حرب الرمال الثانية
عرى تقرير صادر نهاية الأسبوع عن «برنامج البيئة للأمم المتحدة»، يحمل عنوان «الرمال والاستدامة.. إيجاد حلول جديدة للإدارة البيئية للموارد الرملية العالمية»، عن الشعارات البراقة التي رفعتها حكومتا العدالة والتنمية في محاربة ريع المقالع ومافيات استغلال خيرات باطن الأرض. التقرير الأممي صنف المغرب من الدول التي تعاني من استخراج الرمال من شواطئ المملكة بطرق غير قانونية، مؤكدا أن مافيا الرمال تستخرج سنويا أكثر من 10 ملايين متر مكعب بدون تراخيص قانونية، وأن هذا الاتجار غير المهيكل والمنضبط يؤدي إلى التآكل الساحلي ويهدد المياه والبحر، فتكون له آثار بيئية خطيرة.
مثل هذا التقرير الأسود يكشف عورة الحكومة ووزراء الحزب الحاكم الذين تناوبوا على مهمة الإشراف على وزارة التجهيز والنقل، القطاع الوصي على حسن استغلال المقالع وعدم استنزافها بطرق غير قانونية. فلطالما بنى «البيجيدي» شرعيته السياسية على محاربة ريع المناجم والمقالع، وذهب به الحماس إلى حد نشر لوائح المستفيدين من كريمات المقالع والتباهي بوضع قانون صارم للمقالع لضبط استغلال الثروات الطبيعية وفرض عقوبات إدارية وجنائية على مستغلي الرمال الذين لا يحترمون مقتضيات القانون. لكن، بعد مرور خمس سنوات على صدور قانون المقالع، تفاجئنا الأمم المتحدة بتقرير سيئ يصنف المغرب ضمن الدول التي توجد رمالها الشاطئية تحت رحمة مافيا الاتجار غير القانوني، دون أن تحرك وزارة التجهيز وأعوانها المحلفون أي ساكن تجاه عملية استنزاف رمال الشواطئ.
ومما لا ريب فيه أن تقرير المنظمة الأممية سيعمق الاقتناع بكون كل خطاب حكومتي الإسلاميين حول محاربة استغلال المقالع، لم يكن سوى دعاية حققت مكاسب انتخابية لكن دون أن يكون لها أي أثر يذكر على محاربة ريع المقالع.
بدون شك، ستدفن حكومة العثماني رأسها في الرمال المهربة، وستتهم التقرير الأممي بعدم الدقة والمبالغة والتحيز، رغم أنها مقتنعة بأن تهريب رمال الشواطئ والصحراء وصل لدرجات غير مسبوقة، وأن تصريحات استخراج الرمال تفوق بكثير الكمية المرخص لها. وللأسف، الحكومة على علم بأن الملايين من الأمتار المربعة تستخرج من شواطئ البخار بسرية دون أن يؤدى عنها أي درهم لخزينة الدولة. والمصيبة أن الضرر لم يعد مقتصرا على الفاتورة المالية بل يمتد إلى حجم المخاطر البيئية التي يتسبب فيها سماسرة الرمال دون حسيب أو رقيب.