محمد اليوبي
اندلعت «حرب الرمال» بين وزير الطاقة والمعادن، عزيز رباح، وزميله في الحكومة وحزب العدالة والتنمية، وزير التجهيز والنقل، عبد القادر اعمارة، فبينما أصدر هذا الأخير قرارات يمنع بموجبها بشكل نهائي الترخيص لأي نشاط يتعلق بجرف رمال البحر، قرر رباح بصفته رئيسا للجنة الوطنية للبت في دراسات التأثير على البيئة، بالسماح بممارسة هذا النشاط قبالة شواطئ مدينة العرائش في انتظار تعميم ذلك على باقي السواحل.
وأكدت مصادر مطلعة أنه منذ إزاحة رباح من على رأس وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء وتعيين مكانه زميله في الحزب عبد القادر اعمارة، اندلع صراع خفي بين الرجلين الأول يريد استمرار نفوده داخل وزارة أبعد منها تاركا وراءه «ملفات دسمة»، والثاني يريد تدبير الإرث الثقيل الذي تركه سلفه، ويحاول فرض تصوره داخل القطاع يعتبره الجميع من أهم القطاعات الوزارية وأكثرها تأثيرا. ومن بين الملفات التي اختلف حولها الوزيران ملف جرف رمال الشواطئ، الذي تحتكره إحدى الشركات، بعدما مكنها رباح من كل الامتيازات، لكن بمجرد تعيين اعمارة على رأس وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء كان من بين أهم التحديات التي واجهها ضرورة تفعيل مقتضيات القانون الجديد رقم 13-27 الخاص بالمقالع والذي صدر في شهر يوليو 2015، حيث سارع إلى إصدار المرسوم التطبيقي للقانون والتزم في عدة مناسبات بتطبيق مقتضيات هذا القانون وفرض احترامها من طرف كافة مستغلي المقالع على اختلاف أنواعها.
وشرع اعمارة في تنفيذ مقتضيات القانون الجديد وكان من بين القرارات التي اتخذها بداية سنة 2018 قرارا رفض بموجبه طلب تمديد أو تجديد رخص استغلال رمال البحر، وبرر ذلك بكون مقتضيات القانون الجديد تمنع تجديد أو تمديد هذه الرخص، ما دفع المستفيدين من جرف الرمال إلى الاستنجاد بمصالح وزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة للبحث عن مخرج قانوني، وكانت «الفتوى» هي تقديم طلبات تتعلق بدراسات التأثير على البيئة تهم ملفات فتح واستغلال مقالع بمواقع بحرية شاسعة تمتد من طنجة شمالا إلى الرباط جنوبا، وقد حصل مسؤولو الشركة المكلفة بجرف الرمال على وعود بتمكينهم من شهادات الموافقة البيئية للمواقع البحرية المطلوبة لاستعمالها كورقة ضغط على الوزير اعمارة، لأن هذا الأخير هو الوصي على قطاعات الجرف واستغلال المقالع والملك العام المائي والبحري.
وأفادت المصادر بأنه عندما عرضت هذه الدراسات للبحث العمومي بمقرات الجماعات المحلية بكل من العرائش والقنيطرة لقيت معارضة شديدة من جمعيات المجتمع المدني ومن الساكنة ومن مهنيي الصيد البحري، وكانت الاعتراضات كافية حسب القانون لرفض هذه الدراسات، إلا أن رباح كان له رأي آخر، فقد استفاد من فترة الحجر الصحي وانشغال القطاعات الوزارية بتدبير تداعيات جائحة «كورونا» وسارع بالدعوة لعقد اجتماعات اللجنة الوطنية المكلفة بالبت في دراسات التأثير على البيئة على اعتبار أنه يرأس هذه اللجنة، ما يجعل المصالح التابعة لوزارته لها تأثير على قراراتها رغم رفض باقي القطاعات ومنها المعهد الوطني للصيد البحري التابع لوزارة الفلاحة والصيد البحري.
وعقدت اللجنة اجتماعا في نهاية شهر يوليوز الماضي عرف اعتراض جل القطاعات على منح شهادة التأثير على البيئة من أجل الحصول على رخص جرف رمال البحر، باستثناء قطاع البيئة التابع لوزارة الطاقة والمعادن، وحسب المعطيات التي تتوفر عليها «الأخبار» فإن اللجنة وافقت على دراسة التأثير على البيئة بالنسبة لشاطئ لعرائش، وهي بصدد تهييء الظروف لتمرير ملف استغلال رمال البحر بشواطئ القنيطرة على مساحة بحرية تفوق 1600 هكتار، ما أثار استغراب العديد من الجمعيات المهتمة بالقطاع البيئي، باعتبار رباح سيكون أول وزير مكلف بالقطاع البيئي في العالم يوافق على قرار سيؤدي إلى تدمير المجال البيئي البحري، وقررت جمعيات المجتمع المدني ومهنيي الصيد اللجوء إلى القضاء للطعن في قرار اللجنة، بعد تحقير اعتراضاتها التي دونت في سجلات الملاحظات المرفقة لملف البحث العمومي، وكذلك اعتراض عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، باعتباره وصيا على قطاع الصيد البحري، الأكثر تضررا من نشاط جرف رمال البحر.