بلغت الأموال المحجوزة من طرف السلطات المغربية، في إطار مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، 11 مليار درهم تقريبا سنة 2022 وحدها، عقب تصنيفها في اللائحة الرمادية من طرف مجموعة العمل المالي، حسب الأرقام التي أعلن عنها الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، خلال كلمته بمناسبة تقديم الدليل العملي حول تقنيات البحث والتحقيق في هذا النوع من الجرائم، بالرباط، موردا أن رئاسة النيابة العامة بادرت إلى إبرام مجموعة من اتفاقيات التعاون والشراكة، سيما مع الهيئة المغربية لسوق الرساميل والمجلس الأعلى للحسابات وبنك المغرب والهيئة الوطنية للمعلومات المالية، حيث ساهم التعاون مع الهيئة في الشق الخاص بطلب المعلومات بمناسبة الأبحاث المتعلقة بالجرائم الأصلية وجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في تمكين النيابات العامة من الاستفادة من خدمة GOmail التي تتوفر عليها الهيئة والتي تسمح بالتبادل الفوري والآمن للمعلومات المالية.
وأضاف المسؤول القضائي أنه لهذه الغاية قامت رئاسة النيابة العامة بتعيين قضاة على صعيد جميع المحاكم بالمملكة، وذلك بهدف تبادل المعلومات والوثائق اللازمة خلال وقت وجيز، وبشكل آمن، مما سيمكن من استثمار هذه المعطيات والمعلومات والاعتماد عليها في الأبحاث القضائية المفتوحة في مواجهة المشتبه فيهم بارتكاب جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، موضحا أن التعاون مع بنك المغرب مكن من إحداث آلية لدعم الأبحاث المالية الموازية والحصول على المعلومات المالية في وقت وجيز، وهو ما انعكس على مؤشرات أداء النيابات العامة والشرطة القضائية التي كانت موضوع الدوريتين الصادرتين عن رئاسة النيابة العامة بتاريخ 19 نونبر 2019 وتاريخ 30 أبريل 2021، حيث ارتفع عدد القضايا من 55 قضية سنة 2018 سنة خضوع المغرب للتقييم من طرف مجموعة العمل المالي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط إلى 850 قضية سنة 2022.
وكشف رئيس النيابة العامة أن عدد الأبحاث المالية الموازية وما تمخض عنها من زيادة في قيمة الأموال المحجوزة التي بلغت 10,97 مليارات درهم سنة 2022، والأموال المصادرة التي بلغت خلال نفس السنة 18,45 مليون درهم، وذلك فضلا عن صدور عدد مهم من أحكام الإدانة في جرائم غسل الأموال، إذ بعد أن كان مجموع الأحكام الصادرة خلال الفترة ما بين 2008 و2018 تاريخ خضوع المغرب لعملية التقييم لا يتجاوز 10 أحكام، فإن أحكام الإدانة بلغت سنة 2022 ما مجموعه 138 حكما، معتبرا أن المحافظة على هذه المؤشرات الإيجابية وضمان استمرارية فعالية المنظومة القانونية الوطنية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، يتطلب من الجميع وضع خطط عمل مستقبلية قائمة على مؤشرات للقياس واعتماد آليات وأساليب غير تقليدية للرفع من الأداء اليومي وضمان الاستمرارية في المستقبل.
وأورد الداكي أن الدليل العملي حول تقنيات البحث والتحقيق في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، يأتي في إطار هذه الرؤية القائمة على تثمين النجاحات وضمان استمرارية المؤشرات الإيجابية في المستقبل، باعتباره وثيقة تضم مجموعة من الممارسات الجيدة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ورسم مسار للبحث والتحقيق يستحضر المعايير الدولية وعلى رأسها معايير مجموعة العمل المالي، مبرزا أن هذا الدليل سيكون مرجعا استرشاديا يؤطر عمل النيابات العامة والشرطة القضائية ووثيقة تتضمن المبادئ الأولية والأساسية لكل مبتدئ في هذا المجال من قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية. خاصة وأن إنجاز هذا الدليل تم في إطار مقاربة تشاركية حيث ساهمت فيه جميع الجهات المعنية لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب من رئاسة النيابة العامة وقطبي المديرية العامة للأمن الوطني وإدارة مراقبة التراب الوطني، والدرك الملكي.
النعمان اليعلاوي