شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

حرب النجوم 

عايش جيل الثمانينات والتسعينات العديد من الأحداث العالمية المثيرة، ابتداء من سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي وحروب الخليج، وفوز البرازيل وفرنسا بكأس العالم، وتصدر أغاني مايكل جاكسون لقوائم «البيلبورد»، وتنانير السبايس غرلز التي تحمل علم المملكة المتحدة ومخاوف انهيار نظام الحواسيب العالمي مع دخول الألفية.. وغيرها الكثير من الأحداث التاريخية التي طبعت تلك الحقبة الزمنية.. غير أن ما ترسخ في أذهان جيل الألفية هو أساليب التربية والتعليم التي تأرجحت بين التقاليد والحداثة.

يجوز لنا القول إن جيل الألفية هم بمثابة فئران تجارب في مختبر الحياة، حيث تم تطبيق جميع أنواع النماذج التعليمية خلال مسارنا الدراسي من نظام الامتحانات الجهوية والوطنية إلى نظام ليسانس في ثلاث سنوات بدون معلم، وانتهاء بنظام الإجازات المهنية وغيرها من التغييرات الهيكلية في مجال التعليم.

إضافة إلى ذلك، سعى آباؤنا وأمهاتنا، في محاولات محدودة ومحتشمة، إلى اعتماد أساليب التربية الحديثة لكسر دائرة التعنيف والعيب والعار التي كانت شعار التربية التقليدية. ورغم المحاولات التربوية المتعددة لوقايتنا من الصدمات النفسية، وقعنا ضحية أسوأ أنواع الخوف والترهيب السيكولوجي من خلال مشاهدتنا ونحن أطفال لأحد المسلسلات الأمريكية الشهيرة «الزوارles visiteurs» ، الذي كان يبث عبر القناة الوطنية الأولى. لقد سبب لي هذا المسلسل أزمة نفسية كبيرة وأنا طفلة، بل عشت بسبب لقطاته المرعبة كوابيس وأحلاما مفزعة.

تدور أحداث المسلسل حول كائنات فضائية من نوع الزواحف، تحتل كوكب الأرض وتشرع في التهام البشر. إذ يظهر الفضائيون على هيئة إنسان في بداية الأمر، لكنهم يشرعون بانتزاع جلدهم البشري في مشاهد مرعبة يتحولون فيها إلى زواحف بجلد أخضر لزج. أتذكر كيف كنت أصرخ بكل ما أملك من قوة وأخفي وجهي بيدي الصغيرتين كلما شاهدت تلك اللقطات المروعة. يجوز لنا القول إن جيل الألفية تعرف على قصص وحكايات الغزو الفضائي لكوكب الأرض عبر الإنتاجات الهوليودية الغزيرة لهذا النوع الدرامي. ولعل ثلاثية «حرب النجوم» وفيلم  «ET»يظلان من أشهر الأعمال السينمائية التي تطرقت لتيمة احتمالية الحياة خارج كوكب الأرض.

وفي هذا السياق، يعيش العالم اليوم في حالة حيرة وترقب بسبب أجسام فضائية غريبة قيل إنها تحلق باستمرار فوق سماء الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة ولاية نيوجرسي. استخف رواد مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو ترصد بشكل واضح ما يشبه الدرونات أو طائرات هيليكوبتر صغيرة الحجم تحلق بأريحية فوق عدة ولايات. غير أن «الصهد دخل مع بنادم» حينما خرج البنتاغون الأمريكي، في بلاغ صحفي، يوضح أنه لا يتوفر على معلومات كافية حول مصدر هذه الأجسام الغريبة، ويؤكد أنها ليست لدول معادية لأمريكا. خرج الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب هو الآخر بتصريح مضاد يتهم فيه الحكومة الأمريكية بالتدليس وإخفاء حقيقة الدرونات الغريبة.

فما هو مفهوم UFOs كما يسميه الأمريكان؟ وهل هي ظاهرة حديثة أو لها جذور تاريخية قديمة؟

على مر التاريخ، كانت هناك العديد من الروايات عن أضواء أو أجسام غريبة في السماء. غالبا ما وثقت الحضارات القديمة، مثل الإغريق والرومان والمصريين، ظواهر سماوية غير عادية، على الرغم من تفسيرها غالبا على أنها فأل حسن أو آلهة أو علامات لأحداث خارقة للطبيعة وليس كزوار من خارج كوكب الأرض. في العصور الوسطى، كتب المؤرخون أحيانا عن «الدروع الطائرة» أو الأجسام الغامضة الأخرى، وخاصة خلال فترات الحرب، مما يشير إلى أن الناس كانوا يواجهون ظواهر جوية لا يمكنهم تفسيرها.

يعود أحد أشهر التقارير المبكرة عن الأجسام الشبيهة بالأجسام الطائرة المجهولة إلى القرن السادس عشر. كتب الطبيب والكيميائي السويسري باراسيلسوس عن أضواء غريبة شوهدت في السماء ونسبت إلى «الأرواح». وبحلول القرن التاسع عشر، أصبحت مشاهدة الظواهر الجوية أكثر شيوعا، حيث توسع الفهم البشري للطيران بفضل التطورات العلمية مثل البالونات الهوائية والمنطاد المبكر. ووصفت بعض هذه التقارير، وخاصة خلال أواخر القرن التاسع عشر، مركبات غريبة في السماء، والتي يمكن اعتبارها اليوم مشاهدات مبكرة للأجسام الطائرة المجهولة.

يُعتقد عموما أن عصر الأجسام الطائرة المجهولة الحديث بدأ في عام 1947، مع المشاهدة الشهيرة للطيار كينيث أرنولد في ولاية واشنطن. أفاد أرنولد برؤية تسعة أجسام هلالية الشكل تطير بسرعات لا تصدق بالقرب من جبل رينييه، ووصف حركتها بأنها تشبه صحنا يقفز عبر الماء، مما دفع وسائل الإعلام إلى صياغة مصطلح «الأطباق الطائرة».

من الملاحظ أن أخبار صحون نيوجرسي الطائرة قوبلت بعدم اكتراث شديد من طرف المواطن العالمي والعربي على وجه التحديد. فهل من المنطقي أن يخشى الفلسطيني طبقا طائرا بينما تتفجر أسقف المنازل والمخيمات فوق رأسه منذ سبعين عاما؟ وهل سيخاف السوري من درون مجهول، وهو عائد من المنفى إلى وطن بلا ملامح؟ وهل سيكترث المصري لتصريحات البنتاغون بينما هو غارق رفقة الجنيه في مستنقعات التعويم؟ وهل سيحمل المغربي هم الغزو الفضائي ونحن على مشارف الشهر الكريم حيث تغزو أسواقنا كائنات غريبة تفرض علينا شراء ماطيشة بعشرين درهما؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى