شوف تشوف

الافتتاحية

حرب بلا هوادة

فككت المصالح الأمنية، بحر هذا الأسبوع، خلية إرهابية تتكون من أربعة عناصر من الذئاب المنفردة، بجماعة سيدي الزوين بمدينة مراكش، كانت تستعد للقيام بأعمال إرهابية والمس بالسلامة الجسدية للأفراد والجماعات وتجنيد مغاربة للالتحاق ببؤر التوتر الإرهابي. هذا الخبر يؤكد، في حد ذاته، أن طريق المعركة الاستئصالية تجاه الإرهاب لا زال طويلا، وأنه من المستحيل قبول فرضية موت وانتهاء الإرهاب ببلدنا مهما كانت قوة مؤسساتنا الأمنية، فالإرهابيون يسجنون ويموتون ويختبئون، لكن العقيدة الإرهابية تظل تغلي ومتأهبة تنتظر مجندين وضحايا جددا.
لا شك في أن المغرب حقّق إنجازات كبيرة في مواجهة خطر التطرف والإرهاب خلال العقدين الأخيرين، وأسهمت الضربات الأمنية الاستباقية الناجحة والآلية القضائية الصارمة والسياسات العمومية في تراجع أرضية الفكر المتطرف ومروجيه ومؤيديه، وإذا كانت الاستراتيجية المتعددة الأبعاد التي اعتمدها المغرب حققت نجاحات ملموسة على أرض الواقع، فإن هذا يجب ألا يحجب عنا حقيقة مفادها أن الخطر الإرهابي تراجع لكنه ما زال قائما يطل علينا بقمقمه ويعمل على استغلال أي ثغرة للنفاذ منها وتنفيذ عملياتها الإجرامية.
هذا التراجع النسبي للذئاب المنفردة والخلايا النائمة ما هو إلا عرض لمرض مزمن لا شفاء منه سوى بالوقاية منه، فالخطر متواصل ولم ينته، وما يتوجب القيام به هو استمرار اليقظة المجتمعية التي تحتضن اليقظة الأمنية وتعزز أداءها، وهذا أمر ضروري من أجل عدم السماح لأي إرهابي بمفاجأة المغاربة بظهوره مرة أخرى في عمل همجي.
لربما لا نعرف من أين يخرج الإرهابي ولا نعرف إن كان يسكن حقيقة بجوارنا ويتحرك في أزقتنا دون أن نشعر أو نحس، خصوصا عندما يكون الإرهاب والتطرف يستوطن بعض مزاج وعقول ضعاف الناس الذين يقدمون أنفسهم كمواطنين صالحين، لكن هناك من رجال الأمن والسلطة والقضاء من يقوم بذلك ليجنبنا الويلات.
ومع مؤسسة أمنية يقظة لن يكون الإرهاب مهما تلون أو اختبأ أو ناور قادرا على قهر إرادة الشعب المغربي، ومهما اعتقد المراهنون على الإرهاب والخراب وسفك الدماء بأنهم بهذه الأساليب الرخيصة يمكن أن يحققوا مآربهم في بث الفزع وعدم الاستقرار بالبلد، فلن ينالوا سوى الضربات الاستباقية والاستئصال من الجذور والاستنكار والنبذ المجتمعي، فهؤلاء ليسوا أعداء مؤسسات أمنية أو قضائية بل هم أعداء للشعب المغربي بكافة أطيافه وقيمه ومثله التي راكمها منذ 14 قرنا، ولا حل لوطننا إلا القضاء على الإرهاب بجميع حالاته ومسمياته وسوق المتورطين فيه والأفكار والرموز الداعمة له.
إننا أمام حرب طويلة المدى مع الإرهاب لكن لن تهزمنا وفي كل المواجهات خرجت مؤسساتنا منتصرة، لذلك اكتسب المغرب السمعة الدولية في مكافحة الإرهاب، وأصبح ينظر إليه في العالم باعتبار أنه نموذج للتعامل مع التطرف العنيف وجزء من الحل لدول أخرى لا جزءا من المشكلة، إذ إن المغرب بمؤسساته الأمنية والاستخباراتية واستراتيجيته القانونية والاجتماعية والدينية قدم نفسه كقاعدة فكرية توعوية وأمنية في مكافحة الإرهاب واستئصال منابعه وتمويله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى