شوف تشوف

الرئيسية

جنود ضد كوفيد 19

هدى لبهالة
يخوض العالم حاليا حربا واسعة النطاق ضد عدو اختار أن يوحد الأشخاص في كل البقاع الجغرافية، رغم اختلاف عرقهم أو انتماءاتهم أو مكانتهم الاجتماعية، وغيرها من نقاط الاختلاف.
لطالما تميز التاريخ البشري بنوع من العدوانية، التي نجم عنها تزايد في عدد الأعداء ومن تم الدخول في حروب أهلية أو دولية، وفي جميع الحالات كان الأعداء يعرفون بأسمائهم أو أماكن تواجدهم. لكن ماذا عن عدو اختار أن يغير مجريات الأحداث؟
يعتبر كوفيد 19 أو فيروس كورونا اليوم الحدث الدولي الأبرز. أجبر بسرعة انتشاره الجميع على التزام منازلهم، والمكوث بها خلال فترة الحجر الصحي، التي جاءت كخطوة احترازية لابد منها، اتخذتها دول العالم لتجنب المزيد من الخسائر البشرية. هذه الأخيرة التي لازال فيها عدد الوفيات والإصابات في ارتفاع، في ظل غياب علاج فعال يفتك بجبروت هذا الفيروس وتسلطه، قبل أن يتمرد أكثر فأكثر فيجرد المزيد من الأشخاص من حياتهم أو حياة المحيطين بهم.
لم ينزل ساحة المعركة، إلا من انتمى إلى جهة رسمية، أو إطار طبي، أو جهاز أمني، أو إعلامي، أو تربوي، أو عامل نظافة، أو إطار بنكي، أو تاجر. كل شخص من هؤلاء الجنود أجبر على مغادرة منزله الأكثر أمانا في الوضع الراهن، والخروج بشكل يومي، تلبية لواجبه المهني، تاركا خلفه أما وأبا يدعوان له في ظهر الغيب دعوة تحميه، أو تاركا أطفالا اتخذوا شرفات المنازل نقطة تواصلهم مع العالم الخارجي، ويتحسسون بين الفينة والأخرى طقطقات حذاء قرب الباب، ومسامعهم تنتظر صوت مفتاح يكون فرجا لعتمة سكينتهم.
كم من زوجة لا تنفك عيناها تفارقان شاشة هاتفها، في انتظار اتصال أو رسالة نصية. كم من زوج يتمنى لو أن الواجب المهني اختاره بدلا من زوجته. يعاني المنتظر قسوة الانتظار إلى حين عودة من غادروا صباحا أو مساء، لمحاربة عدو في الخفاء. لا يعلمون هل يتربصون به أم يتربص بهم. قد يباغتهم في الهواء، أو داخل سيارة. قد يختبئ وراء مقبض باب، أو في أزرار مصعد، أو يندس وسط كومة ورق. يصبح كل شيء مثيرا للشكوك، حتى تواصل الأشخاص مع بعضهم، يتحول إلى أمر مريب سواء على الآخر أو من الآخر. تتغذى أفكارهم السلبية على حيزهم الإيجابي، حتى وإن لم تعكس ملامحهم رعبهم الداخلي، فهم حقا يتألمون .يحاولون لملمة قواهم، كي لا يهزم عدوهم رغبتهم في الانتصار، أو طمس أمنية العودة لحياة عادية، لا هاجس فيها من المجهول.
وفي انتظار أن تنجلي هذه الأزمة، لن تنسى ذاكرة التاريخ والبشرية جنودا تجندوا بضميرهم ودافعهم الإنساني مضحين بأنفسهم في سبيل الواجب المهني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى