شوف تشوف

الرأي

حتى لا ننسى..

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

بعض الناس في الشرق لديهم ذاكرة الذبابة. وبسرعة نسوا ما قدم المغرب، ولا زال، للقضية الفلسطينية، في كل محطاتها السياسية منذ أكثر من نصف قرن إلى اليوم.
إبراهيم غالي، الرجل المريض الذي انقطعت أخباره في إسبانيا، يحاول البعض تقديمه زعيما لدولة تريد الاستقلال عن المغرب. وهكذا رفعت أعلام فلسطين مع علم تنظيم «البوليساريو» في أكثر من مظاهرة لنصرة القضية الفلسطينية، خصوصا في بعض العواصم الأوربية، وهي إهانة صارخة لفلسطين. إذ إن قضية إنسانية يؤمن بها الملايين حول العالم، لا ينبغي أن تقترن بعلم تنظيم مُدان بالإرهاب والتعذيب، ويقدمان على أنهما بلدان يسعيان إلى التحرر.
منذ مارس 2020 أصبح إظهار أعلام البوليساريو أمرا غير قانوني في إسبانيا. ورغم ذلك فإن أعلام البوليساريو ألصقت بالعلم الفلسطيني خلال مظاهرة الأحد الماضي.
هؤلاء الذين يروجون لهذا الطرح، نسوا أن المغاربة لديهم باب في فلسطين اسمه باب «المغاربة»، وأن بعض الحجاج المغاربة منذ 1880 وما قبلها قرروا الاستقرار في القدس. وعندما كانت فلسطين تحت الاحتلال البريطاني، كان فريق من الحجاج المغاربة القادمين من مختلف أنحاء المغرب، قد قرروا البقاء في القدس والقتال إلى جانب الفلسطينيين ضد الجيش البريطاني، وقد أشار إليهم المختار السوسي في مؤلفه حول مائدة الغذاء، وذكر أن هؤلاء المغاربة بعضهم ينحدر من عائلات ثرية وعريقة في المغرب، وقرروا البقاء في بيت المقدس، حتى قبل الاحتلال البريطاني للقتال إلى جانب السوريين والفلسطينيين هناك. ومنهم من عادوا إلى المغرب بعد الجهاد، مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وعاشوا حياة الأبطال وعادوا تاركين وراءهم منازل اشتروها بأموال الحج في فلسطين وتنازلوا عنها لصالح العائلات المقدسية.
في الشرق، دائما ما يتعرض المغاربة لهجوم سببه الجهل بالتاريخ والحضارة، بسبب موضوع اليهود المغاربة، علما أن هذا الملف كان دائما نقطة قوة لصالح المغرب، وليس العكس.
ففي الوقت الذي تنكر فيه العالم لياسر عرفات في عهد أنور السادات خلال سبعينيات القرن الماضي، لم يجد أمامه سوى الملك الحسن الثاني الذي فتح له الأجواء ودعا وقتها إلى قمة عربية عاجلة لبحث دعم عاجل واستثنائي لفلسطين بسبب الحصار.
ثم حاول العقيد القذافي استقطاب ياسر عرفات بعد ذلك لكي يبعده عن الملك الحسن الثاني، ووعده بمبالغ كبيرة لصالح الفلسطينيين شريطة ألا يعود إلى مشاورة الملك الحسن الثاني بخصوص القضية الفلسطينية، وهذا الأمر تشهد عليه وثيقة من أرشيف الخارجية الأمريكية الذي رفعت عنه السرية. الوثيقة تعود إلى شتنبر 1979، وتقول إن سفير الولايات المتحدة في الجزائر، أكد أن القذافي وعد ياسر عرفات بملايين الدولارات مقابل أن يقطع اتصاله مع الملك الحسن الثاني وألا يتشاور معه بخصوص عقد قمة عربية عاجلة في الرباط. وفي الأخير تنكّر القذافي لوعده ورفض منح ياسر عرفات الأموال المتفق عليها وقال له إنه يمكن أن يمنحه مساعدات على شكل بطانيات وأغذية معلبة. في وقت كانت فيه المقاومة الفلسطينية في حاجة إلى التمويل. وهكذا ركب ياسر عرفات الطائرة خائبا، وبدل أن يعود إلى بيته، طار في اتجاه الرباط لكي يخبر الملك الحسن الثاني بما فعله معه القذافي.
والقذافي نفسه عندما أسس الجماهيرية، قام بطرد أعداد من يهود ليبيا الذين لجؤوا إلى إيطاليا ولم يتمكنوا من استخراج جوازات سفر إيطالية إلا بعد سنوات من الجرجرة في «لاهاي» والأمم المتحدة، بعد أن رفض عدد منهم التوجه صوب إسرائيل. وهكذا كان القذافي قد طرد يهود بلاده، ولو أنهم توجهوا إلى إسرائيل لكانت أول عملية مساهمة عربية في تأزيم القضية الفلسطينية..، إذ إن الأمر كان يتعلق بآلاف اليهود الذين شُردوا بسبب سياسات القذافي.
على الذين يقرنون العلم الفلسطيني هذه الأيام بعلم البوليساريو، أن يخجلوا من أنفسهم، أما أن يدرسوا التاريخ، فقد تجاوزوا سن التعلم، بما أنهم أصبحوا ينامون فوق أسرّة المستشفيات وبهوية مزورة حتى لا يتوقف قلبهم عن الخفقان. اللهم لا شماتة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى