شوف تشوف

الرأيالرئيسية

جولة أمريكية بشأن سوريا

تمتلك الولايات المتحدة حوالي ألف جندي، ومتعاقدين مدنيين كثيرين بالشمال الشرقي السوري، حيث ما زالت تعتقد أن لديها ما تفعله في المنطقة التي تنشط فيها منذ ثماني سنوات. وكانت قد امتلكت في الماضي قوة عسكرية أكبر، وحجم تسليح ودعما جويا ولوجيستيا أضخم، كان مخصصا لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية. وقد شهدت المنطقة معارك طاحنة معه، إلى أن أُعلن عن سقوطه في العام 2019. خففت الولايات المتحدة من قواتها تدريجيا، وصولا إلى ما تمتلكه حاليا، وكان رئيسها السابق دونالد ترامب قد أعلن رغبة في الانسحاب بشكل كامل من تلك المنطقة، ولكنه غير رأيه فاستبقى على ألف جندي، وقد حظيت المنطقة بعناية مع وصول جو بايدن إلى الحكم، حتى قيام الحرب في أوكرانيا، فتحول الجهد قليلا، ولكن الولايات المتحدة ما زالت مصرة على الوجود. ولتأكيد التزامها، زار المنطقة، قبل أسبوع، رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، وعبر عن رأي إدارته بأن وجود هذه القوات ضروري لضمان عدم ظهور تنظيم الدولة الإسلامية مرة أخرى. وقد تؤكد زيارة عسكرية رفيعة من هذا النوع عزم إدارة بايدن على عدم ترك هذا القطاع، وعدم إعطاء الفرصة لتنظيم الدولة الإسلامية أو غيره ليحل محلها، فخروج القوات الأمريكية قد يجعل تركيا تجد فيها ثغرة تنفذ منها، لتنفيذ ما تخطط له من زمن طويل، بالانتشار على طول الشريط الحدودي السوري. وقد تكون مناسبةً أيضا للنظام، مدعوما بالقوات الروسية أو الإيرانية، لاحتلال المنطقة مرة أخرى، ما يحتمل زيادة المساحة التي توجد فيها إيران.

انحسر تنظيم الدولة الإسلامية بشكل كبير، ولم يبق منه سوى تجمعات بوسط الصحراء، تضم مئات من مقاتلين يشكلون جماعات شبه معزولة، تمارس بعض الهجمات غير المؤثرة. والتجمع الأكبر في السجون، حيث يقبع أكثر من عشرة آلاف عنصر من التنظيم تحت حراسة مشددة، وقد أظهر تقرير عمليات قيادة القوات الأمريكية بالمنطقة الوسطى، خلال الشهر الماضي فقط، أنها قامت في سوريا بـ15 عملية، بالاشتراك مع القوات المحلية، وقامت بعمليتين بقوات أمريكية صرفة، قُتلت خلالها خمسة عناصر من التنظيم وتم أسر 11. وتعكس هذه العمليات شبه سيطرة أمريكية على كامل القطاع، بما لا يدع مجالا لتنظيم الدولة للعودة بالشكل الذي ظهر به في العام 2014.

ما يبدو حافزا للإبقاء على الوجود الأمريكي هو ليس تركيا بقدر ما هو إيران، وقد أعلن عن سقوط طائرات مسيّرة صادرة من الجانب السوري، ويُعتقد أن الميليشيات التي تطيع إيران وراءها. كما أُعلن عن سقوط ثلاث مسيرات أخرى بالتنف، وهي بقعة جغرافية على الحدود السورية العراقية الأردنية، تسيطر عليها القوات الأمريكية بمشاركة فعالة من القوات المحلية.

تدرك الولايات المتحدة سيناريو ما بعد خروجها، وتحاول منعه بقوة، من خلال الاستمرار هناك. ويبدو أنها تصب اهتمامها حاليا على عدم إعطاء فرصة لإيران، بالاقتراب من منطقة شرقي الفرات، وإبعادها قدر المستطاع عن الحدود العراقية. وقد تزامنت زيارة رئيس الأركان الأمريكي سوريا مع زيارة وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، العراق، وهي جهود تصب، في الغالب، في مواجهة إيران التي تلهث حاملة ملفها النووي، لكن الولايات المتحدة قد استبعدت إلى درجة كبيرة عودة المفاوضات، وترغب في ترسيخ مكانتها في كل من العراق وسوريا، أو توسيعها إلى أكبر رقعة ممكنة.

فاطمة ياسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى