شوف تشوف

الرأي

حافلات كازا ومركبة الناسا

زينب بنموسى

قبل أربعة أيام هبطت بنجاح على سطح المريخ مركبة فضائية تابعة لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” نيابة عن البشرية من أجل استكشاف الكوكب والبحث عن آثار الحياة القديمة عليه بعد رحلة دامت قرابة سبعة شهور.
قبلها بثلاثة أيام وصل إلى الدار البيضاء أيضا أسطول من حافلات ألزا مستغرقا هو الآخر ستة شهور منذ أن أعلن عن قدومه، ليستكشف حياة لا تشبه غيرها.
“دقائق الرعب السبعة” التي عاشتها مركبة “برسيفيرانس روفر” كما سمتها وكالة ناسا قبل أن تحط بأمان، قابلتها أيضا دقائق أو ربما ساعات من الرعب قد لا تنتهي عاشتها “طوبيسات” الدار البيضاء وستعيشها في القادم من الأيام، فإذا كانت “برسيفيرانس” تحتاج سبع دقائق لتهبط من أعلى الغلاف الجوي للمريخ إلى سطح الكوكب وتحسم نجاح العملية، فإن حافلات كازا بالمقابل لا تدري كم من الوقت ستحتاج لتواصل العمل دون أن يهشم “مواطن” زجاج نوافذها أو يقتلع كرسيا من كراسيها.
نحن المغاربة شعب جاحد لا نقدر ما نملك ونقلل من شأن ما نصنع. فما الفرق بين حافلات كازا والمركبة الفضائية لناسا؟ ألم ينتظر سكان العاصمة الاقتصادية سنوات من أجل الحصول على صفقة الحافلات كما انتظر علماء الناسا سنوات من أجل إرسال المركبة إلى المريخ؟ ألم تواجه المركبة صعوبات في الصعود إلى المريخ كما واجه مجلس المدينة صعوبات من أجل جلب حافلات مناسبة للقطب الاقتصادي للمغرب؟
الحقيقة هي أنه لا فرق بيننا وبين الناسا، إلا فرق الحاجة، فرق ما يحتاجونه هم وما نحتاجه نحن، فهم قوم يملكون الحافلات والسيارات والترامواي والقطار والمستوى المعيشي الجيد، والرقي الفكري، ونحن نحتاج حافلات تربط المدار الحضري ببعضه، وحصصا لإعادة تأهيل الشعب من أجل الحفاظ على هذه الحافلات ومقاومة نزعته التدميرية كي لا يخربها، وطريقة لإقناع “أصحاب الطاكسيات” بعدم التعرض للحافلات وتركها تشتغل في سلام.
ولو أردنا فبإمكاننا أن نذهب نحن أيضا إلى المريخ، فلدينا كل ما تحتاجه الرحلة، يكفي أن نعطي مجلس المدينة فرصة من أجل عقد صفقة مع إحدى المركبات، واختيار نخبة من “العلماء” الذين لا يخشون المخاطرة، ولن يخيفهم تحطيم زجاج المركبة إذا حدث بها عطل ما، لكننا لا نريد ذلك، ونفضل أن نترك الفرصة لغيرنا، فلا يمكن أن نستأثر لأنفسنا بالحافلات الجديدة والرحلات الاستكشافية للفضاء في الوقت نفسه.
ورغم أن البعض قد يسخر منا ظنا منه أننا نجد صعوبة في الحصول على صفقة “طوبيسات” محترمة لأكبر مدينة في المغرب في وقت قصير، أو أننا نعجز عن الحفاظ على هذه الحافلات سليمة لمدة شهر على الأقل بعد الحصول عليها في حين أن غيرنا وصل إلى القمر والمريخ، لكن هذا لا يهمنا، لأننا نفعل كل شيء عن قصد ونتبع هذه السياسة باش نبعدو علينا العين، ونفاجئ العالم مستقبلا بإنجازاتنا، حتى لو اقتصرت هذه الإنجازات على تصليح زجاج الحافلات المهشم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى