حالة حرب ضد الحرائق
مع الحرائق المستعرة بالجزائر وخسائرها الكارثية ماديا وبشريا، لابد أن تزداد المخاوف بالمغرب من سيناريو حدوثها بغاباتنا. وبالرغم من أن المعرفة المسبقة باندلاع الحرائق غير ممكنة، إلا أن بالإمكان الاستفادة من سبل الوقاية وأدوات المساعدة، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لعدم حدوثها أو على الأقل للتخفيف من خسائرها في حال وقوعها.
والسؤال المطروح هل اتخذت السلطات المكلفة بحماية الغابات كل الاحتياطات لتجنب اندلاع الحرائق؟ وهل تتوفر السلطات الغابوية على اليقظة الكاملة والإمكانيات اللوجيستيكية والبشرية والقانونية التي تسمح لها بالوقوف في حينه على أي سلوك غير قانوني من شأنه التسبب في اندلاع الحرائق؟
لا ننسى أنه، خلال السنة الماضية، تم تسجيل ما يقارب 500 حريق أتى على 22 ألفا و762 هكتارا من المساحة الغابوية. صحيح أن هذا الحجم من الحرائق متوسط بالنظر لما يقع في دول الجوار، لكنه جرس إنذار للوكالة الوطنية للمياه والغابات ورئيسها عبد الرحيم هومي، المسؤول الأول عن حماية غاباتنا ومجالنا الأخضر.
والحقيقة، التي لا يمكن لأحد أن ينكرها، هي ضعف عمليات المراقبة للغابات والأحزمة الخضراء والمناطق المحمية، ويكفي ضرب المثال على ذلك بغابة بنسليمان والمنطقة المحمية بتامسنا والحزام الأخضر بالرباط، دون الحديث عن الكثير من التقصير في حماية الغابات بجهتي طنجة تطوان الحسيمة وفاس مكناس، وواحات التمر بالجنوب التي تعرضت فيها واحة طاطا، أخيرا، لحريق مهول. بل إن ضعف المراقبة والحماية حول بعض الغابات إلى مطرح للنفايات العقارية ومأوى للتجمعات الإجرامية وممارسة الرذيلة ومطبخ للعائلات بدون أي إجراء للسلامة والوقاية.
إن حماية غاباتنا من الحرائق لا يمكن أن تكون بالوصلات التحسيسية على ندرتها، بل باليقظة الاستثنائية والتطبيق الصارم للقانون تجاه كل من سولت له نفسه تحويل المجال الأخضر إلى رماد. والأهم من هذا أن يدرك المواطن والسلطات الغابوية ورجال إنفاذ القانون أن مواجهة الحرائق قبل اندلاعها يجب أن تضعنا في حالة حرب يومية ويقظة مستمرة حيث تواجه البلاد عدو الحرائق على عدة جبهات.