حسن فرج: « صُدمت عندما وجدت أن والدي عبد الفتاح أنشأ بنكه الخاص في كندا»
حاوره: يونس جنوحي
أريد أن أبدأ بخصوص الحسابات البنكية التي تقول إنك علمت بشأنها لدى اتصالك ببنك باريس.. هل لديك فكرة عن طريقة تمويلها أيام عبد الفتاح فرج؟
لقد حوّل أموالا كثيرة للخارج، بحكم منصبه كاتبا خاصا للملك الراحل.
ما علمته من البنك في باريس، رغم أنهم أكدوا عليّ أنه لا يمكنهم مدّي بكل المعلومات، لإكراهات قانونية، إلا أنني علمت، من خلال المدير، أنهم في لحظة من اللحظات جمدوا كل شيء، عندما شكّ في الوكالة التي جاءت بها خديجة. لكن الأمر يبقى شفهيا لأنه لم يطلعني على أي أرقام حسابات أو أوراق رسمية لإجراءات بنكية أو كشف للحساب.. تحدث معي شفهيا فقط.
وماذا أخبرك بشأن مصدر تلك الأموال؟ هل تعود لعبد الفتاح؟
بطبيعة الحال، الممول الرئيسي لها هو عبد الفتاح فرج. قال لي إن هناك تحويلات مالية تمت قبل مدة، لكنها تبقى عادية. لكن هناك تحويلات أخرى، مهمة، تمت قبل مدة، وهي التي شكلت التمويل الأكبر الذي ضُخ في ذلك الحساب البنكي.
وما هو مصدرها؟
عمد عبد الفتاح إلى تحويل قدر كبير من المال، من الباهماس إلى البنك في باريس، عبر مؤسسة تحمل اسم «مولاي أنتركوم». مؤسسة لا أعلم عنها معلومات كافية، لكن عبد الفتاح فرج استغلها وحول الأموال منها إلى الحساب البنكي في باريس.
ماذا تعلم عنها تحديدا؟
قال لي المدير، قبل أن أبتلع الصدمة، إن «مولاي أنتركوم» عبارة عن مؤسسة في الباهاماس، لكن تمويلها قادم من كندا، من بنك خاص!
بنك خاص؟
نعم بنك خاص أنشأه عبد الفتاح فرج هناك.
عبد الفتاح أنشأ بنكا خاصا به؟
نعم، عندما كنت في مكتب مدير البنك في باريس، أسمع كلامه، تذكرت كيف أن الدكتور قنيدل أخبرني قبل مدة طويلة من موت والدتي، أن هناك إمكانية أن يكون عبد الفتاح فرج، في آخر أيامه إلى جانب الملك الحسن الثاني، قد أسس بنكا خاصا به. والكلام الذي قاله لي المدير يومها جعلني أتأكد من أن كلام الدكتور قنيدل لم يكن إشاعة. لأن مؤسسة «مولاي أنتركوم» ضخت أموالا لصالحه، ومصدر تمويلها يوجد في كندا في بنك خاص، وهذا مطابق لما قاله لي الدكتور قنيدل.
في أي سياق أخبرك بهذا الأمر؟
.. لا أذكر تحديدا، كنا نتحدث وأطلعني على هذه المعلومة التي لم أعرها الاهتمام الكافي وقتها..
إذن فالكلام الذي يروج حول أن ثروة عبد الفتاح تقدر بالملايير، ليس مبالغة..
أكيد ليس مبالغة. والأكثر من هذا أن هناك أموالا تم تحويلها إلى الحساب نفسه في باريس، ومصدرها واحد من أقدم الأبناك في العالم، إن لم يكن الأقدم إطلاقا، ويتعلق الأمر هنا ببنك إيطالي، أي أن عبد الفتاح كان يملك حسابا هناك أيضا. لكن الأمر الأكثر أهمية في ما علمته هو «مولاي أنتركوم»، فهو يعني أن هناك مؤسسات أنشئت فقط ليتم استعمالها في تحويل الأموال عبر القارات.
كم حسابا بنكيا كان يوجد باسم تلك المؤسسة؟
حسب ما قيل لي فإنه حساب بنكي واحد. ضُخت الأموال في المؤسسة وحولها عبد الفتاح فرج لحسابه في باريس، وانتقل إلى غيثة. لكي أحصل على معلومات إضافية يتوجب علي أن أدقق في مصدر التحويل، الباهاماس، ولكي أقوم بهذه الأمور، حسب القانون الفرنسي، فإنه يجب علي أولا الاستعانة بموثق، وهذا الأمر يتطلب إجراءات كثيرة ومعقدة، ونحن لا زلنا نتابع تطورات أخرى تهم العائلة والإرث.. هذا بالإضافة إلى أن خديجة كانت مفقودة في تلك الفترة.. أقصد أن أخبارها انقطعت.
تقصد مثل المرة السابقة التي شاع فيها خبر وفاتها وأقيمت لها جنازة؟
هذه المرة اتصلت بي صديقة مشتركة.. صداقة تعود إلى أيام الطفولة، تعرفني وتعرف أختي خديجة أيضا. كنت في الرباط عندما اتصلت بي، وبعد الأسئلة الروتينية، سألتني إن كنت أعلم أي شيء عن أختي خديجة. أجبتها بأنني لا أعلم أي شيء، فأخبرتني أنه بلغ إلى علمها أن خديجة انتحرت.
سألتها كيف؟ فأجابتني بأن لديها معلومات تقول إن خديجة قتلت نفسها باستعمال مسدس.
وهذا أمر غير صحيح؟
لكن الناس صدقوا الخبر. لازلت أحتفظ بتسجيل كامل لتلك المكالمة، وبحكم معرفتي بالصديقة المشتركة، فإنها سمعت فعلا بالخبر وأرادت التأكد منه من خلالي، لكنها للأسف وجدت أنني آخر من يملك معلومات عن خديجة. لا أذكر بالضبط تاريخ المكالمة، لكن يمكنني التأكد منه إن استدعى الأمر ذلك.. الكثيرون من أصدقائها ومحيط الرباط ممن عرفوها أو يعرفون زوجها، صدقوا أنها انتحرت.. أنا لم أصدق الأمر، واعتبرت أنه تمويه منها. ربما تكون دخلت في متاعب مالية جديدة، وأرادت الاختفاء لفترة..
لقد رأيتها عند وكيلة الملك في سويسرا قبل أشهر من اليوم، ولم نتحدث، وهذا يعني أنها على قيد الحياة. لكن منذ تلك الفترة، إلى اليوم، لا أملك في الحقيقة أي معلومات خاصة عنها.
ألم يتصل بك أحد من العائلة للاستفسار عن خبر انتحارها بمسدس؟
حاولتُ الاتصال بأعمامي، والتقيت عمي عمر فرج أخيرا وأخبرته أن الأسرة تشتتت كليا، وأنه لا داعي لأن نعيش ما تبقى تحت ظل هذه المشاكل. كنت أريد على الأقل أن نتفاهم بخصوص الإرث في المغرب، وأن يرفعوا الحجز عن الفيلا.
لماذا الفيلا بالضبط؟
لأني لم أعد أملك أي شيء على الإطلاق. كل شيء ضاع بسبب كل ما أخبرتك به في هذا الحوار. أريد على الأقل أن تبقى الفيلا التي قضيت بها طفولتي وجزءا مهما من حياتي، بعيدة عن الصراع حول الإرث، وألا أجد نفسي في الشارع. إذا رُفع الحجز، فعلى الأقل ستبقى الفيلا بعيدة عن الصراعات.
وماذا عن الفيلا التي قلت إنكم أكريتموها للسفارة؟
تلك الفيلا في ملكية أختي خديجة، أنا أشرفت عليها عندما ظننت أن المياه بيني وبينها قد عادت إلى مجاريها. وبفضل الوكالة التي مكنتني منها، استطعت تدبر أمر الكراء، لكنها عندما سحبت الوكالة لم تعد لي أية علاقة بالموضوع. وفوجئت، قبل أشهر فقط، بأنها حركت ضدي شكاية بأني أستغل كراء الفيلا لصالحي، وأني لا أسلمها مستحقاتها، علما أنها سحبت الوكالة.
عندما استفسرت عن الموضوع، وجدت أن شيكات الكراء تصل إلى محاميها هنا في المغرب. قلت لهم إنها يجب أن تتصل بمحاميها حتى تحل المشكل، عوض أن تتهمني بأني أستخلص الكراء لنفسي. كانت تريد أن تستعمل هذا الأمر ضدي، حتى يبدو أنني أنصب عليها.
ماذا كان موقف أعمامك، هم أكبر متضرر ربما من قصة الإرث؟
أنا أيضا متضرر. فالحجز منعنا جميعا من الاستفادة من أي شيء، وأنا لم أستفد من حسابات والدي بالخارج. أين تكمن استفادتي إذن؟ لدي قضايا عدة في المحاكم وإجراءات كثيرة.
حتى أن أحد أعمامي رفع أخيرا دعوى ضدي وخديجة لإسقاط نسبنا إلى عبد الفتاح فرج.
كيف؟
حتى لا نستفيد من الإرث. يريدون الطعن في التبني رغم أن الوثائق التي لدينا صحيحة وسليمة، والملك الراحل الحسن الثاني أشرف بنفسه على الأمر، لأن حياة كاتبه الخاص كانت تهمه وهو من اقترح عليه أن يمنحنا اسمه العائلي «فرج».
xلكن هذه الأمور ليست معتمدة في سويسرا حيث يوجد ملف الشكاية التي وضعتها غيثة ضد أختك؟
قضية سويسرا مستقلة لوحدها لأنها تبحث في وفاة والدتي وعلاقة أختي خديجة بأموالها قيد حياتها وبعد وفاتها أيضا. هناك مسألة مهمة وقعت لي عندما مثلتُ أمام وكيلة الملك السويسرية كشاهد. فقد سألتني إن كنت أملك رخصة قيادة ألمانية وأجبتها بالنفي، واستغربت.. وقبل أن أستوعب الأمر، قالت لي: «إذن فرخصة السياقة التي تحمل صورتك واسمك هنا، ليست لك؟».
فأعدت التأكيد على أنني أملك رخصة سياقة واحدة ووحيدة هي رخصتي المغربية، ولا أتوفر على غيرها.
فأخبرتني أن لديها نسخة من رخصة سياقة ألمانية باسمي وصورتي وجدت في سيارة، ووجهت لي السؤال: «إذن إذا قمنا بفحص الحمض النووي على ما يوجد في السيارة، فإننا سنجد أنها ليست لك؟». أجبتها بالتأكيد فأنا متأكد من أن رخصة السياقة الوحيدة التي أتوفر عليها مغربية ولا حاجة لي أصلا لأن أتوفر على غيرها.
اكتشفت في الأخير أن أختي بمساعدة صهرها رفعت قضية حاولت إقحامي فيها، شبيهة بما وقع لي في حادثة بنسليمان حيث انتهت بالقتل.. لكن لحسن الحظ لم ينجح الأمر، والوكيلة واصلت النظر في القضية المعروضة أمامها، والتي تهم إرث زوجة عبد الفتاح فرج وموتها الذي يثير الكثير من الشكوك.