شوف تشوف

الرأي

حافية حرة

زينب بنموسى

أريدك بطريقة تجعلني أشتهي خنقك ذات عناق، أو كتم أنفاسك في قبلة واحدة، بعنف لا مثيل له، عنف ضروري لن تكتمل الصورة دونه، عنف يشبه التمزق والتشظي، يشبه صراخ امرأة اخترق سكون الليل ثم في لحظة صمت إلى الأبد.
أريدك كي أحارب جيوش الشر الساخطة عليك في صدري، كي يتوقف الكهنة والملائكة والشياطين والمارقون وعشائر الغجر والمغول عن العبث برأسي، كي أصلبك في مهجتي، ثم أعيدك إلى رحمي طفلا نقيا لم تلمسه يد الخطيئة.
أريدك كي أطعم قبائل الوجع التي أنجبتها أشباح الفقد بداخلي، كي أطلي الجدران التي احترقت، أصلح الستائر التي اهترأت، أرمم مدن الخراب التي خلفتها وراءك ثم أشعل فيها النار بنفسي من جديد.
أريدك كي توقف القسوة التي استقرت في عيني، كي تخبرهم أني أمك، كي تتفقد الجنة المنسية تحت قدمي وترغم الشيطان على التنحي وتفسح المجال للملائكة لتنتحب معي.
أريدك فقط كي أتأمل بتمعن مقدار خيبتي، أتذوق رماد الفرح في فمي، أخور بالبكاء حد الاغتسال منك، ثم أنزع عني هذا القلب وأمشي «حافية، حرة»!
بودي لو أني أغلق كل الأبواب خلفي، أنزع عني ملابس النفاق التي أثقلت كتفي، أقد قميصك من قُبل ثم أصرخ فيك لا هيت لك…
لست يوسف كي تقطع نساء المدينة أيديهن من أجلك، لست نبيا من عند الله كي تسجد لك الكواكب والشمس والقمر، لست الرجل الذي قد تبكيه عذارى البلد إن مات، لست أنت من يستحم في أحداقي كل مساء وتعانقه عبراتي كل شوق.
أن أثور ولو مرة، أجمع بقايا كرامتي المسحوقة تحت حذائك، وأصرخ في وجهك المتبلد من أي مادة قاسية قد خلق وكيف لقلبك الآثم أن ينام آمنا مطمئنا في الوقت الذي يمزق فيه الشوق وريدي.
أن أخبرك أن لا شيء فيك يغري بالحب، لا جمال يأخذ نظري، لا جاه يسلب رشدي ولا مال يدفع حتى ثمن طلاء أظافري التي آكلها كل ذات حين وأنا أنتظرك.
أن أذكرك أني قد تمسكت بحبال ودك حتى أدمت يداي، وأني كنت أفضل لو افترش قلبك المتعب كفي، وتوسدت خيباتك الكبيرة صدري، وتمسحت روحك الضعيفة بأعتاب حنوي.
وكنت أريدك طفلا يحتاجني أمسح بيدي مواضع أوجاعه، ووطنا تستنجد بي حدوده، وتحتاجني أرضه.
ولا أصلح أبدا أن أبقى منثورة حولك كالخواء لا تتعثر بي إلا نادرا.
أن نظراتك الخاطفة لم تعد تكفيني، والخاتم الذي تزهو به في يديك أصبح يشنقني، ومشية الغزال المغرور التي كنت أحبها، بدأت تسحق صبري.
لكني أجدني كلما فتحت ثغري أكلمك أصيح فيك رغما عني تعال قبلني….. اغرس فوق شفتي ما تبقى من عرائش عنب في حديقتك دع أنفاسك تضاجع رئتي فلا بأس أبدا لو تشقق لأجلك قلبي من جديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى