شوف تشوف

الرأيالرئيسية

حرب عالمية ثالثة

بعد تلكؤ وأخذ ورد قررت ألمانيا تزويد أوكرانيا بدبابات ثقيلة من طراز «ليوبارد 2»، وفي الوقت نفسه أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية بأنها في طور تزويد «كييف» بدبابات متطورة من طراز «أبرامز»، ثم تلاحقت إعلانات الدول الغربية بدعمها الجانب الأوكراني بدبابات، إما من الطراز نفسه أو من طرازات أخرى، وكأنه بازار أمني ودفاعي. من اللافت للنظر أن المستشار الألماني، أولاف شولتز، أعلن من جنوب إفريقيا أنه سيسعى إلى منع حلف الأطلسي من الانخراط في حرب مع الجانب الروسي، بينما على النقيض من ذلك أشار نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، ديمتري مدفيديف، إلى أن الدبابات الأوروبية التي زودت بها أوكرانيا لن تحمي أوروبا، في حال اندلاع حرب عالمية. السؤال الذي يفرض نفسه: ما هي جدية اندلاع حرب عالمية ثالثة، طرفاها الاتحاد الروسي ودول حلف شمال الأطلسي؟ إذا نظرنا إلى السياق العام لتطور الصراع العسكري في أوكرانيا، نجد أن الانخراط الغربي يزداد كل يوم، ونوعية الأسلحة المقدمة إلى «كييف» تزداد وترتقي نوعيتها كلما تطور الصراع، إنها بالفعل أصبحت حربا بين الغرب وروسيا وإن كان بطريقة غير مباشرة، لكن التحول إلى مواجهة شاملة ومباشرة فهذه حسابات أخرى.

من الناحية النظرية والمنطقية فإن احتمال المواجهة المباشرة يبقى ضعيفا، لأنها سوف تضر بمصالح مختلف الأطراف وسوف تؤدي إلى نتائج كارثية، خصوصا ونحن نتحدث عن قوى نووية. والحقيقة أن الغرب وروسيا حاولا مع بداية الحرب في أوكرانيا، الاتفاق على قواعد للاشتباك تمنع المواجهة المباشرة بين الطرفين. من قواعد الاشتباك تلك، ألا يعمد الجانب الروسي إلى الهجوم على الدول المجاورة لأوكرانيا، مثل بولندا ودول البلطيق، حتى وإن كانت الممر الأساسي لوصول المساعدات العسكرية. كما تمتنع روسيا عن استخدام أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية التكتيكية. أما من جهة حلف الناتو فهو يمتنع عن الانخراط المباشر في الحرب، بمعنى عدم إرسال جنود يقاتلون إلى جانب القوات الأوكرانية، وكذلك الامتناع عن تزويد أوكرانيا بأسلحة تستطيع من خلالها ضرب العمق الروسي، وبالرغم من الاقتراب من خرق الخطوط الحمراء، إلا أن الطرفين بقيا ملتزمين بالخطوط العامة لقواعد الاشتباك. من الجانب الروسي يصعب أن نتخيل بأن موسكو سوف تهاجم بولندا أو غيرها من دول الحلف، لأنها سوف تفتح على نفسها جبهات متعددة، بينما هي لم تحسم الحرب في أوكرانيا، كما أن فتح هذه الجبهات مسألة غير محسوبة العواقب، بل يمكن أن يورط ذلك روسيا أكثر مما هي متورطة بالفعل. بالمقابل من الصعب تخيل مهاجمة الحلف لروسيا، فهو يريد احتواء روسيا وليس تدميرها، لأنه ببساطة يتعامل مع دولة نووية يمكن أن تكون ردة فعلها مدمرة. هذا من حيث المنطق وحسابات الربح والخسارة، ولكن دعونا نشير إلى هامش يتسع ويضيق، بحسب التطورات الميدانية والسياسية، ألا وهو سياق الحرب بحد ذاتها التي تفرض منطقها الخاص. وبالتالي لا توجد ضمانة حقيقية بأن الصراع سوف يبقى محصورا، ومن الغباء أن يعتقد أي طرف بأنه يمتلك أوراق اللعبة كاملة. لذلك فإن الأسابيع القادمة سوف تكون حاسمة في تبيان المسار، الذي تتجه إليه الحرب في أوكرانيا.

رامي الخليفة العلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى