شوف تشوف

الرأي

حرية الدين والمعتقد في إطار المنظومة القانونية الإسبانية 4

محمد ظهيــري
المؤسسات الإسلامية في إسبانيا الاعتراف بالدين الإسلامي كـ«دين متجذر» في إسبانيا
بناء على طلب من الجمعية الإسلامية الإسبانية (تأسست قانونيا سنة1971)، أقرت وزارة العدل سنة 1989م، عن طريق اللجنة الاستشارية لحرية التدين، الاعتراف بالدين الإسلامي كـ«دين متجذر» في إسبانيا. ونظرا لتزايد عدد الجماعات الدينية الإسلامية، منذ تسعينيات القرن الماضي، وإلحاح السلطات الإسبانية على هذه الجمعيات لخلق ائتلاف لها والاتفاق على تمثيلية قانونية تمثلهم أمام هذه السلطات، عجل ذلك بظهور اتحادين سنتي 1989 و1991م. يتعلق الأمر بالفيدرالية الإسبانية للجمعيات الدينية الإسلامية (FEERI)، التي تأسست سنة 1989م، واتحاد الجماعات الإسلامية في إسبانيا (UCIDE)، الذي تأسس سنة 1991م. ويلتقي الائتلافان، حسب قوانينهما الأساسية، في الأهداف نفسها المتمثلة في توحيد وتنسيق جميع الهيآت والجماعات الإسلامية في إسبانيا وتمثيلها أمام الإدارات العمومية والمؤسسات الرسمية، كممثل شرعي لها.
وفي سنة 1992م، وباتفاق بينFEERI وUCIDE، تم تأسيس هيئة دينية مسجلة تحت اسم «المفوضية الإسلامية في إسبانيا» (CIE)، بهدف تمثيل الجماعات الدينية الإسلامية المسجلة في سجل وزارة العدل وتحفيز وتيسير ممارسة الإسلام في إسبانيا، وفقا للقرآن والسنة.
ومنذ تأسيسها سنة 1992م وتسجيلها في «سجل الهيئات الدينية» التابع لوزارة العدل، مثلت (CIE) الجمعيات الإسلامية واتحادَيْها في المفاوضات مع الدولة الإسبانية، كما نابت عنهما في توقيع اتفاقية التعاون المبرمة سنة 1992م (القانون 26/1992، المؤرخ بتاريخ 10 نونبر 1992)، والذي بموجبه أصبحت المفوضية الإسلامية المؤسسة ذات الأهلية القانونية لتمثيل الجمعيات الدينية الإسلامية في إسبانيا في علاقتها بمختلف المؤسسات الرسمية. وما زالت إلى حدود الآن تقوم بالأدوار نفسها، كممثل للجمعيات الدينية الإسلامية في إسبانيا وكمحاور للمؤسسات العمومية الإسبانية .
تـتشكل (CIE) من لجنة دائمة ومجلس إدارة، إضافة إلى لجان تقنية ومندوبين في كل الأقاليم الإسبانية. وتسهر لجنتها الدائمة، المكونة من خمسة وعشرين عضوا ممثلين لكل الجماعات العضوة بالمفوضية، على تداول الأمور المتعلقة بتطبيق وتنفيذ ومتابعة اتفاقية التعاون مع الدولة الإسبانية. ويتشكل مكتب (CIE) الإداري من سبعة أعضاء (الرئيس، الكاتب العام، نائب الكاتب العام، المسؤول المالي، نائب المسؤول المالي، مستشار أول ثم مستشار ثان). هذا، ويتم التواصل مع (CIE) عن طريق رئيس مجلس إدارتها.
إلى جانب اتحاد الجماعات الإسلامية في إسبانيا (UCIDE) والاتحاد الإسباني للكيانات الدينية الإسلامية (FEERI) تأسس خلال الثماني والعشرين سنة الأخيرة، ثمانية وثلاثون اتحادا للجمعيات الإسلامية في إسبانيا مسجلة في «سجل الهيئات الدينية»، التابع لوزارة العدل، وعضوة بـ(CIE). فاستنادا إلى إحصائيات المفوضية نفسها، تَضَمن سجل الهيئات الدينية التابع لوزارة العدل لأوائل سنة 2019، سبعة وأربعون اتحادا دينيا إسلاميا، بما في ذلك (CIE)، وألفا وستمائة وستة وعشرون (1626) جماعة دينية، وألفا وستمائة وأربعة وتسعون (1694) هيئة إسلامية، وواحدا وعشرون جمعية دينية.
تُسجل الجماعات الدينية وجمعيات الديانات المختلفة واتحاداتها، بصفتها القانونية، في سجل وزارة العدل للهيئات الدينية. وتقوم الجماعات والجمعيات الدينية في كل منطقة تَوَفر فيها عدد كاف من المؤمنين بتأسيس هيئة دينية، والتي عن طريقها يمكنهم طلب الرخص القانونية لفتح مسجد ومقبرة. وفي حال إذا تعذر عليها التسجيل لأسباب قانونية أو إدارية، يمكنها الانضمام الى المفوضية الإسلامية في إسبانيا (CIE) مباشرة، أو عن طريق أحد الاتحادات الإسلامية المعترف بها قانونيا.
عدد الاتحادات الإسلامية المنضوية تحت المفوضية الإسلامية في إسبانيا (CIE) يراوح 40 اتحادا، ضمنها، كما سبق بينا، اتحاد الجماعات الإسلامية في إسبانيا(UCIDE) والاتحاد الإسباني للكيانات الدينية الإسلامية(FEERI) ، كلها مسجلة في «سجل الهيئات الدينية»، التابع لوزارة العدل الإسبانية.
وجب التذكير، ها هنا، أنه بمبادرة من عدة اتحادات وجمعيات إسلامية تم تقديم عدة اقتراحات بين سنتي 2007 و2012 لتعديل القانون الأساسي للمفوضية الإسلامية في إسبانيا (CIE)، بهدف تكييف تدبير شؤون المفوضية مع وضع المسلمين الحالي في إسبانيا، وكذا لتمكين أكثر من 30 في المائة من الهيئات والجمعيات الإسلامية من عضوية (CIE)، التي قدمت طلباتها عدة مرات. غير أن فشل هذا التعديل بسبب الخلافات الداخلية بين الاتحادين المؤسسين للمفوضية، وكذلك بسبب معارضة تسعة اتحادات أخرى، دفع بوزارة العدل إلى التدخل سنة 2011، والمصادقة على المرسوم الملكي رقم 1384-2011، والذي بموجبه تم تفعيل المادة الأولى من اتفاقية التعاون بين الدولة الإسبانية مع المفوضية الإسلامية بإسبانيا (القانون 26-1992)، الضامن لممارسة حقوق الحرية والمساواة الدينية للجماعات الإسلامية في إسبانيا، وكذلك مبدأ تعاون الدولة مع الديانات المنصوص عليها في المادة السادسة عشرة (16.3) من الدستور الإسباني. وقد أقر المرسوم بحق كل الجمعيات أو الاتحادات الإسلامية المسجلة في سجل الهيئات الدينية بأن تطلب عضويتها في المفوضية الإسلامية بإسبانيا، من خلال طلب تعبر فيه عن قبولها بنود اتفاقية التعاون بين الدولة الإسبانية مع المفوضية الإسلامية بإسبانيا (الموقعة سنة 1992)، في أجل لا يتعدى 30 يوما من تقديم الطلب.
وفي سنة 2015 تم الاتفاق على أن هيئات (CIE) هي مجلس الإدارة، المشكل من سبعة أعضاء، كما ينص على ذلك القانون الأساسي المعدل سنة 2016، واللجنة الدائمة المكونة من 25 عضوا.
وللتذكير فالمفوضية الاسلامية في إسبانيا(CIE) ، ستكون ملزمة بالإعداد لتنظيم انتخابات خلال الصيف المقبل، ليس بسبب وفاة رئيسها، رياج ططري (توفي في مدريد يوم 6 أبريل 2020) وحسب، ولكن، كذلك، بسبب انتهاء ولاية مكتبها الإداري وهيئات مجلسها في شهر يوليوز المقبل، بناء على منطوق قانونها الأساسي. لذا سنتابع خلال الأسابيع المقبلة الإعداد لانتخابات جديدة، قصد اختيار مكتب إداري جديد وتشكيل، بعدها، لجنة دائمة ومجلس إدارة، إضافة إالى لجان تقنية وتعيين مندوبين جدد في كل الأقاليم الإسبانية. وكل المؤشرات تشير إلى أن المرحلة المقبلة، إلى حدود الانتخابات، سيرافقها نقاش حاد بين مختلف الأطياف التي تبحث لها عن مكان في تدبير شؤون الإسلام والمسلمين في إسبانيا، وكذا لتمثيل الجمعيات الدينية الإسلامية في إسبانيا في علاقتها بمختلف الإدارات والمؤسسات العامة. وقد لاحظنا، منذ الإعلان عن وفاة رئيس المفوضية السابق أوائل الشهري الجاري، سباق الكواليس والبحث عن التحالفات، في انتظار رفع حالة الحجر الصحي للإعلان الرسمي عن تاريخ هذه الانتخابات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى