حسن البصري
حين تقلصت المدة الزمنية للجموع العامة للفرق والتنظيمات الرياضية المغربية، وأصبحت أقل زمنا من شوط مباراة في كرة القدم، انسحبت الديمقراطية من الجموع.
حين غزت ظاهرة المرشح الوحيد الجموع العادية والاستثنائية، بيعت صناديق الاقتراع في أقرب «جوطية».
حين أصبح ممون الحفلات هو المتحكم الأول في توقيت الجموع العامة، نادى المصوتون بتقديم العشاء وتأجيل النقاش.
حين انسل مفوضون قضائيون بين منخرطي ومسيري الفرق المغربية، وانخرطوا في لعبة التصويت بالتصفيق، أصبحت المصادقة على التقارير مجرد لعبة تنتزع الإعجاب.
حين أضحى تقرير المراقب المالي نسخة مكررة من تقرير سابق، تبين أنه مجرد فزاعة في حقل الذرة.
تخلى المنخرطون عن دور المراقبة والتشريع داخل الفرق المغربية، وتحت أقدامهم سقط برلمان النادي وانكسرت مكبرات صوته.
وبعد أن استقال المنخرطون من مهمة محاسبة رؤساء الفرق، والتهبت أكفهم من شدة التصفيق المبرح، دخلت الهيئات الحقوقية على الخط، وأعلنت نفسها صوت الأغلبية الصامتة.
فقد وجه فرع منظمة حقوقية بمدينة برشيد شكاية إلى المجلس الأعلى للحسابات والنيابة العامة، يطالب من خلالها بالتحقيق في مالية فريق يوسفية برشيد. وتضمنت الشكاية مستندات تكشف عن اختلالات مالية سبقت الإشارة إليها في تقرير الخبير المحاسباتي للنادي، إضافة لكشوفات بنكية وفواتير موضوع المراسلة التي تم تحويل نسخ منها إلى النيابة العامة. الشكاية تؤكد سحب مبالغ مالية نقدا من الحساب البنكي للنادي.
حين وصلت القضية إلى المجلس الأعلى للحسابات، انتقل عبد السلام بلقشور إلى مدينة برشيد ولعب دور الخيط الأبيض في نزاع أولاد حريز.
الراسخون في علم الاجتماع القروي، قالوا إنه من غير المقبول أن يفصل دكالي في خلاف حريزي، واعتبروا محاولته سباحة ضد تاريخ القبيلتين.
في عاصمة عبدة استمعت الضابطة القضائية لأمن مدينة آسفي، لفاعل حقوقي حول مضامين شكاية سبق أن توجه بها الفرع الحقوقي الذي يرأسه، إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمراكش، قسم جرائم الأموال، حول شبهة «تلاعب وتبديد لمالية فريق أولمبيك آسفي»، قبل أن يشرع في الاستماع لباقي الأطراف.
وفي الدار البيضاء وجه منتدى لحقوق الإنسان رسالة إلى رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، يطلب منها حث قضاتها على افتحاص مالية فريق الرجاء الرياضي، والبحث عن لغز صرف سبعة عشر مليارا في أقل من أسبوعين.
هذه التقارير المالية، التي وصلت إلى المحاكم، تحمل مصادقة خبراء حسابات تؤدي الفرق أجورهم، أحدهم كان بالأمس مدقق حسابات الوداد فأصبح نائبا للرئيس.
في ظل هذا العبث يصبح مصير ملايين الدراهم رهين مصادقة برفع الأيادي والتصفيق، قبل أن يرفع منشط الجمع الجلسة ويدعو الحاضرين إلى حفل عشاء.
بالأمس كان الجمع العام يلتهم الساعات، اسألوا الوداديين عن جمع فندق السلام الذي كتب عنه «سلام هي حتى مطلع الفجر».
اليوم يمكن للمتتبع للشأن الكروي أن يعيش في ست ساعات وقائع أربعة جموع، وأن يكون شاهدا على عصر تحطيم أرقام قياسية غير مسبوقة في المصادقة.
تنسحب الحكامة من مقرات الجموع العامة، حين يصبح لكل فريق دين تشريعي، فيجمع في قاعة واحدة وساعة واحدة منخرطين مؤهلين للتصويت، أربعة جموع أو خمسة إن اقتضى الأمر. ما المانع إذا كان المصوتون رهن الإشارة وأكفهم جاهزة للتصفيق؟
لو توقف قضاة المجلس الأعلى للحسابات أمام بوابة ملعب أو مقر لناد، سيخرج الرئيس من الباب الخلفي، وسيحرض علبة هاتفه الصوتية على زجر كل سائل.
في منظومتنا الكروية هناك خلل اسمه «الإنزال» الذي يجعل لكل رئيس كتلة تبايعه وتصادق على تقاريره، حتى وإن أساء فهم عبارة «إذا فرغت فانصب».