شوف تشوف

الرأي

حرية الدين والمعتقد في إطار المنظومة القانونية الإسبانية 2.2

محمد ظهيــري
في سنة 1992م تم توقيع أول اتفاق تعاون بين الدولة الإسبانية والمفوضية الإسلامية في إسبانيا (قانون 26/1992، المؤرخ بتاريخ 10 نونبر 1992). وقد وضع هذا الاتفاق إطارا قانونيا يحدد ويفصل قواعد التمثيل المؤسسي للأقليات الدينية، مع تنظيم الحضور العمومي للإسلام من خلال الحماية القانونية للمساجد والوضع القانوني للأئمة والتعليم الديني في المدارس العمومية والأعياد الدينية والمنتجات الغذائية المعدة، وفقا للشريعة الإسلامية والرعاية الروحية في المستشفيات والسجون والمقابر، وكذلك الحفاظ على التراث التاريخي والفني الإسلامي وتعزيزه.
وفي عام 1996م، تمت الموافقة على برنامج تدريس الدين الإسلامي، كما تم توقيع اتفاقية يتم بموجبها تعيين وتنظيم الإطار الاقتصادي للمعلمين المسؤولين عن تعليم الدين الإسلامي في مراكز التعليم الابتدائي والثانوي التابعة للقطاع العمومي. هذه الاتفاقية تم تحيينها بموجب الملحق الإضافي الثالث من قانون 2006 للتعليم، وكذا بموجب المرسوم الملكي لعام 2007 الذي ينظم شروط عمل مدرسي الدين الإسلامي. وسنة 2006 تمت المصادقة على المرسوم الذي ينظم الرعاية الدينية. وسنة بعد ذلك، أي عام 2007، وقعت الدولة الإسبانية والمفوضية الإسلامية بإسبانيا (CIE) الاتفاقية الاقتصادية للمساعدين الدينيين لمعتنقي الديانة الإسلامية.
على المستوى الإقليمي، بين عامي 1998 و2018، تم توقيع العديد من الاتفاقات بين حكومات إقليمية مختلفة وجمعيات ممثلة للمسلمين في هذه الأقاليم.
فقد وقعت اتفاقية – إطار للتعاون بين الحكومة الإقليمية لمدريد واتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا (UCIDE) في عام 1998، وفي عام 2002 وقعت اتفاقية بين الحكومة الإقليمية لكاتالونيا والمجلس الإسلامي في كاتالونيا، ثم في عام 2008 وقعت اتفاقية بين الحكومة المحلية لمدينة مليلية واللجنة الإسلامية بمليلية (ليست عضوة في (CIE)). كذلك تم توقيع اتفاق إطار سنة 2018 بين المفوضية الإسلامية في إسبانيا (CIE) والحكومة الإقليمية لمدريد، والذي بموجبه ينظم الحق في الرعاية الدينية الإسلامية في المستشفيات التابعة إداريا لإقليم مدريد.
تلك هي القوانين المنظمة لحرية التدين والمعتقد في إطار المنظومة القانونية الإسبانية، والتي بموجبها يمكن للمفوضية الإسلامية في إسبانيا (CIE)، ككيان تمثيلي للجماعات الدينية الإسلامية، تفعيل بنود الاتفاقية الموقعة مع الدولة الإسبانية سنة 1992م ومراقبة تنفيذها، كما ينص على ذلك قانونها الأساسي، وكذا تسهيلها توقيع اتفاقيات تعاون أو شراكة مع الحكومات الإقليمية (حكومات جهوية مستقلة ذات صلاحيات واسعة) والحكومات المحلية (المجالس البلدية) متعلقة بمواضيع مثل التمثيل المؤسسي للمسلمين، تنظيم الحضور العمومي للإسلام من خلال الحماية القانونية للمساجد والوضع القانوني للأئمة والتعليم الديني في المدارس العمومية والأعياد الدينية والمنتجات الغذائية المعدة، وفقا للشريعة الإسلامية، والرعاية الروحية في المستشفيات ومراكز رعاية القاصرين والسجون والحفاظ على التراث التاريخي والفني الإسلامي وتعزيزه. هذا، إضافة إلى ملف المقابر الشائك، الذي يُعاب على المفوضية الإسلامية من قبل جمعيات واتحادات المسلمين في إسبانيا تقصيرها بخصوصه، حيث إن الهيئة الإدارية التي أشرفت على تسيير شؤون المفوضية منذ ما يقارب ثلاثة عقود لم تتقدم في هذا الموضوع، حسب انتقادات هذه الجمعيات والاتحادات. فعدد المقابر الإسلامية في إسبانيا لا يتعدى 35 مقبرة، غالبيتها عبارة عن قطع أرضية داخل المقابر البلدية المخصصة للموتى المسيحيين، ثم مقبرتان خاصتان متعددتا الأديان في كل من قرية «ألكوبينداس» بمدريد وقرية «ريبا روخا دي توريا» بفالنسيا. أضف إلى هذا، فأغلب هذه المقابر تسمح فقط بدفن الموتى المقيمين بمقاطعتها وثلاث من بينها استنفدت طاقتها الاستيعابية. بمعنى أن ما مجموعه مليوني مسلم في إسبانيا يتوفرون فقط على 32 مقبرة إسلامية عمومية، سعتها جد محدودة، ومقبرتين خاصتين متعددتي الأديان.
يحصل كل هذا في ظروف الوضع الوبائي الحرج الذي تعيشه إسبانيا حاليا، حيث إن عدد الوفيات في أوساط الجاليات المسلمة عرف ارتفاعا نسبيا، منذ الأسبوع الثاني لتطبيق الحجر الصحي، حسب المعلومة المتوفرة عن طريق عائلات الضحايا والجمعيات الإسلامية، مما طرح عدة مشاكل في عدد كبير من الأقاليم التي لا تتوفر على مقابر أو أماكن معدة لدفن المسلمين بها.
كل هذا كان سببا في عودة موضوع تدبير الإسلام بإسبانيا ودور المفوضية(CIE) فيه. انضاف إليه وفاة رئيسها منذ تأسيسها، رياج ططري، يوم 5 أبريل 2020. هذه العوامل مجتمعة كانت وراء النقاش الواسع في أوساط الجاليات الإسلامية، خصوصا الجالية المغربية باعتبارها تمثل 67.1 في المائة من مجموع مسلمي إسبانيا، وبين مختلف الجمعيات واتحادات الجمعيات الإسلامية حول دور المفوضية في تمثيل المسلمين والدفاع عن حقوقهم مقارنة بتمثيلية باقي الديانات التي تجمعها الاتفاقية نفسها بالدولة الإسبانية، بشكل خاص، تمثيلية الديانتين اليهودية والإنجيلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى