محتجون طالبوا بإلغائه لتناقضه مع مقتضيات الدستور
النعمان اليعلاوي
عرفت محاكم المغرب، صبيحة أمس (الاثنين)، احتجاجات للمحامين بسبب فرض الجواز الصحي لولوج المحاكم على جميع مرتفقيها من عموم المواطنين ومحامين وقضاة وموظفين. وطالب المحامون المحتجون بإلغاء فرض الجواز الصحي لولوج المرافق العمومية والقضائية، معتبرين أنه «يتناقض مع مقتضيات الدستور المغربي، التي تضمن لجميع المواطنين الحق في ولوج المرافق العمومية، ويتعارض من جهة ثانية مع روح ما جاءت به نصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أبرزها المادة 7 التي تحرم إخضاع أي إنسان للمعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة، والمادة 9 التي تمنع حرمان أي أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبق الإجراء المقرر فيه، وكذا المادة 12 التي لا تجيز تعريض أي شخص على نحو تعسفي وغير قانوني لتدخل في خصوصياته».
ورفع المحامون المحتجون شعارات تطالب بالتراجع عن فرض الجواز الصحي، معتبرين أنه يتناقض أيضا مع «مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 3 من مرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية والتي تنص على أنه ينبغي أن «لا تحول التدابير المتخذة دون ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية وتأمين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين».
وانتقد المحامون ما اعتبروه «عدم تناسب القرار مع الوضعية الصحية الوبائية، حيث إن الحصيلة الوبائية في تحسن مستمر، وبالتالي من الخطأ تهويل الأوضاع بإلزامية الفرض». وقال عضو من هيئة المحامين بالرباط إن «الخطوة التي يخوضها المحامون أمام المحاكم احتجاجا على فرض الجواز الصحي، هي قرار لجميع هيئات المحامين، والذين يرون في فرض إلزامية الجواز تضييقا على عملهم في المحاكم ومساسا بحقوق المتقاضين»، موضحا، في اتصال هاتفي مع «الأخبار»، أن «خطوة الاحتجاج ستتلوها خطوات أخرى ما لم يتم التراجع عن هذا القرار الذي يعتبره المحامون غير دستوري، فكيف تصرح الحكومة بأن التلقيح اختياري بينما الجواز الصحي إجباري؟» يضيف المتحدث ذاته.
وكانت مراسلة صادرة عن رئاسة النيابة العامة ووزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، دعت إلى اعتماد «الجواز الصحي» للولوج إلى محاكم المملكة، مبرّرة ذلك بأهمية «تعزيز المكتسبات التي حققها المغرب في إطار الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا». وحسب رسالة مشتركة موجهة إلى رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، فإن الولوج إلى المحاكم أصبح يتوقف على الإدلاء بـ«جواز التلقيح»، لافتة إلى أنه سيتم السماح بفترة تحسيسية لغاية 20 دجنبر الجاري، بغية تمكين القضاة والموظفين وأعضاء هيئات الدفاع والمتقاضين ومرتادي المحاكم من الإدلاء بالجواز المذكور، ولذلك، دعت الوثيقة النقباء وكافة المحامين إلى «مساعدة المسؤولين بالمحاكم في الامتثال لهذا التدبير، وتحسيس موكليهم قصد الامتثال له، بما هو معهود في المنتمين إلى مهنة المحاماة من احترام للقانون، وامتثال لمقتضيات التنظيمات الإدارية والمهنية، وبما هو كفيل بحماية مرتادي المحاكم من آثار جائحة كوفيد».
من جانبه، قال محمد لطفي، الكاتب الوطني لنقابة العدل التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن “التلقيح حق اختياري ولا إكراه فيه، تفاديا للمس بالدستور والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، وبالتالي ففرض إلزامية الجواز مس بهذه الاختيارية”، يشير المتحدث، مضيفا أن “النقابة ترفض التعدي على أجور الموظفين بدون سند قانوني الذين يمكن أن يطولهم المنع من ولوج مقرات عملهم”، وشدد على أن “منع الموظفين والسادة القضاة والمحامين وباقي مساعدي القضاء والمرتفقين غير المتوفرين على جواز التلقيح من القيام بمهامهم بالمحاكم، بمثابة إنكار للعدالة ومس خطير بالحق في المحاكمة العادلة”.
ومن جهتها، شرعت العديد من الجماعات الترابية والأجهزة التابعة لوزارة الداخلية في فرض إجبارية «الجواز الصحي» على الموظفين والمرتفقين، في سياق الحملة المؤسساتية الساعية إلى إعادة تحسيس المواطنين بأهمية التوفر على الجواز المذكور، بهدف تشجيع المغاربة على تلقي الجرعة الثالثة من اللقاحات المضادة للوباء، فيما أشارت أرقام وزارة الصحة إلى أن حوالي مليون ملقح مغربي ضد كورونا أصبحت جوازاتهم لاغية بسبب عدم تلقيهم للجرعة الثالثة.