تطوان: حسن الخضراوي
أفادت مصادر بأن الحرائق الضخمة بمنطقة مولاي عبد السلام بنمشيش بإقليم العرائش، تسببت لليوم الرابع على التوالي في تدمير مساحات شاسعة من المنتزه الغابوي بوهاشم بمنطقة الشمال، حيث تتواصل مواجهتها من قبل فرق الإنقاذ والإطفاء، التي تنجح نسبيا بدعم من طائرات “كنادير” التابعة للقوات الجوية، في محاصرة بعض بؤر الحرائق خلال النهار، لكن بمجرد ما يحل الظلام تعود النيران لسرعة الانتشار بمناطق وعرة يصعب الوصول إليها، فضلا عن إكراهات التدخلات الليلية بصفة عامة.
واستنادا إلى المصادر نفسها، فإن الفرق المكلفة بالإطفاء تواصل العمل على تنزيل تدابير لوقف انتقال النيران المشتعلة بالعرائش إلى أقاليم مجاورة، وسط استنفار كافة الجهات المعنية برا وجوا، وتسخير الآليات والمعدات اللازمة، لإطفاء الحرائق التي انتقلت من غابات مولاي عبد السلام بنمشيش إلى النفوذ الترابي لجماعة بني ليت، قيادة بني حسان، إقليم تطوان.
وحسب المصادر ذاتها، فإن لجان الإنقاذ أصبحت تتعامل بصرامة مع ضرورة احترام شروط السلامة، وتوجيه السكان لاحترام التعليمات الضرورية لسلامتهم والحفاظ على أرواحهم بالدرجة الأولى، سيما وأن التقديرات الميدانية لسرعة انتقال النيران، وكذا خطر الاختناق بالدخان، تدخل في اختصاصات اللجان المدربة وفق تقنيات متعددة للإشراف على الإطفاء والإنقاذ، بحيث يمكن للسكان عدم تقدير حجم الخطر.
وتسببت الحرائق الغابوية بمنتزه بوهاشم بالعرائش، طيلة أربعة أيام من اشتعالها، في تدمير منازل وحقول زراعية وحيوانات ومواشي وخلايا النحل، ما عمق من معاناة الأسر التي تعيش على مداخيل أنشطة فلاحية بسيطة، ويتطلب تسريع إجراءات الدعم الحكومي بمختلف الأشكال، والسهر على توفير الحاجات الأساسية لاستمرار الاستقرار بالعالم القروي، وتفادي الهجرة القروية نحو المدن القريبة.
وذكر مصدر أنه حفاظا على سلامة سكان الدواوير المجاورة لأماكن الحرائق بإقليم تطوان، جرى نقل 46 أسرة انطلاقا من 3 دواوير بعيدا عن أماكن الخطر، كما أن الحصيلة المؤقتة للخسائر الناجمة عن هذا الحريق المذكور، بلغت احتراق حوالي 160 هكتارا من الغطاء الغابوي المكون من أشجار البلوط، والبلوط الفليني، والصنوبر، وبعض الأصناف النباتية الثانوية، دون تسجيل أي خسائر بشرية.
وكانت جهود فرق مكافحة النيران قد مكنت، قبل أيام قليلة، من السيطرة على الحرائق التي سجلت على مستوى غابة بني إيدر، جماعة الخروب، قيادة جبل لحبيب بإقليم تطوان، حيث أتت النيران على مساحة غابوية تناهز 500 هكتار، يشكل الغطاء الغابوي منها حوالي النصف.
وفي نفس موضوع حرائق الغابات المنتشرة على المستوى الوطني، تمكنت لجان الإنقاذ والإطفاء المشاركة في عمليات إخماد حريق غابة “خندق تسيانة” بجماعة كلاز، دائرة غفساي بتاونات، مساء أول أمس الأربعاء، من تحويط بؤر النيران، في انتظار السيطرة على البؤر المشتعلة بشكل كامل.
وتستمر التدخلات الخاصة بالإخماد، والتعامل مع الرياح وارتفاع درجة الحرارة وقابلية الغطاء الغابوي للاشتعال، حتى صباح أمس الخميس، حيث أتى الحريق المذكور على حوالي 50 هكتارا من الغطاء الغابوي، وتسبب في مصرع شخص، أثناء مساهمته في عمليات الإطفاء رفقة متطوعين من سكان المنطقة.
وعادت، صباح أمس الخميس، طائرات “كنادير” لتنفيذ طلعات جوية مكثفة، من أجل إخماد النيران الضخمة التي التهمت مساحات شاسعة من منتزه بوهاشم بالعرائش، فضلا عن مواصلة تعزيز التدخلات الميدانية، ومحاولة التعامل مع البؤر الكبيرة للحرائق لمحاصرة ألسنة اللهب، وحماية ما يمكن حمايته من الثروة الغابوية والحيوانية، وتأمين السكان وضمان سلامتهم بالدرجة الأولى.
وتواصل السلطات المختصة بالشمال تفعيل خلية الأزمة المحدثة لمواجهة حرائق الغابات، وذلك للتخفيف من معاناة السكان الذين يقطنون بالدواوير المتضررة، بعدما أتت النيران على مساكنهم بشكل كامل، ولم يتمكنوا من حمل إلا القليل من المتاع الضروري، بفعل سرعة انتشار النيران، فضلا عن فقدان رأس مالهم المتعلق بأنشطة فلاحية معاشية وتربية المواشي، ناهيك عن تدمير الغطاء الغابوي والنباتي، وصعوبة العيش بالمناطق التي كانت تشكل رئة تتنفس منها المنطقة، وتستقبل السياح والزوار للاستجمام والسياحة الجبلية.
وسجل انقطاع المياه الخاصة بالشرب، وانقطاع التيار الكهربائي، بكافة المناطق التي شهدت حرائق بغابات الشمال، وذلك بسبب احتراق الأعمدة وذوبان الأسلاك بشكل خطير، فضلا عن ذوبان قنوات المياه بمختلف الأحجام، حيث توجد لجان التدخل للصيانة والإصلاح في حالة تأهب، للشروع في تنفيذ الإصلاحات الضرورية، بمجرد تمكن لجان الإطفاء من إخماد النيران والتعامل مع بؤر الجمر، تفاديا لعودة الاشتعال من جديد.
