحث عن والدتي بعد أن اختفت، تأكد ان الطريقة التي رحلت بها في السيارة كانت مريبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى